مأساة النساء الحوامل في إقليم سيدي بنور: صراع مرير ضد الزمن والحياة.
نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي
في إقليم سيدي بنور، الذي يعاني من نقص حاد في الخدمات الصحية، تتحول حياة النساء الحوامل إلى معركة مستمرة، ليس فقط من أجل الحياة، ولكن أيضًا من أجل الحق في رعاية صحية أساسية تكفل لهؤلاء النساء ولادات آمنة.
قسم الولادة بالمستشفى المحلي، الذي من المفترض أن يكون ملاذًا للحماية والاطمئنان، أصبح بؤرة لمعاناة لا تُحتمل، حيث تواجه النساء تحديات كبيرة قد تجعل من ولادتهن مجرد لعبة حظ، تتقلب بين الحياة والموت بسبب نقص التجهيزات الطبية الأساسية، واكتظاظ الأسرّة، وقلة الأطباء المتخصصين.
. وضع كارثي يهدد حياة الأمهات وأطفالهن كل صباح، تتوافد النساء الحوامل إلى قسم الولادة، ولا يعرفن مصيرهن أو مصير أطفالهن.
القسم يغرق في الفوضى، حيث يفتقر إلى أبسط المعدات الطبية، وتصبح الحياة في مهب الريح مع كل دقيقة تمر.
الأسرة المتاحة لا تكفي، والتكدس يزداد مع مرور الوقت. العديد من النساء يضطررن للسفر إلى مدن بعيدة مثل الجديدة، محملات بكلفة مالية باهظة تزيد من عبءهن.
إن الفقر يحاصرهن من كل جانب، والسؤال الذي يطرحنه هو: “من أين لنا هذا؟” في ظل العوز والحاجة الشديدة لرعاية صحية تتلاءم مع أبسط معايير الإنسانية. الممارسات غير الأخلاقية والانتهاكات اليومية خلف هذه المأساة الإنسانية، يتم التعامل مع النساء الحوامل من قبل بعض العاملين في القسم وكأنهن مجرد أرقام أو أعباء ثقيلة.
تُمارس عليهم ضغوط نفسية وابتزازات لا إنسانية من بعض الممرضات والقابلات اللاتي يفترض بهن أن يكن “ملائكة الرحمة”.
ولكن في الواقع، هناك ممارسات مروعة تحدث يوميًا. بعض النساء يتعرضن للتهديد بالتحويل إلى مستشفيات بعيدة في حالة عدم دفع مبالغ مالية تحت الطاولة، قد تصل إلى 1000 أو 1500 درهم، كرشاوى غير قانونية. اللغة السائدة في هذا القسم هي “لغة فهم راسك”، حيث يُجبر العديد من النساء على دفع أموال لا قدرة لهن على تحملها، تحت تهديد التعرض للإهمال أو حتى الطرد.
الضغوط الاقتصادية والاجتماعية: عبء مضاعف على الأسر الفقيرة الضغط المالي لا يقتصر فقط على تكاليف السفر إلى مستشفيات بعيدة، بل يمتد ليشمل مصاريف العلاج، الأدوية، والفحوصات، التي تثقل كاهل الأسر التي تعاني أصلًا من الفقر المدقع.
تراكم الديون بسبب هذه النفقات غير المتوقعة يزيد من معاناة هذه الأسر، حيث يصبح البعض في مواجهة مع أزمة مالية خانقة لا سبيل للهروب منها.
نداءات للتحسين: الإصلاحات ضرورة عاجلة وسط هذه المعاناة اليومية، تصاعدت الأصوات المطالبة بتحسين الوضع الصحي في الإقليم. هناك حاجة ملحة لتوفير الإمكانيات الطبية الأساسية في المستشفى الإقليمي، وتوظيف الأطباء المتخصصين، كما أن العمل على تحسين البنية التحتية للمستشفيات وتوفير التدريب اللازم للممرضات والقابلات يعد أمرًا لا بد منه. لا يمكن أن تستمر هذه المعاناة في ظل هذه الظروف القاسية. وفي الوقت ذاته، يجب رفع رواتب العاملين في القطاع الصحي لتشجيعهم على الاستمرار في تقديم الرعاية وسط هذه التحديات.
خطاب ملكي يشير إلى الطريق: تحسين أوضاع الصحة في المناطق النائية في خطابه بمناسبة عيد العرش لعام 2020، أكد جلالة الملك محمد السادس على ضرورة تحسين الرعاية الصحية في المناطق النائية، مشددًا على أن “التنمية البشرية تمثل أولوية استراتيجية” وأن الرعاية الصحية يجب أن تكون متاحة لجميع المواطنين.
هذه الرسالة الملكية تمثل دعوة لإصلاح حقيقي في قطاع الصحة، حيث يجب أن تكون صحة الأمهات الحوامل جزءًا أساسيًا من هذا الاهتمام الملكي. الدستور المغربي: الحق في الصحة حق دستوري ينص الدستور المغربي لعام 2011 في فصليه 31 و34 على أن لكل مواطن الحق في الصحة، وأن السلطات العمومية ملزمة بتوفير الرعاية الصحية لجميع المواطنين، وخاصة الفئات الهشة مثل النساء الحوامل.
هذه الحقوق الدستورية تفرض على الدولة توفير رعاية صحية لائقة في جميع مناطق المملكة، بما في ذلك المناطق التي تعاني من نقص حاد في الإمكانيات.
البرامج الحكومية: استجابة جزئية لمشاكل صحية كبيرة في سياق سعي الحكومة لتحسين الوضع الصحي، توجد بعض البرامج الحكومية مثل البرنامج الوطني للوقاية من وفيات الأمهات والأطفال، الذي يهدف إلى تحسين الرعاية الصحية في المستشفيات.
كما تم إصدار مرسوم 2.16.336 بشأن التغطية الصحية الشاملة للنساء الحوامل.
ولكن تبقى هذه البرامج غير كافية أمام حجم الأزمة الراهنة. استجابة عاجلة وملحة: حياة النساء الحوامل في خطر إن معاناة النساء الحوامل في سيدي بنور ليست مجرد قضية محلية أو إقليمية، بل هي قضية وطنية تستدعي استجابة فورية.
يجب أن تتضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني لتوفير الرعاية الصحية اللازمة لجميع النساء الحوامل، وخاصة في المناطق النائية. فقط من خلال تنفيذ الإصلاحات اللازمة، يمكن ضمان حياة صحية وآمنة للأمهات وأطفالهن، وألا تضيع أرواح بريئة نتيجة الإهمال والتقصير.
إن التأخير في اتخاذ الإجراءات الضرورية قد يعني فقدان المزيد من الأرواح، وهي خسائر لا ينبغي أن تتحملها أمهات يعشن ظروفًا قاسية وأوضاعًا غير إنسانية.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار