عندما قبل الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه “الاستفتاء” في الصحراء المغربية
جريدة البديل السياسي :
رغم تصدي الراحل عبد الرحيم بو عبيد، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، معتبرا أن قضية الصحراء لا مساومة فيها، فاجأ الملك الراحل الحسن الثاني المتتبعين بخطاب ليقول للشعب إنه قرر قبول الاستفتاء حول الصحراء.
ففي 27 شتنبر 1983 قال في ذلك الخطاب “حتى لا أطيل انتظارك في الموضوع الذي سأتطرق إليه أريد أن أقول لك بادئ ذي بدء، أن موضوع هذا الخطاب هو أننا قررنا أن نجري استفتاء. وتعلمون أن الاستفتاء هو أسمى تعبير عن الإرادة الوطنية، ذلك أن الدستور ينص على أن الاستفتاء يلزم الجميع بمن فيهم ملك المغرب، فالاستفتاء هو أسمى تعبير وأسمى تفسير للإرادة الشعبية، حتى تصبح قانونا محترما. فما هو موضع هذا الاستفتاء؟ كما تعلم شعبي العزيز، فإن ملف المغرب معروض الآن على هيأة الأمم المتحدة، وذلك لتنظم هذه الهيأة الدولية الاستفتاء في أقاليمنا الصحراوية. وفكرة الاستفتاء ظلت تخامرني منذ القدم”.
وأدت تحركات الملك الراحل ونشاط دبلوماسيته المكثف إلى إبرام اتحاد مع ليبيا وقع بموجبه العقيد القذافي عام 1984 “اتفاقية وجدة” فتخلت بذلك الجماهيرية عن دعم جبهة البوليساريو.
وفي الخطاب المذكور، قال الملك الراحل الحسن الثاني، “حينما رفعنا ملفنا إلى هيأة الأمم المتحدة أصبحنا نجري اتصالات مع الأمين العام للنظر في إجراء هذا الاستفتاء وما زلنا منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ننتظر العمليات الأولية لتنظيم ذلك الاستفتاء”.
كان قبول الاستفتاء بمثابة تطبيق عملي للمثل القائل “مضطر أخاك لا بطل”، لكن الإكراه جعل من الحسن الثاني مراوغا خطيرا في الزمان والمكان، حيث أزعج الأمم المتحدة بتهديده بأن يأخذ كل ما جاء به سكان الشمال والإدارة المغربية وتسليح الصحراويين الوحدويين مقابل وجود صحراويين انفصاليين يحملون السلاح، لأن الدولة المغربية من مسؤوليتها حماية سكان الصحراء.
لقد كان قبول الاستفتاء حول الصحراء سيفا ذا حدين. فمن جهة أسكت كل الألسن التي كانت تطالب بحل مشكل الصحراء بطريقة تقرير المصير، والاستفتاء نوع من أنواع تقرير المصير، لكن الجهة التي رأت في نفسها منهزمة عرقلت قضية الاستفتاء حتى أصبح مستحيلا اليوم.
يمكن اعتبار مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية الذي تقدم به المغرب، هو الخلاصة التي تولدت عن مشروع الاستفتاء الذي اقتنع المنتظم الدولي بأنه أصبح مستحيلا.
فبعد ثلاثين سنة من قبول الاستفتاء يمكن فهم الظروف الجيوسياسية التي حتمت على الملك الراحل الحسن الثاني قبوله، ويتبين مدى كاريزما الرجل الذي ناور في ظل مشروع خنق المغرب حتى خرج منه بمشروع هو الرابح الأول منه.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار