جريدة البديل السياسي: جمال التودي
كيف تقنع اسماء امويلد مشاييخ الجماعات المحلية بأن الدولة انشأت صندوقا خاصا لدعم تمثيلية النساء؟
البديل السياسي: جمال التودي
صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء”، بين التفعيل والتنكيل من طرف المجالس الجماعية بتاونات !! ماذا يقع في دهاليز الجماعات الترابية باقليم تاونات؟!
حيث سمعنا ان المجالس الجماعية في هذه الايام تراهن على استغلال بعض المبادرات التي اقدمت عليها و محاولة توظيفها سياسيا، ولو تعلق الامر ب “الجندرة” التي اعتبرتها المؤسسات الاممية كعنصر حاسم في احتساب مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل بلد.
لكن الفاعل السياسي بجماعات تاونات يتلقف كل فرصة لتحقيق مآرب سياسوية ولو على حساب من تمثل “نصف المجتمع”، انها المرأة ياسادة !! التي لا تفوت المجالس الجماعية أية فرصة لتسجيل بعض النقط السياسية، رغم ان تكريس مبدأ التمثيلية الديمقراطية للنساء وإحداث بعض الهيئات التي تعنى بشؤونها، تفرضها الضرورة التنموية قبل التمثيل الشكلي لها في بعض اللجان والصناديق و كل المناصب المنتخبة داخل تلك الجماعات..
فمن خلال تتبع كرونولوجيا تطور تلك المكتسبات التي تخص المرأة والتى راكمت فيها المملكة المغربية نتائج ايجابية عبر محطات متطورة، سواء على المستوى الاتفاقي.
او التشريع الوطني، أو المؤسساتي داخل دواليب الدولة، كما هو الشأن بالنسبة لإعادة تفعيل الصناديق التي تخص المرأة، لكن قبل ذلك قطع المغرب اشواطا مهمة للوصول لهذه المحطة، بدءا بالتأسيس الدستوري لحقوق المرأة، مرورا بالمصادقة على بعض الاوفاق الدولية، وصولا الي تنزيل تلك المكتسبات عبر التشريع الوطني..
و من المستجدات التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011، نجد التنصيص على المكانة الاعتبارية للمرأة، والاهمية المحورية التي تحتلها داخل الاسرة والمجتمع، مما جعلها تتربع على انشغالات المشرع الدستوري المغربي، الذي كرس لها مكانة اعتبارية مرموقة، من خلال مأسسة وضعيتها الوظيفية عبر إحداث هيئة تعنى بتنظيم ادوارها داخل المؤسسات المعينة والمنتخة، وذلك عبر دسترة هيئة المناصفة، لجعلها تضطلع بصلاحياتها التي لا تقل اهمية عن شريكها الرجل، كما سبق للمملكة المغربية ان صادقت على “اتفاقية سيداو”حول المرأة، من اجل تكريس مبدأ المساواة بينها وبين شقيقها الرجل، بالاضافة الى اتخاذ مجموعة من التدابير والاجراءات لتنزيل الاستراتيجية الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، عبر خلق فضاءات موازية داخل المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني…
ويبقى أرحب فضاء لتنزيل المخطط الحكومي حول إدماجها في السياسة، وتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي، الذي إلتزم به المغرب تجاه المؤسسات الدولية، هو اعتماد سياسة اللاتمركز، وإشراك النساء في هيئات القرب من خلال فسح المجال لهن لولوج الجماعات الترابية التي تعتبر أكثر الفضاءات رحابة لإدماجهن الفعلي..
لذلك حاول المشرع المغربي خلق آليات قانونية وإحداث فضاءات مؤسساتية داخل تلك الجماعات، عبر لجان و هيئات تكون فيها المرأة ممثلة فعليا بقوة القانون…
اذا كانت هذه الالية القانونية والديمقراطية التي تعتمد على التصويت في تقلدها تلك المكانة داخل الجماعة المحلية عبر ربوع المملكة الشريفة، فان الامر يختلف بالجماعات الترابية باقليم تاونات، لكون الفاعل السياسي والمدبر العمومي بتلك الجماعات يجهل فلسفة الادماج التي حاول المشرع الدستوري الرهان عليها، بل يغلب على النخبة السياسة بالاقليم هواجس الرفض والاقصاء لكل ما له علاقة بالمرأة، وما بالك اذا كان الامر يتعلق بادماجها لتكون عنصرا فاعلا، من خلال تكريس تنزيل اهم التوصيات الاممية التي التزمت بها المملكة، يتعلق الامر بالتمكين الاقتصادي والسياسي للمراة المغربية..
غير ان الفاعل السياسي بتاونات يعتبر المقتضيات القانونية والتوصيات الحكومية المتعلقة بالمرأة مجرد ترف سياسوي يناور بها من أجل ربح مكتسبات سياسية داخل الجماعة.. بعيدا عن الاهداف النبيلة التي ابتغاها المشرع الدستوري، لذلك نجد النية المبيتة لرؤساء الجماعات سرعان ما تنفضح وتبدأ سياسة الانتقام تطفو على السطح من خلال الاقصاء الممنهج، تارة يتم فيها توظيف الاليات القانونية، وتارة أخرى المناورة بالمصوغات السياسية التي تعتمد بشكل ارتجالي، بعيدا عن “المقاربة الادماجية” التي وضع لها المشرع المغربي أسس ميسرة مبنية على مقاربة النوع الاجتماعي.
ولو باتباع ميكانيزم “الكوطا” لضمان التمثيلية النسائية بالمجالس الجماعية..
نعم هذا ما يجهله جل القيادات السياسية التي تدبر المجالس الجماعية بالاقليم، مما يجعل المرأة تعاني من أجل اندماجها بتلك المجالس التمثيلية، نظرا لكثرة الدسائس السياسية، لا لشيء الا لكونها تختار الاطار السياسي الذي تمثله، ربما يكون لا يتطابق مع مزاجية الرئيس وأعضاء مجلسه الموقرون.
حيث تبدأ النعرات وخلق المكائد للاطاحة بالمرأة وجعلها عنصرا تابعا، وليس فاعلا كما حدث مؤخرا بجماعة ارغيوة التي اطاحت بثلاثة نسوة، لأسباب يعلمها السيد الرئيس، او بجماعة الرتبة .
حيث تم متابعة عضوة بتهمة التشهير و حكم عليها بسنة سجنا غير نافذة و غرامة مالية، لا لشيء الا لكون العضوة حاولت الدفاع على مصالح الساكنة، و كذلك كما راج سابقا على مستوى صفحات التواصل الاجتماعي كون عضوة بجماعة فريشة تحارب بشتى الوسائل و هلم جرى من المضايقات التي تجعل النساء يعزفن عن المشاركة السياسية…
أما فيما يتعلق بتأسيس هيأة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع بكل جماعة الذي اقرها القانون التنظيمي بالجماعات الترابية، فهو اجراء قانوني تفرضه الضرورة المؤسساتية التي اراد بها المشرع المغربي رد الاعتبار للمرأة عبر اعطائها المكانة التي تستحقها، ولكن هذه الاهمية الاعتبارية للعنصر النسوي التي تجعله مشاركا في التدبير الجماعي يشكل مصدر قلق للفاعل المحلي الذي تطغى عليه العقلية الذكورية، من خلال جعله يمقت كل ما يصدر عن النساء.
رغم انهن اصبحن يتمتعن بمستوى عال في التسيير والتدبير للشان المحلي والوطني..
لذا حاول الفاعل السياسي بالمغرب، و خاصة باقليم تاونات في هذه الآونة التفاعل مع مبادرة “تفعيل صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء”، الذي تسهر عليه لجنة يترأسها السيد الوالي و ممثلي سلطات الوصاية بكل إقليم… غير أن الفاعل السياسي يتعامل مع تلك المبادرة التي أقرتها الدولة للتمثيل الفعلي للنساء ووجهت بسيف الاقصاء والطرد الذي لا زال يطغى على سلكيات جل النخب السياسية المسيرة لدوليب التدبير المحلي تجاه العضوات المنتخبات.
وقد يكون ذلك مجرد مناورة تستغلها تلك المجالس الجماعية لأهداف انتخابية صرفة، سيمر الوقت وتنكشف الحقيقة كاملة، لأن الممارسات التي سجلتها المعاملة الفعلية تجاه المراة ببعض الجماعات، بينت عكس “البروبغندا” التي يروجها البعص لكسب النقط الساسية ليس الا..
بالفعل، ستكشف الايام عن صدق، او سوء نية لكل فاعل سياسي الذي يفتقد لمقومات التدبير السياسي الرصين المبني على التشبع بالفكر الديمقراطي، وثقافة مقاربة النوع الاجتماعي التي تفرض على المدبر العمومي بكل جماعة التحلي بمنطق الادماج وحب المرأة ككفاءة في المقام الاول، ثم كشريكة في التدبير العمومي ثانيا وكمساهمة في التنمية المحلية عموما…
حقا لقد اصبح للمرأة دور ريادي و محوري في تدبير الشأن العام، بل لا يمكن الاستغناء عن دورها من داخل المجالس المنتخبة، و هذا ما دفع الدولة المغربية لخلق صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء..
و ما يثير الانتباه هو أن المملكة تصرف أموال باهضة من أجل إشراك المرأة في اخذ القرار و جعلها عنصر اساسي سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي، بينما بعض السياسيين بإقليم تاونات يضحون بالغالي و النفيس من اجل جعلها خارجة اللعبة السياسية ، لا لشيء سوى لهيمنة المنطق الذكوري و غلبة هواجسهم الانانية، بالاضافة الى الاصطفافات السياسوية الضيقة التي تجعل تلك النخب بالاقليم تكيل بسياسة الكيل بمكيالين تجاه بنت حواء التي تتنظر فرصتها المواتية للإندماج في دواليب المؤسسات المنتخبة.
لكن مجموعة من الشردة السياسية المحلية دائما ما تعطل كل المبادرات التي من شأنها الرفع مكانة المرأة في المجتمع…
تعليقات
0