البديل الوطني

مداخلة الأخ علال العمروي رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في مناقشة مشروع القانون المالي 2025

جريدة البديل السياسي – مراسلة

 

البعد السياسي:

جلسة: 14 نونبر 2024

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛

السيد الرئيس؛

يطيب لي أن أتناول الكلمة، باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في مناقشة مشروع القانون المالي للسنة المالية 2025.

وقبل الشروع في هذه المناقشة، اسمحوا لي أن أتقدم بأحر التهاني والتبريكات لأعضاء الحكومة في صيغتها الجديدة كما تفضل جلالة الملك نصره الله وأيده بتعيينهم، سائلين الله أن يمدهم بالعون والتوفيق في مهامهم فيما تبقى من الولاية الحكومية،  و تكون بعون الله و قدرته دفعة قوية للعمل الحكومي من اجل مواصلة استكمال الالتزامات والتعهدات التي تضمنها البرنامج الحكومي، بكل ما تتطلبه هذه الفترة، من ارادة قوية لمواجهة التحديات المطروحة وربح رهان انجاح هذه التجربة الحكومية المتميزة بالانسجام والتعاون والتضامن والتكامل لما فيه خدمة المصالح العليا للوطن تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله وأيده.

ولهذه الغاية، ستجد الحكومة في الأغلبية النيابية، المساندة الكاملة بهدف المرور للسرعة القصوى في المسافة الأخيرة، باعتماد التدابير والاجراءات الاكثر نجاعة تكون قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات والاكراهات، ومواكبة تطلعات المغاربة التي يزداد سقفها يوما بعد يوم.

السيد الرئيس؛

نناقش هذا المشروع في ظل احتفال الشعب المغربي من طنجة الى الكويرة بذكرى عزيزة على قلوبنا، المسيرة الخضراء المظفرة التي ابدعها الراحل جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، لتظل مفخرة  لنا كمغاربة ومحطة تاريخية بما حملته من رسائل ذات دلالات عميقة تؤكد مدى استعداد كل المغاربة، كل المغاربة للتضحية بالغالي والنفيس من اجل استكمال الوحدة الترابية، إيمانا منهم بعدالة قضيتهم، كما أكد على ذلك جلاله الملك بهذه المناسبة في خطابه السامي على ان المغرب قد تمكن من ترسيخ واقع ملموس وحقيقة لا رجعة فيها قائمة على الحق والمشروعية والالتزام بالمسؤولية،

كما يتجلى ذلك بوضوح من خلال تشبت أبناء الصحراء بوطنهم المغرب، وتعلقهم بمقدسات الوطن،

وكذا النهضة التنموية والامن والاستقرار، الذي تنعم به هذه الاقاليم الجنوبية؛

كل هذا يكرسه الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية الكاملة 114 دولة؛

في الوقت الذي لازال فيه عالم اخر منفصل عن الحقيقة يعيش على اوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن، كطرح الاستفتاء، رغم تخلي الامم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، لأنه في نفس الوقت، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم كرهائن لذى جماعة، من صناعة دولة جارة  مع الأسف، الجزائر، جماعة تصنف كمنظمة إرهابية حسب معايير دولية، تقوم بتهريب المساعدات الانسانية حسب تقارير دولية، تختطف أطفال من حضن أمهاتهم و تنقلهم الى وجهات خارجية، تجند الاطفال)، و تحتجز هذه الساكنة في ظروف يرثى لها، من الذل والاهانة، والحرمان من أبسط الحقوق،

طبعا هؤلاء يقومون باستغلال هذه القضية للتغطية على مشاكلهم الداخلية الكثيرة؛ و قد دعا جلالته الامم المتحدة لتحمل مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي الذي يمثله المغرب في صحرائه وبين عالم متجمد بعيد عن الواقع وتطوراته.

وبالمناسبة اشاد جلالته بروح الوطنية التي يتحلى بها المغاربة المقيمون بالخارج، وبالتزامهم بالدفاع عن مقدسات الوطن، والمساهمة في تنميته، ونغتنم هذه الفرصة للتنويه بقرار إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج،

هذه السنة تميزت أيضا بالتطورات الإيجابية والانتصارات الدبلوماسية المتوالية بخصوص قضيتنا الأولى، بفضل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله وايده، والمتمثلة اساسا في القرار الأخير 2756 لمجلس الامن الدولي، بما تضمنه من رسائل واضحة قوية داعمة لموقف المملكة المغربية وتعزيز المكاسب التي حققتها في اطار سعيها الحثيث للوصول الى حل سياسي ودائم لهذا النزاع الاقليمي المفتعل على اساس مبادرة الحكم الذاتي في اطار السيادة الوطنية الكاملة، وتجاوز جميع الاطروحات غير الواقعية التي لا زالت تتشبت بها الجزائر، بعدما اصبحت من الماضي.

