جريدة البديل السياسي
أنهى فريق الجيش الملكي لكرة القدم مشاركته الإفريقية على الرغم من فوزه على ضيفه بيراميدز المصري بهدفين نظيفين، على أرضية الملعب الشرفي بمكناس، برسم إياب ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا، بعدما خسر في مواجهة الذهاب بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد بملعب الدفاع الجوي بالقاهرة، ما فوت على «العساكر» فرصة بلوغ المربع الذهبي، مانحا بذلك أول عبور للفريق المصري إلى دور نصف النهائي في تاريخه، فيما كان الفريق العسكري بحاجة إلى هدف إضافي لمواصلة مغامرته في دوري الأبطال. وتعددت أسباب الإقصاء رغم أن الفريق العسكري كان بإمكانه العبور دون حسابات ضيقة.
أسباب الإقصاء
لم يكن خروج الجيش الملكي من دوري أبطال إفريقيا مجرد إقصاء عادي، بل جاء بعد مواجهة ملحمية ضد بيراميدز المصري، شهدت صراعا تكتيكيا وبدنيا قويا حتى الأنفاس الأخيرة من عمر مباراة الإياب. ويظل إقصاء «العساكر» مؤلما، لكنه يطرح تساؤلات جوهرية حول أسباب الخروج وما يحتاجه الفريق ليصبح أكثر قدرة على المنافسة القارية مستقبلا.
يرى كل المهتمين بالشأن الكروي الوطني أن نتيجة مباراة الذهاب كانت العامل الحاسم في تحديد مصير الفريقين، إذ جعلت بيراميدز يدخل المواجهة بأفضلية مريحة، فيما وضع «الزعيم» أمام تحدٍّ صعب للغاية، تطلب منه تسجيل ثلاثة أهداف على الأقل دون تلقي أي هدف. الإقصاء اعتبر، أيضا، نتاج أخطاء دفاعية ارتكبت من قبل الفريق العسكري، سيما وأن الأهداف المبكرة التي تلقاها غيرت مسار المواجهة بالكامل وشكلت عاملا مؤثرا، فيما لم يترك الفريق المصري أي سبيل للجيش لفرض أسلوبه بشكل كامل في المباراة.
هذا وتفاعلت جماهير الجيش، عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، مع الإقصاء، وأجمع الكل على أن الفريق لا ينقصه الكثير ليكون أكثر تنافسية على المستوى القاري، إلا أنه بحاجة إلى بعض التحسينات في جوانب تكتيكية معينة، إضافة إلى تعزيز خبرة لاعبيه في الأدوار الإقصائية أمام فرق قوية وبخبرة إفريقية، خصوصا وأن الأداء في الإياب كان مشرفا ويعكس أن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح، في ظل الإكراهات التي يعاني منها، كونه يستقبل مبارياته في ملعبين مختلفين وخارج القواعد، ما يفوت عليه فرصة الاستفادة من جماهيره العريضة واللعب على أرضية اعتاد التنافس عليها، بعدما أغلق المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط استعدادا لاحتضان التظاهرات الكروية القارية والعالمية.
اختيارات سانتوس الغامضة
أثارت اختيارات المدرب البرتغالي ألكسندر سانتوس، في المباراة ضد بيراميدز المصري عن ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال، الكثير من الجدل، بل هناك من ربطها بإقصاء الجيش الملكي من المسابقة الإفريقية، كونه عاد بهزيمة قاسية من «أرض الكنانة» وبشكل صادم، سيما أمام العرض الذي قدمه أصحاب الأرض و«الضيافة». وشكلت بعض اختيارات سانتوس، التي خاضت مباراة الذهاب، أبرز نقاط ضعف «العساكر» سواء على مستوى خط الدفاع أو الوسط الهجومي، باعتماد قلب دفاع مكون من العربي الناجي وحاتم الصوابي، استغله مهاجمو بيراميدز بشكل جيد، فضلا عن كون الأخير اختار جهته اليسرى التي يتواجد بها المدافع الطيب بوخريص للضغط بقوة على دفاع ممثل كرة القدم المغربية، وفي المقابل غابت ردة فعل الفريق العسكري، وانعدمت معها الحلول الهجومية، باستثناء هدف المهاجم عبد الفتاح حدراف، خاصة وأن المدرب سانتوس فضل الاحتفاظ بأمين زحروح، صانع الألعاب، على كرسي الاحتياط، في قرار أثار الجدل وسط الأنصار والجماهير، باعتبار اللاعب أحد أهم مفاتيح لعب فريق الجيش الهجومية.
وفي مباراة الإياب، فطن الطاقم التقني العسكري إلى مكامن الخصاص، حيث بادر بإقحام أنس باش مكان بوخريص لإغلاق الجانب الدفاعي الأيمن، وأعاد ثنائية قلب الدفاع المتكونة من الصوابي والكونغولي هينوك إينونغا، واستعان بحماس زحزوح مكان أحمد حمودان، ما مكن الجيش من الظهور بشكل مختلف تماما عن مباراة الذهاب.
لعنة الإصابة ساهمت في «الإقصاء»
اضطر المدرب البرتغالي ألكسندر سانتوس إلى القيام بتغييرين اضطراريين في مباراة بيراميدز الأخيرة، بعثرا كل أوراقه التقنية، سيما وأن التغييرين طالا خط الدفاع، ما حدّ من حلول «العساكر» الهجومية في مباراة كان يأمل منها الجيش الملكي تحقيق الفوز بمجموع ثلاثة أهداف نظيفة على أقل تقدير، لأجل تأمين التأهل إلى المربع الذهبي لدوري أبطال إفريقيا.
وتعرض الكونغولي هينوكا إينونغا، مدافع الجيش الملكي، لإصابة قوية اضطر معها إلى مغادرة أرضية الملعب الشرفي بمكناس، إثر شعوره بانزعاج عضلي، ما دفع المدرب البرتغالي إلى تعويضه بزميله أكرم النقاش في حدود الدقيقة 28، حيث غادر إينونغا أرضية الملعب بحسرة كبيرة بسبب عدم قدرته على إكمال المواجهة.
بدوره لم يكمل الأنغولي أوغوستو كارنيرو مباراة بيراميدز، حيث غادر أرضية الملعب مكرها في الدقيقة 63، متأثرا بإصابة عضلية تعرض لها عند قيامه بمرتد هجومي خاطف، لم يستطع إتمامه وسقط على أرضية الملعب، ما دفع المدرب البرتغالي إلى إقحام السنغالي فالو ميندي لسد الخصاص على مستوى الرواق الدفاعي الأيسر للجيش الملكي.
وشكلت إصابة المدافعين إينونغا وكارنيرو عائقا أمام المدرب سانتوس، من أجل اختيار الحلول الهجومية المتوفرة لديه، فاكتفى بإدخال مهاجمين اثنين فقط، ويتعلق الأمر بحمودان مكان حدراف والكونغولي جويل بيا عوض يوسف الفحلي، علما أنه ضم إلى قائمة الفريق المهاجمين زكرياء أجغلال وهشام بوسفيان.
غياب الاستقرار التقني عصف بـ«العساكر»
فوت الجيش الملكي فرصة العودة من جديد إلى منصات التتويج، بعد غياب طويل، بشكل يدعو لطرح أكثر من علامة استفهام، ما يثر حفيظة مناصري «الزعيم»، الذين اعتادوا أن ينافس فريقهم على الألقاب المحلية ويصول ويجول في القارة الإفريقية.
ولم يكتب للفريق العسكري الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة من المسابقة القارية، عقب عودته من بوابة دوري أبطال إفريقيا، بعد أن غادر النسخة الماضية من الدور التمهيدي، إلا أنه استطاع، خلال النسخة الجارية، تجاوز دور المجموعات متصدرا مجموعته، قبل أن يصطدم بفريق بيراميدز المصري ويغادر المسابقة من دور الربع.
وحملت الجماهير العسكرية إدارة الفريق مسؤولية الغياب عن منصات الألقاب، في ظل مجموعة من الإكراهات، التي ظل الجيش يعاني منها، أبرزها غياب الاستقرار التقني في السنوات الأخيرة، بعدما تعاقب مجموعة من المدربين على تدريب الفريق الأول، الأمر الذي أثر سلبا على الأداء العام لـ«العساكر»، بالإضافة إلى غياب استراتيجية واضحة تعيد «الزعيم» إلى مجده، رغم تسخير كل الإمكانيات المالية واللوجستية اللازمة، حيث تم التعاقد مع مدربين مغاربة وآخرين أجانب.
وسجل الموسم الكروي الجاري تعاقب ثلاثة مدربين على تدريب الفريق العسكري في ظرف زمني قصير، بداية بالتعاقد مع البولندي تشيسلاف ميشنيفيتش، إلا أن النتائج المخيبة دفعت الإدارة إلى تغييره بالفرنسي هوبير فيلود، الذي لم يعمر طويلا بدوره، ليجد الفريق نفسه مرة أخرى أمام تغيير جديد، وهذه المرة مع البرتغالي ألكسندر سانتوس.
تعليقات
0