جريدة البديل السياسي – بقلم الاستاذ جمال الغازي
لمن نكتب؟
يبقى هذا السؤال مطروحًا أمام كل كاتب أو شاعر أو مثقف: لمن نكتب؟
هل نوجّه كلماتنا إلى النخبة، فنستخدم لغة عالية وأفكارا معقدة قد لا يفهمها عامة الناس؟ أم نكتب للعامة بلغة بسيطة يفهمها الجميع، فنتهم بالتبسيط أو ضعف العمق؟
المشكلة أن الكتابة، كما يراها البعض، لا تُرضي الطرفين معا. فإذا أرضيت النخبة، ابتعد عنك جمهور الناس، وإذا كتبت للناس، استدارت عنك النخبة. وهنا يقف الكاتب في حيرة من أمره، يبحث عن توازن يبدو صعبًا، وربما مستحيلًا.
لكن الحقيقة التي لا يجب أن نتجاهلها هي أن الوعي لا يصل للناس إذا بقي حبيس أبراج عالية. لا بد للمثقف أن يخرج من عالمه الخاص، وينزل إلى واقع الناس، يراهم، يسمعهم، ويتحدث إليهم بلغتهم. أن يبسط فكرته دون أن يُفرّغها من معناها. أن يكتب بأسلوب قريب، واضح، وصادق.
الكثير من المثقفين وقعوا في فخ الغرور، فصاروا يكتبون لأنفسهم فقط، أو لبعضهم البعض. كلماتهم عالية، لكنها بعيدة. والنتيجة أن الناس لم يعودوا يقرؤون، لا لأنهم لا يريدون، بل لأن ما يُكتب لا يشبههم، ولا يصل إليهم.
نحن اليوم بحاجة إلى مثقف قريب من الناس، لا يُعلّي من نفسه، ولا يحتقر جمهور القرّاء. نحتاج من يكتب ليساعدنا على الفهم، لا من يعقّد الأشياء ليُظهر تفوقه. نحتاج من يعيد للقراءة بريقها، ويجعل الكتاب شيئا مرغوبا، لا عبئا على الأرفف.
الكتابة مسؤولية. وهي فعل حب قبل أن تكون استعراض معرفة. وإذا أردنا أن نزرع الوعي، فعلينا أن نكتبه بلغة الناس، وأن نطرقه بأدواتهم، وأن نحمله إليهم لا أن ننتظرهم ليصعدوا إلينا.
نكتب لنُقرب الفكرة، لا لنُبعد القارئ. نكتب لنترك أثرا، لا لنُثير إعجابا لحظيّا. ومن أراد أن يكون صوته مسموعا، فليتحدث من القلب إلى القلب.
وتبقى وجهة نظر
تعليقات
0