في هذا الاطار، نسجل باعتزاز كبير النتائج المثمرة والشراكة المتطورة والتعاون المتميز التي أسفرت عنها زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي للمملكة المغربية بدعوة كريمة من عاهل البلاد، بما فتحته من  رؤية جديدة لمسار العلاقات المغربية الفرنسية المتجدرة عبر التاريخ، في مختلف المجالات الاستراتيجية وبأبعادها المتعددة،

ويبقى علينا الاستغلال الأمثل لهذه التطورات الإيجابية التي عرفتها قضية الوحدة الترابية؛ حكومة و برلمان و أحزاب و فعاليات مدنية، بمواصلة الجهود للتصدي لخصوم وحدتنا الترابية وتعزيز حضور المغرب في المحافل الدولية والقارية من أجل التعريف بالقضية الوطنية أمام الدول التي لا زالت لم تعترف بعد بعدالة قضيتنا، أو غير مطلعة على الملف؛

و يبقى تعزيز الدبلوماسية  البرلمانية أمر أساسي حتى تكون واجهة حقيقية للدفاع عن قضية وحدتنا الترابية في مختلف المحافل العالمية، بما فيها الاتحادات البرلمانية الدولية منها والقارية، خاصة الافريقية منها، بمواصلة تقوية الحضور المغربي داخل البيت الافريقي وترسيخ الاندماج المغربي- الافريقي كما أكد على ذلك جلالة الملك،

السيد الرئيس؛

نناقش مشروع الميزانية السنوية في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية ودمار شامل والحرمان من أدنى مقومات العيش من ماء وكهرباء وأغدية وأدوية، ولا يسعنا بهذه المناسبة الا أن نندد بهذا العمل الوحشي الذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونعلن تضامننا المطلق مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، ودعمنا الكامل للسلطة الفلسطينية، و الحكومة اللبنانية ضد الاعتداء على اراضيهما،

ولا يسعنا الا أن نثمن عاليا المجهودات الكبيرة التي تقوم بها لجنة القدس برئاسة جلالة الملك بالأراضي الفلسطينية، من أدوار طلائعية لا في ما يخص المساعدات المباشرة و لا فيما يخص دعم البنيات الاجتماعية و الثقافية للحفاض على استمرار الهوية الفلسطينية، في الوقت الذي ظل فيه دور جامعة الدول العربية، و منظمة المؤتمر الإسلامي، و حتى المنتظم الدولي بكل روافده، بقي دورهم محدودا أمام حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني واللبناني. نطالب بوقف عمليات الاستنزاف والتهجير التي يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من المدنيين العزل وأن يتحمل المنتظم الدولي مسؤوليته كاملة.

السيد الرئيس؛

تعد الميزانية السنوية احدى الأدوات التشريعية الأساسية لتدبير الشأن العام وتنزيل السياسات العمومية في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك التوجهات الكبرى للسياسة المالية.

وهذا ما جعل الحكومة، منذ تنصيبها في 2021، تحرص كل الحرص على جعل هذه الميزانيات السنوية أداة لترجمة مضامين وتوجهات البرنامج الحكومي الذي على أساسه نالت ثقتنا بمجلس النواب، لتعكس بذلك الأولويات التي تحددها والتي تستجيب لمتطلبات المرحلة وتحدياتها ورهاناتها، و هي المعلنة كالتالي

  • مواصلة تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية
  • توطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل
  • مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية
  • الحفاظ على استدامة المالية العمومية

ان قراءة متأنية وموضوعية لهذه الأولويات والتدابير المواكبة لتنزيلها تؤكد بحق مدى التزام الحكومة بتعبئة جميع الموارد والطاقات حتى تكون في الموعد مع المواطنين ورهانات مغرب اليوم والغد الأفضل، وذلك على الرغم من الاكراهات الصعبة و المعروفة كالتي تفرضها تداعيات السياق  الدولي وانعكاساته السلبية على الاقتصاد العالمي،

وكذا الظرفية الصعبة التي لازالت تعرفها البلاد نتيجة استمرار تداعيات المتغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على القطاع الفلاحي بعد سنوات متوالية من الجفاف، لا زالت تلقي بظلالها على الفلاحين وساكنة العالم القروي، التي تعتبر المداخيل الفلاحية مصدر عيشها

وكذا انعكاساتها السلبية على الأمن المائي الى جانب مخلفات زلزال الحوز الذي ضرب بعض المناطق المغربية؛

علاوة على تداعيات الفيضانات والسيول الجارفة التي ضربت بعض المناطق بالجنوب الشرقي للمملكة وخلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة، وما قامت به الحكومة من مجهودات في إطار برنامج يروم إعادة تأهيل هذه المناطق المتضررة خصص له غلاف مالي يقدر ب 2.5 مليار درهم، بالإضافة الى تعبئة جميع الوسائل البشرية واللوجيستيكية وجندت مختلف القطاعات الحكومية المعنية لضمان التنزيل السليم والناجع وبالسرعة المطلوبة لهذا البرنامج.

ويبقى التحدي الأكبر لربح هذه الرهانات هو تسريع وتيرة عملية التنزيل السليم لهذه الأولويات، وتجاوز الصعوبات والاكراهات المطروحة، خاصة فيما يتعلق بتحقيق نمو اقتصادي قادر على خلق الثروة والقيمة المضافة وفرص الشغل؛ و تحقيق توازن اجتماعي يجسد بحق العدالة المجالية والاجتماعية، اصلاح منظومة التقاعد، ليشمل جميع المغاربة الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة؛ و بهذا سنضمن الاستمرار في تنزيل التغطية الاجتماعية الشاملة، اصلاح منظومة الأجور لضمان العدالة الأجريةّ، و التي بالمناسبة عرفت تطور ايجابي في ظل هذه الحكومة؛ اصلاح قانون الشغل، خاصة من حيث إعادة النظر في مدونة الشغل وإخراج قانون النقابات الى حيز الوجود؛ تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، تعميم النظام الاجباري عن المرض ليشمل جميع المواطنين، بما فيهم المهن الحرة المطلوب منها الانخراط في هذه المنظومة الصحية و المطلوب التواصل اكثر معها لضمان انخراطها، تعزيز السيادة الوطنية في المجالات الاستراتيجية الغذائية منها والطاقة والصحة والصناعة، إلى جانب ضمان الأمن الغدائي؛ التحديات المرتبطة باستضافة بلادنا للتظاهرات الرياضية المقبلة، خاصة منها كأس أمم افريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

السيد الرئيس؛

نناقش هذا المشروع في الوقت الذي لا تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بأعضاء مجلس النواب، الا سنة ونصف، وضرورة استحضار المسار الديمقراطي بالبلاد، بما يحمله من تقوية الممارسة الديمقراطية المبنية على مؤسسات منتخبة على الصعيد الوطني الجهوي الإقليمي والمحلي، وتساهم في ترسيخ البناء الديمقراطي وتكريس الديمقراطية المحلية وتسريع عملية الانتقال الى الجهوية المتقدمة حتى تصبح بذلك هذه المؤسسات شريكا حقيقيا للدولة في المسار التنموي،  بعدما جاء المشروع برفع حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة من 30% الى %32%، بهدف تحسين الموارد المالية لهذه المؤسسات المنتخبة حتى تتمكن من القيام بالمهام المنوطة بها على الوجه المطلوب، في أفق  اعادة النظر في نظام الجبايات المحلية بهدف تعزيز مواردها المالية والرفع من مواردها الذاتية.

وفي هذا السياق. لابد من التأكيد على دور الأحزاب السياسية في تعزيز الديمقراطية التمثيلية وتأطير المواطنين وتكوينهم السياسي وضمان انخراطهم في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام والمشاركة في ممارسة السلطة، بعيدا عن أي تبخيس للعمل السياسي ودور المؤسسات المنتخبة، مع ضرورة استحضار ظاهرة العزوف السياسي وإشكالية المشاركة في العملية الانتخابية وما يتطلب ذلك من ضرورة إعادة الاعتبار للعمل السياسي وتعبئة المواطنين من أجل المشاركة الفعالة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

و في الأخير

فإلى جانب الأمن المائي، الأمن الغذائي، الأمن الطاقي، الأمن الصحي، يظل ترسيخ الأمن الروحي احدى الرهانات الكبرى من أجل بناء مجتمع المعرفة والقيم الدينية والأخلاقية والمجتمعية، والعمل على تحصينها والتمسك بالهوية الوطنية والإنسية المغربية والتنشئة على التشبث بالثوابت الوطنية الراسخة لمواجهة مظاهر العولمة والغزو الثقافي والاستلاب الفكري وتداعيات مواقع التواصل الاجتماعي، الى جانب تخليق الحياة العامة بكل أبعادها في إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، كما حرصت الحكومة على مواصلة تنفيدها.

وسأكتفي بهذا القدر على أساس أن يستكمل الأخ و الأخت بقية المداخلة في مناقشة هذا المشروع ببعديه الاقتصادي والاجتماعي.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار