كتاب وآراء

مراسلــــة من بــــوقـــانــــا .على هامش الزيارة إلى مدرسة “كم “.بقلم ذ.محمادي راسي

بقلم ذ.محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

مراسلــــة من بــــوقـــانــــا .

==================

على هامش الزيارة إلى مدرسة “كم “.

=====================

التاريخ : الثلاثاء 18اكتوبر 2022م.

الساعة : العاشرة والنصف صباحا .

في جو معتدل جميل ، واليوح ضوؤها ساطع لامع في الضحوة، كأن الصيف ما زال مستمرا، ونحن في فصل الخريف ، من جراء التغيرات المناخية والتقلبات الجوية ، ترجلت متجها إلى مدرسة “كم “وهي قريبة مني على مرمى حجر ، لأجل زيارة المكتبة ــ الحافلة (بيبليو/توبيس )،bibliotobiss وحبا في الاستطلاع والمعرفة وكسب المعلومات ، وأخذ رؤية واضحة ، وكسب تجربة مجدية ، وإن كان حب الاستطلاع أم البلاء ، استقبلت من طرف المسؤولين بترحاب حار ،وعلى رأسهم مديرة المؤسسة نادية بوهارو ،المديرة النشيطة في عملها، والمجدة الحازمة في تسيير مؤسستها في جو يسوده الانسجام التام والطاقم التربوي والإداري ،وفي مناخ الاحترام المتبادل ،والعمل الجاد المسؤول .

المكتبة توجد فوق حمولة الشاحنة وهيكلها ، ،صعدت إليها عن طريق الدرج، وبصحبتي المديرة التي أفادتني ببعض المعلومات بالمعاينة كما هو الشأن في لوحات وكتب ثلاثية الأبعاد ، ثم ما تشتمل عليه المكتبة من آلات وأجهزة ومعدات وجهاز تلفاز كبير ، وكتب بالفرنسية والعربية في متناول التلاميذ ، وألفيت المشرف على المكتبة السيد يوسف العروي منهمكا في شرح ما تحتوي عليه المكتبة للتلاميذ القادمين من بني شيكر ، ثم وضع نظارة الواقع الافتراضي على عينيّ ، لقد تعجبت مما رأيت لأول مرة ، وشعرت كأنني موجود فيما أشاهده وأعاينه وأراه ، نسيت محيطي وزماني ومكاني ، كأنني حاضر في باريس العاصمة ،بشوارعها وعماراتها وحركة السير من رجال وسيارات وأمام برج إيفيل العملاق ،والصعود في المصعد ، وإخالني أنني في عالم واسع الأرجاء ، بل كأنني طفت أرجاء باريس وأنا واقف في مكاني فوق حمولة الشاحنة الكائنة بجوار مدرسة “كم” ببوقانا .إنه نشاط ترفيهي يجب توظيفه في الأنشطة الموازية للتعليم ،لإدخال التلميذ في ثلاثيات الأبعاد بواسطة ألعاب الواقع الافتراضي ، إنها تقنية إدماج الواقع بالخيال ، والسفر إلى جهات أخرى وأنت جالس أو واقف ، ويشتمل أيضا الواقع الافتراضي على المتاحف العالمية إلى جانب ألعاب العوالم الافتراضية الإلكترونية ،ولوحات وكتب ثلاثية الأبعاد ، وكذلك يقوم التلاميذ بتركيب الربوتات المبرمجة عبر اللوحة ، إنها تسلية ترفيهية تربوية فريدة من نوعها ، ما دام الطفل يتعلم وهو يلعب .

هذا الحدث الثقافي الترفيهي التربوي من تنظيم المعهد الفرنسي بشراكة مع مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية مدارس “كم”،وقد وقع الاختيار على مدرسة “كم”ببوقانا ، وفيما يلي ؛ البرنامج المسطر لزيارة المكتبةــ الحافلة ؛ 1) تعطى الأولوية لجميع مدارس “كم “بالإقليم . 2)ـــ المدارس العمومية. 3)ـــ الجمعيات .4)ـــ المكتبة ــ الحافلة ؛ ستمكث بجوار مدرسة “كم” شهرا كاملا .

