جريدة البديل السياسي
على هامش حلول لجنة من المفتشية العامة لوزارة الداخلية بجماعة كلميمة بإقليم الرشيدية ، تترقب الساكنة بشغف كبير مخرجات هذه الزيارة التي وُصفت بالهامة ، في ظل ما يروج من معطيات و شبهات حول استفادة بعض المسؤولين الجماعيين من مناصبهم لتحقيق اغتناء غير مشروع. فقد أثار الرأي العام المحلي ملاحظة التحول السريع في الوضعية المالية لأحد نواب الرئيس الذي -وفق تصريحات متطابقة لمواطنين و فاعلين محليين-.
دخل المجلس و هو خاوي الوفاض ، ليصبح في ظرف سنتين و نصف مالكا لمشاريع متعددة تتوزع بين ضيعات فلاحية و مقهى و استثمارات أخرى بشراكات مع مستثمرين ، مما غذى الشكوك بشأن استغلال محتمل للنفوذ داخل ملفات حساسة ، خاصة تلك المتعلقة بالتعمير و البناء : و تتركز التساؤلات حول عدد من المشاريع المثيرة للجدل في طريق تلوين و الحي الجديد ، إضافة إلى ما قيل عن تغيير معالم عقارات جماعية قرب محطة النقل ، و هي ملفات يرى متتبعون أنها تستدعي تدقيقا ميدانيا و معمقا من طرف لجنة التفتيش.
إن الساكنة ، و هي تتابع أشغال اللجنة الوزارية ، عبّرت عن أملها في أن يشمل التحقيق جميع الملفات التي كانت موضوع احتجاجات سابقة ، خصوصا ما يتعلق منها بـمنح رخص البناء و الربط بالماء و الكهرباء في مناطق تعرف تمييزا واضحا بين المواطنين ، حيث استفاد البعض رغم المنع القانوني ، فيما حُرم آخرون من نفس الحقوق دون مبرر مقنع. و يأمل المواطنون أن تُمكن هذه الزيارة من إعادة الثقة في المؤسسات ، عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة ، و تفعيل مبدأ تضارب المصالح الذي يعد من ركائز الحكامة الجيدة ، خصوصا في ظل ما تعرفه الجماعة من توتر داخلي بين مكوناتها السياسية و الإدارية. و في ذات السياق عبرت فعاليات حقوقية عن ضرورة الانتباه إلى ظاهرة الاغتناء غير المشروع ، التي هي من بين القضايا التي أولتها التشريعات المغربية أهمية قصوى في إطار تعزيز مبادئ الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فقد نص القانون الجنائي المغربي في الفصل 8-256 و ما بعده على تجريم كل زيادة ملحوظة في ثروة موظف عمومي لا يستطيع تبرير مصدرها المشروع أثناء أو بعد تحمله للمسؤولية ، معتبرا ذلك شكلا من أشكال الفساد الذي يهدد ثقة المواطنين في المؤسسات. كما يُلزم القانون رقم 54.06 المتعلق بالتصريح بالممتلكات كل منتخب و مسؤول جماعي بتقديم تصريح دوري بممتلكاته و ممتلكات زوجه و أبنائه القاصرين ، قبل تولي المنصب و أثناءه و عند انتهائه ، حتى يتسنى للمجالس الجهوية للحسابات مراقبة أي تضارب أو تضخم غير مبرر في الثروة. وفي هذا السياق ، يرى عدد من المتتبعين أن زيارة لجنة المفتشية العامة لوزارة الداخلية إلى جماعة كلميمة تمثل فرصة حقيقية لتفعيل هذه المقتضيات على أرض الواقع ، خصوصا في ظل المطالب المتزايدة بضرورة افتحاص الذمم المالية للمسؤولين الذين راكموا ثروات مشبوهة في فترة وجيزة ، و ربط ذلك بمسارهم التدبيري داخل الجماعة. فلا تنمية محلية دون نزاهة مالية ، و لا ثقة في العمل الجماعي دون محاسبة حقيقية لكل من استغل موقعه لخدمة مصالحه الخاصة بدل المصلحة العامة.



تعليقات
0