قصة قصيرة: السيدة المبجلة الخادمة هانم بقلم الأستاذ خالدبوزيان موساوي

استوحى المهندس أشرف تصميم فيلته من أشهر مهندسي المعمار عبر التاريخ.. و استلهم ديكور مداخلها و مخارجها وغرفها و صالوناتها و حماماتها من قصور لويس الرابع عشر ونابوليون و ماو تسي تونغ و قياصرة روسيا… كان فنانا قبل أن يدرس الهندسة…

كان عليه أن يتزوج بزميلته في الدراسة بهية و هي ابنة أحد وجهاء المدينة … حفل عرسهما تجاوز مخيلة كاتب ألف ليلة وليلة…

لكن لم يكن بحسبان بهية أن تحمل في شهرها الأول، و أن تحتاج لمن يدير بيتها في حضورها و غيابها.. دخلت البيت ملكة… فوجدت نفسها بين عشية و ضحاها تخضع مكرهة ومبتسمة لأوامر السيدة المبجلة الخادمة هانم.

اسم الخادمة نبيهة… من وسط معوز معدم… درست حتى نهاية التعليم الثانوي… تزوجت شيخا هرما في سن جدها علها تساعد أسرتها لتعيش… لتعيش فقط.. انخرطت و هي يافعة في صفوف حزب يساري.. لكن النظرية الاشتراكية التي تعلمتها في خلايا الحزب أوحت لها بسبب لبس ما في القراءة.. بأنها من مبدأ تقاسم الثروات، يحق لها أت تعيش في قصر، و أن تتزوج فارس أحلام على فرس أبيض يملك خزائن من ذهب وفضة ولؤلؤ ومرجان…

كانت بهية قد أفنت جزءا من عمرها في التحصيل العلمي لتصبح مهندسة، و قد ساعدتها أسرتها الغنية ماديا.. و كانت سعيدة جدا بحصولها على الدبلوم / الحلم، و الشغل/ المناسب، و الزوج/الأمثل… لكنها تفاجأت بأن الزواج في العالم الشرقي له إكراهاته: بعد الشغل فيه: حمل، طهي، كنس، غسيل، رضا الزوج، و… و… و… و للخادمة دورها الرئيس.

استغلت نبيهة الوضع.. إذ كانت تعيش وحدها في القصر طيلة النهار حتى تقمصت شخصية سيدة البيت بامتياز و بدون منافسة..

و استطاعت التحكم في لباس بهية و أناقتها و عطورها وسريحة شعرها… كما تحكمت في المذكرة اليومية لأشرف خروجا و دخولا، شغلا و عطلة…

وضعت بهية طفلة كما أمها بهية… و لم تمض بضعة أشهر حتى وضعت نبيهة هي الأخرى صبيا نبيها كأمه و شريفا كاشرف…

و تمت المعادلة بسهولة: خرجت بهية بخفي حنين… و جلست نبيهة على عرش البيت: السيدة المبجلة الخادمة هانم…

هكذا تفكر النساء البورجوازيات: أن الخادمات يختطفن الأزواج… لذا يعذبنهن.. وهكذا يفكر بعض الأزواج في الشرق: أن الخادمات مجرد بنات هوى… لذا كثر التحرش بهن، و…و…

و السؤال؟

ـ من منكن، أو من منكم يريد خادم(ة) في بيته؟…و من منكن أو من منكم (ت) يطمح أن (ت) يكون خادم (ة) في بيت غيره؟