انطبـــاعـــات و ارتسامـــات

==================

1)ـــ لم أكن غريبا عن المدرسة ، غريب اليد واللسان، ولم أنزل ضيفا ثقيلا ،وأنا أطأ ساحتها أثناء الزيارة ، فقد زرتها حين تم تدشينها ،وفي بعض المناسبات ، المديرة الحالية حفيدة عمي، وأبوها ابن عمي كان مديرا سابقا في إحدى مدارس التعليم العمومي رحمه الله برحمته الواسعة ، والحارس ميمون بوكرين ليس بغريب عني ،يمر بمنزلي يوميا ،يبدي التحية والسلام من بعيد ، رجل متواضع بشوش ،يحترم الناس ، قليل الكلام ، والحارس الجديد إلياس الحموتي من المعارف ،وسررت كثيرا حينما وجدت الأستاذ إلماس بنعقية أستاذا بالمؤسسة لمادة اللغة الأمازيغية وهو جاري القديم ،ومن تلامذتنا سابقا ،أرجو له النجاح والتوفيق في الحياة العملية . فكانت الزيارة زيارة مباركة ميمونة ، ومناسبة مفيدة ، تعرفت على القائمين بالمكتبة ، وأخذت نظرة على نظارة العالم الافتراضي .

2)ـــ لا بد من توجيه الشكر للأساتذة العاملين بالمؤسسة ذكورا وإناثا ، فقد وجدت الساحة الشاسعة نظيفة ، والأقسام منضبطة أثناء الدراسة بدون ضجيج وصخب ،تمر العملية التعلمية التعليمية في هدوء واستفادة ، فقد لاحظت مواهب في المسرح والغناء وفي الرسم من خلال مشاركة التلاميذ البراعيم في الاحتفالات السابقة بفضل إشراف أساتذتهم ،بمناسبة حصول المؤسسة على اللواء الأخضر الدولي كباقي المدارس الإيكولوجية ، وفي ميدان النشاط الدراسي بعض التلاميذ وصلوا إلى الدراسة الجامعية في مختلف الشعب ، ومنهم من استكمل الدراسة ونال الشهادة العليا ، وهذا شيء محمود ومشكور ، ولا ننسى دور الآباء في إرسال أبنائهم إلى المؤسسة للتحصيل ،لهم مني الشكر على هذه المبادرة الطيبة المجدية من أجل مستقبل أبنائهم .

3)ـــ يلزم إنشاء مكتبة عامة للأطفال والتلاميذ والكبار، للقضاء على الأمية والجهل ، لتصريف الوقت الثالث في تثقيف العقل ،وتهذيب النفس ،وكسب معلومات مختلفة ،وتجارب متباينة نافعة ،ومعرفة أخبار الأمم السابقة لأخذ العبرة ،وكسب التجربة والخبرة …

4)ــ إنشاء ناد للأطفال ولما لا للكبار ؟ ، للعب الشطرنج و”أبرتشي” و”الداما ” و”الدومينو” لأجل استخدام العقل والذاكرة قصد التركيز والوقاية من الزهايمير .

5)ـــ إنشاء ملعب لكرة القدم لعقد مباريات ومنافسات شريفة بين المداشر والأحياء ، هذه الأنشطة وغيرها المذكورة آنفا الهدف منها هو؛إبعاد الشباب والأطفال عن تناول السموم الفتاكة التي تفضي إلى السجون والأمراض العقلية والمستشفيات ، بغض النظر عن الإدمان باستخدام الهواتف لساعات طويلة ،فاليوم لا نملك ثقافة واسعة ،ولا نحفظ أشعارا كثيرة ، ولا شواهد في اللغة والحديث والقرآن ،ولا حكما وأقوالا ونوادر وملحا وطرفا ،وهلم جرا وردفا ونعتا ، بعلة غياب القراءة التي تكون الإنسان وتهذبه ، فماذا تنتظر من عقل فارغ ، ومن قرملة ورويبضة .؟؟؟، فالثقافة هي ما يبقى في الرأس من معلومات ،وليس ما في القمطر ، والمثقف دوره سبر أغوار المجتمع وتحليل أسس بنيته ….

5)ــ المؤسسة تعاني من انعدام الماء، فتواجد الماء بالمؤسسات ضروري ،لأنها عبارة عن مجتمعات صغيرة ، تحتاج إلى الماء أكثر من حيث النظافة ؛ نظافة البهو والحجرات والمراحيض وغيرها…ومن شعارات المؤسسة ؛ المقولة القديمة المشهورة ؛”النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان ” ، والآية القرآنية الكريمة الحكيمة ،”وجعلنا من الماء كل شيء حي ” صدق الله العظيم ، يلزم الحفاظ على الماء لأنه من العناصر الأربعة المهمة ، والعالم بأسره يعاني اليوم من ندرة الماء، والإنسان بدأ يشعر بقلة الماء ،ويحس ويشعر بقيمته ودوره ، لأنه يهمل قيمة الأشياء الأساسية الضرورية ، بسبب غروره وتبجحه وأنانيته ونرجسيته وحبه للحروب ،لتحقيق الشهرة الزائفة ،والعظمة الزائلة ….

6)ـــ القراءة غذاء للعقل والنفس ،هي تواصل وتفاهم وثقافة وحضارة ومعرفة ،وتعرف على تاريخ الأمم السابقة والحاضرة ، فكبار المربين يحثون على القراءة ثم القراءة ، فلا بد من تحفيز التلاميذ على القراءة من خلال المكتبات العامة القارة والمتنقلة ، فالدول المتقدمة توزع الجرائد مجانا ، وتخصص مكتبات متنقلة لتقريب الكتب من المواطن المتواجد في الأماكن النائية ، وحتى بعض سكان العمارات يفردون مكانا قريبا من باب العمارة لوضع كتبهم في مكان مخصص ليقرأها المارة والجيران ، وكذلك سيارة الأجرة ؛ فيها كتب يقرأها الراكب للاستفادة في قطع تلك المرحلة وهو ذاهب إلى التسوق أو العمل ، أو راجع إلى المنزل .

7)ـــ لابد من إنشاء دار للمرأة لمحاربة الأمية ، ثم لتتعلم ما يتعلق بالخياطة والطرز وغيرهما . وكما قال شوقي في أمية النساء ؛

وإذا النساء نشأن في أمية // رضع الرجال جهالة وخمولا .

8)ــ مدرسة “كم “ببوقانا تتوفر على الحافلة المدرسية في إطار النقل المدرسي المخصص للمؤسسات التعليمية ،لتسهيل المواصلات ،وتشجيع التلاميذ على الدراسة تفاديا للهدر المدرسي الذي ينتج عنه تسكع بعض الأطفال في الشوارع ،ومصاحبة الأشرار بسلوكات سلبية وخيمة .

حافلة مدرسة بوقانا تقوم بدور هام ،يتجلى في نقل التلاميذ من بوقانا إلى بني انصار ، ومن بني انصار إلى بوقانا ، تلاميذ يسكنون في بني انصار ويقرأون في بوقانا ، وفي هذا النقل يتعلم التلاميذ آداب الركوب والنزول بنظام وانتظام وهدوء ، وينعمون بالمناظر الطبيعة الجميلة ،وهم يتجهون إلى المدرسة الابتدائية ببوقانا ،وإلى الثانوية الإعدادية والتأهيلية ببني انصار، ولا ننسى سائق الحافلة أنور بوجندير الذي يؤدي دوره التربوي أثناء نقل التلاميذ ، فهو أستاذ خارج جدران المدرسة ، ينقل التلاميذ بسياقة فيها لباقة وكياسة ، فيها أمن وأمان.

وللسلامة أكثر؛ لابد من تهيئة وإصلاح الطريق من جديد، لقد مرت سنتان على إصلاحه ،ولكن تعرض للاهتراء والتآكل ،وفيه حفر من جراء كثرة السير خلال هذا الصيف الذي عرف السياح والمصطافين بكثافة وخصوصا بعد فتور جائحة كورونا .

وبعد ؛هذه زيارة خاطفة خفيفة ،استغرقت عشرين دقيقة ،ولكنها كانت ثقيلة في الحصيلة مفيدة مجدية ، فالفائدة في الكيف وليست في الكم ،وفي الزيارات لابد من توجيه الأسئلة والاستفسار عن الأشياء المعروضة ، وتدوين المعلومات في كناش صغير من معلومات ومصطلحات .. لتبقى راسخة في الذهن ،وألا نمر مر الكرام ، علينا ألا نستهين ونستخف من الأمور البسيطة ربما فيها فوائد كثيرة ،أكثر من مهرجان فيه الصخب والعويل والصياح والعشوائية والهرج والمرج ، تلكم الأصوات التي تزعج السمع ، وتزعزع العقل ،وتقلق النفس …

 

 

 

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار