الأستاذ عبد القادر بوراص- جريدة البديل السياسي
بسواعدهم الصلبة وإرادتهم الثابتة، اجتمع شمل ساكنة بني شبل، شيبا وشبابا، في عملية تويزة فريدة من نوعها، عازمين على فك العزلة عن دوارهم المنسي بمكان ما بجماعة أهل واد زا القروية بإقليم تاوريرت.
المتطوعون الذين فاق عددهم السبعين لم يكترثوا لحرارة يوليوز وغشت المحرقة، ولم تغرهم عطلة الصيف لمغادرة المنطقة التي ظلت لعقود تعاني من الإهمال والتهميش و”الحكرة”، حيث لم يدرج إصلاح المسلك الطرقي المؤدي إلى الدوار في أجندة المسؤولين، فشمروا عن سواعدهم معتمدين على عزائمهم القوية وما توفر لديهم من أدوات وآلات بسيطة من فؤوس ومعاول ومجارف هشموا بها الصخور الصلبة التي انتصبت شامخة معرقلة عليهم عملية التنقل، وحولوها الى حصى وحجارة صغيرة ملؤوا بها أديم الطريق المتربة قبل أن يصبوا عليها الخرسانة الإسمنتية لتصبح صالحة للسير، وهكذا تمكنوا من الانتصار على جلاميد الصخر العصية فأصبحت حصى يدوسونه بأقدامهم رافعين شعار:
كل صعب أمام أهل بني شبل يهون
هكذا همة الرجال الأفذاذ تكون
وكان لأفراد جالية بني شبل المقيمين بالخارج فضلا كبيرا في إنجاح هاته العملية التي قل مثيلها في وقتنا الحاضر، وذلك من خلال مساهماتهم المادية لتوفير المواد المطلوبة من رمل وحصى وإسمنت وأسلاك حديدية وغيرها من الضروريات، حتى إن امرأة باعت لويزتها الذهبية الوحيدة للمساهمة بدورها في تمويل هذا المشروع التآزري القروي، في وقت شارك أهل الدوار بالاشتغال متطوعين مجانا بكل تفان وإخلاص ونكران ذات.
كما كان لجماعة أهل واد زا نصيب من هذه العملية التضامنية النبيلة بتوفيرها جرافة وآلة سحق. والنساء أيضا لم يتخلفن عن هذا الموعد الكبير، إذ شاركن بشكل فعال في تقديم وجبات محلية للعمال لا تخلو من حرشة ومسمن شهيين وقربات لبن وسمن بلدي لذيذ، مع الدعاء لأسود الدوار بالتوفيق في هذا الواجب الوطني الذي جعلنا نستحضر عملية شق طريق الوحدة بمنطقة الريف، والتي شارك فيها المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وهو ولي العهد آنذاك.
الطريق التي تمتد لحوالي عشر كيلومترات أغلبها عقبات صخرية استسلمت كرها لأيدي عمال بواسل لا يؤمنون بغير الانتصار، وهذا من طباع أهل بني شبل الأشاوس منذ القدم، حيث دأبوا على القيام بعملية “التويزة” في الكثير من الأمور كحفلات الأعراس التي تدوم لسبعة أيام، يساعدون فيها العريس وعشيرته بكل ما يحتاجون إليه. كما يساهمون بشكل جماعي في عملية حصاد المحاصيل الزراعية من حبوب وزيتون، وغيرها من المبادرات الاجتماعية والإنسانية التعاونية والتضامنية النبيلة.
فتحية تقدير واحترام بحجم السماء والأرض وامتداداتهما لأسود قبيلة بني شبل الأبطال، مضرب المثل في الشهامة والمروءة والعمل الصالح للنهوض بمنطقتهم المنسية في انتظار التفاتة من يهمهم الأمر إليها.
تعليقات
0