لماذا لا نفكر في القضاء الإداري والمحكمة الإدارية المتنقلة في المغرب وكذلك المقاطعات والجماعات..؟
بدر شاشا – جريدة البديل السياسي
تعد العدالة حجر الزاوية في أي مجتمع يسعى لتحقيق الإنصاف والمساواة بين أفراده. في المغرب، حيث تواجه العديد من المناطق تحديات تتعلق بالوصول إلى الخدمات القضائية، تبقى المسافة بين المواطنين والمحاكم الإدارية إحدى العقبات التي تعوق وصولهم إلى العدالة. فالعديد من المواطنين في الأقاليم النائية، خاصة في القرى والمناطق الريفية، يواجهون صعوبة في الوصول إلى المحاكم الإدارية التي غالبًا ما تكون في المدن الكبرى. هذا الواقع يطرح تساؤلاً هامًا: لماذا لا نفكر في إنشاء المحكمة الإدارية المتنقلة لتقريب العدالة إلى المواطنين في مختلف المناطق؟
في المغرب، يُعتبر القضاء الإداري جزءًا أساسيًا من النظام القضائي، حيث يتعامل مع القضايا التي تنشأ بين الأفراد والإدارة. هذه القضايا تشمل الطعون ضد القرارات الإدارية، مشاكل في التراخيص، نزاعات حول الوظائف العامة، وغيرها من القضايا التي تمس الحياة اليومية للمواطنين. لكن مع تزايد عدد هذه القضايا وتوسع نطاقها، تبقى مشكلة الوصول إلى المحاكم عقبة رئيسية للكثير من الناس، خصوصًا لأولئك الذين يعيشون في المناطق البعيدة التي تفتقر إلى البنية التحتية المتطورة.
إن فكرة إنشاء محاكم إدارية متنقلة تمثل حلاً مبتكرًا لهذه المشكلة. مثل هذه المحاكم يمكن أن تعمل على توفير الخدمات القضائية بشكل متنقل، مما يسمح للمواطنين في جميع أنحاء المملكة، وخاصة في المناطق النائية، بالوصول إلى العدالة دون الحاجة إلى السفر لمسافات طويلة أو تحمل تكاليف باهظة. يتمكن القضاة والموظفون الإداريون من التنقل إلى القرى والأقاليم لتقديم الخدمات القانونية، سواء عبر جلسات قضائية متنقلة أو عبر استشارات قانونية وتوثيق المستندات.
تتمثل أبرز مزايا المحاكم الإدارية المتنقلة في تحقيق العدالة الشاملة. هذه المبادرة يمكن أن تساهم في ضمان الوصول العادل والمتساوي إلى القضاء لجميع المواطنين، بغض النظر عن مكان إقامتهم. كما أن المحاكم المتنقلة توفر الوقت والجهد للمواطنين الذين قد يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم أو السفر لمسافات طويلة لتقديم شكاواهم أو الحصول على قرارات قضائية. بالتالي، سيكون هذا الحل خطوة نحو تعزيز المساواة في الوصول إلى الحقوق القانونية، وتخفيض التفاوتات بين المناطق الحضرية والريفية.
تعمل المحاكم المتنقلة أيضًا على تعزيز الشفافية في التعاملات بين المواطنين والإدارة. إذ يمكن أن توفر هذه المحاكم فرصًا للإجابة على استفسارات المواطنين بشأن الإجراءات القانونية، وتقديم المشورة حول كيفية التعامل مع القضايا الإدارية. هذا ليس فقط سيسهم في زيادة الوعي القانوني لدى الفئات الاجتماعية المختلفة، بل سيمكن المواطنين من الدفاع عن حقوقهم بشكل أفضل، وهو ما يعزز الثقة في النظام القضائي.
ولا تقتصر أهمية المحاكم الإدارية المتنقلة على تسهيل الوصول إلى العدالة، بل أيضًا على تحسين الفعالية القضائية. في الوقت الذي تعاني فيه المحاكم من تراكم القضايا، يمكن أن تساهم هذه المحاكم المتنقلة في تقليل الضغط على المحاكم المركزية وتسريع إجراءات التقاضي. بإمكان هذه المحاكم التوجه مباشرة إلى الجماعات المحلية لتسوية القضايا البسيطة أو تقديم الاستشارات القانونية التي قد لا تتطلب جلسات محاكمة مطولة.
كما أن استخدام التكنولوجيا في هذه المحاكم يمكن أن يُعزز من سير العمليات القضائية. بفضل الوسائل التقنية، يمكن للقضاة التفاعل مع المواطنين وتقديم الاستشارات القانونية عبر الإنترنت أو من خلال جلسات الفيديو، مما يضمن سير العدالة حتى في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة.من خلال إنشاء محاكم إدارية متنقلة، لا يتم فقط حل مشاكل الوصول إلى العدالة، بل يتم أيضًا تعزيز توظيف الموارد البشرية المتخصصة في القضاء الإداري، مما يتيح للمواطنين الاستفادة من خدمات القضاء بطرق أكثر فعالية وكفاءة.
إن الوقت قد حان للتفكير بشكل جاد في إنشاء المحاكم الإدارية المتنقلة في المغرب. هذه المبادرة ستكون خطوة هامة نحو تقريب العدالة إلى كل المواطنين، ومواجهة تحديات الوصول إلى القضاء في المناطق النائية. يجب أن تكون الحكومة المغربية على دراية بأهمية هذه الفكرة التي لا تساهم فقط في تحقيق العدالة الاجتماعية، بل أيضًا في تحسين مستوى الخدمات القضائية بشكل عام.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار