عيد العرش.. 25 سنة من التزام الملك محمد السادس في دعم القضية الفلسطينية
جريدة البديل السياسي
ظلت القضية الفلسطينية حاضرة ضمن اهتمامات وأولويات الملك محمد السادس منذ توليه العرش سنة 1999، لإيمانه الراسخ بعدالة القضية وبواجب نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وحرص الملك في أكثر من مناسبة على تجديد التزام المملكة من أجل احترام القانون الدولي والنهوض بالسلام في الشرق الأوسط، والذي يمر عبر حل عادل وشامل ودائم، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما يعارض كافة الإجراءات أحادية الجانب التي تمس بتطلعات الفلسطينيين في تحقيق الحرية، وبالوضع القانوني للقدس الشريف.
وفي أول خطاب له بمناسبة الذكرى الأولى لتوليه العرش بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني قال إنه يسعى لتحقيق الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط على أساس الشرعية الدولية وطبقا لما تم إبرامه من اتفاقيات “حتى يتمكن اخوتنا الفلسطينيون من العيش في سلام وحسن جوار داخل دولتهم المستقرة الآمنة وحتى تعرف أقطار المنطقة كلها ما هي به جديرة من تقدم ورقي وما هي له مؤهلة من دور إشعاعي كبير”.
مبادرات شاهدة
جدد الموقف ذاته بعد مرور 24 سنة، وذلك في خطاب وجهه للشعب المغربي بمناسبة الذكرى الـ24 لتوليه العرش عندما قال: “نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”.
ولا تزال مبادرات الملك على أرض الميدان شاهدة على المساندة اللامشروطة للشعب الفلسطيني وعلى الموقف المتسم بالوضوح، والتوازن، والحكمة، بعيدا عن الشعارات والمزايدات السياسية التي لم تساهم سوى في تعطيل عملية السلام، وفق تعابير متتبعين للقضية الفلسطينية.
ومن تجليات المساندة الدائمة والمستمرة للقضية الفلسطينية، المجهودات التي يبذلها الملك على مستوى رئاسة لجنة القدس، والإشراف على وكالة بيت مال القدس الشريف، التي تجسد التضامن المطلق للمملكة مع فلسطين من خلال مشاريعها ومبادراتها الميدانية تجاه المقدسيين.
وتقوم الوكالة، منذ تأسيسها في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ومن بعده الملك محمد السادس، بأعمال جليلة وقيمة في مدينة القدس من خلال مجموعة من المشاريع التنموية المتعددة التي تهم قطاعات لها أهميتها في حياة سكان القدس الشريف والتي تدعم صمودهم وبقاءهم على أرضهم، شملت، على الخصوص، المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والرياضية. وتروم هذه المبادرات المتنوعة التقليص من دائرة الفقر وترميم المنازل، ساهمت المملكة المغربية بالنسبة الأكبر فيها، وفق ما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء.
وأضاف المصدر أن الوكالة عملت على المساهمة في تنمية الإنسان المقدسي، وإشاعة الأمل في صفوف أجيال القدس، ووضعت برنامجا خاصا بالمبادرات الأهلية للتنمية البشرية، تتضمن مشاريع للتمكين والتدريب وتنمية القدرات، موجهة خصوصا لفئات المرأة والشباب واليافعين.
وأنجزت الوكالة، ما بين سنتي 2000 و2022، حسب حصيلة قدمها المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، 200 مشروع كبير وعشرات المشاريع المتوسطة والصغيرة، استفادت منها كافة فئات المجتمع المقدسي، وتوزعت على جميع أحياء المدينة المقدسة، مبرزا أن كلفة هذه المشاريع المنجزة بلغت ما مجموعه 64 مليون دولار، توزعت على عدد من القطاعات، كالإعمار والصحة والتعليم، ومشاريع همت المساعدة الاجتماعية الموجهة للأيتام والأرامل والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، بحسب المصدر ذاته.
قضية أولى
وفي السياق ذاته، لفت الباحث في العلاقات الدولية، نوفل البعمري، إلى الدور الكبير الذي لعبه الملك تجاه القضية الفلسطينية منذ توليه الحكم، حتى جعلها قضية أولى وقضية ترقى للقضايا الوطنية والحيوية ببلادنا على رأسها قضية الصحراء المغربية، و كان هذا التلازم بينهما يُظهر الأولوية الكبرى التي يحظى بها الملف في الأجندة الملكية حتى باتت تحركاته الخارجية مرتبطة إما بملف الصحراء أو بالملف الفلسطيني.
وأضاف البعمري في تصريح لجريدة “العمق” أن المغرب خلال ربع قرن من حكم الملك تميز على هذا المستوى بعمل كبير في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ أعطى الملك توجيهاته المباشرة في أكثر من مناسبة لاستقبال الفصائل والمكونات الفلسطينية الوطنية سواء تعلق الأمر بحركة فتح أو حركة حماس ولم يكن يضع المغرب على مستوى الصراع المرموز بينهما بل كان منفتحاً على كل جميع مكونات الشعب الفلسطيني، و هو ما أعطاه مصداقية أمام الفلسطينيين ليقينهم أن الملك محمد السادس يخاطب الشعب الفلسطيني على مستوى السلطة الفلسطينية بشكل رسمي وعلى مستوى مختلف التنظيمات والفصائل الفلسطينية بشكل غير رسمي.
وأشار إلى أن فترة تولي الملك حكم المغرب تميزت أيضا بترأسه للجنة القدس التي أعطاها دفعة كبيرة، فكان هو أكبر المساهمين فيها بحصة الأسد، و استمر في دعم الفلسطينيين من خلالها، حيث تحركت اللجنة في مناسبات عديدة وبشكل استراتيجي داخل القدس للحفاظ على طابعها وهويتها الدينية والثقافية فكانت له تحركات قوية لوقف عمليات تهويدها، كما كان له دور في دعم صمود مدينة القدس.
موقف تاريخي
وذكر المتحدث بالموقف “التاريخي” للملك محمد السادس في ما عُرف بصفقة القرن حيث استطاع أن يقود القادة العرب لوقف هذه الصفقة رغم مختلف الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك. كما ذكر بدوره الكبير في العدوان الأخير على قطاع غزة في إدانة العدوان الاسرائيلي على المدنيين.
وقال إن الملك كان له دور كبير في دفع الأمم المتحدة للتحرك قصد إدانة هذا العدوان، كما أنه استطاع بثقله الشخصي إيصال المساعدات وإدخالها رغم القصف لقطاع غزة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، فضلا عن تحركاته على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والتي كانت موضوع إشادة من طرف أعضاء المنظمتين.
وخلص المحامي بهيئة تطوان، نوفل البعمري إلى أن الأدوار التي يقوم بها الملك على مستوى الملف الفلسطيني هي أدوار متعددة تصب كلها في تحقيق السلام، وفي الدفاع على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ودعم حل الدولتين وفقا للشرعية الدولية.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار