علمت «الجريدة»، من مصادرها، أن عددا كبيرا من رؤساء المجالس الترابية المنتخبة لم يجددوا التصريح بممتلكاتهم، خلال المهلة التي حددها لهم المجلس الأعلى للحسابات، طيلة شهر فبراير الماضي. ومن المنتظر أن توجه الرئيسة الأولى للمجلس، زينب العدوي، إنذارات للملزمين الذين تخلفوا عن إيداع التصاريح الإجبارية بممتلكاتهم، قبل تطبيق الإجراءات القانونية في حقهم، والتي تصل إلى العزل والتجريد من العضوية بالمجلس المنتخب والمنع من الترشح للانتخابات لمدة ست سنوات.
وكان المجلس الأعلى للحسابات شرع، خلال الفترة ما بين 03 و28 فبراير 2025، في تلقي التصاريح الإجبارية بممتلكات كبار الموظفين والمسؤولين بمختلف القطاعات العمومية، وذلك من خلال تعبئة الاستمارة المخصصة لهذا الغرض وإيداعها لدى المحاكم المالية. وقامت رئيسة المجلس، زينب العدوي، بمراسلة أعضاء الحكومة من أجل إشعار الملزمين التابعين لوزاراتهم بضرورة التصريح بالممتلكات وإثارة انتباههم إلى الآجال المحددة للإيداع.
وأعلن المجلس أن عملية تجديد التصريح الإجباري بالممتلكات، الواجبة كل ثلاث سنوات بالنسبة لموظفي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تأتي طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون 54.06 المتعلق بإحداث التصريح الإجباري بالممتلكات لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو الأعوان العموميين بممتلكاتهم.
ولأجل تنظيم عملية تلقي التصريحات في أحسن الظروف، يوضح المصدر، وضع المجلس رهن إشارة الملزمين تطبيقا معلوماتيا ببوابته الإلكترونية، يخول لهم حجز موعد لدى المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات حسب الاختصاص، لإيداع تصريحاتهم حسب الكيفيات والشروط القانونية المفصلة بالبوابة المذكورة.
وتنقسم التصريحات الإجبارية للممتلكات التي جاء بها القانون إلى أربعة أنواع، تتجلى في التصريح الأولي عند التعيين أو الانتخاب في أحد مناصب المسؤولية المستوجبة لإلزامية التصريح، والتصريح التكميلي عندما تطرأ تغييرات على وضعية ممتلكات بعض الملزمين (قضاة محاكم المملكة، قضاة المحاكم المالية، بعض المنتخبين وبعض الموظفين والأعوان العموميين)، وتجديد التصريح الذي يتم في شهر فبراير كل سنتين أو ثلاث سنوات حسب الحالة، والتصريح الذي يلي انتهاء المهام أو الانتداب لأي سبب باستثناء الوفاة. وفي حالة عدم احترام إلزامية إيداع التصريح الإجباري بالممتلكات، وكذا الآجال المحددة وما نص عليه الإطار القانوني المنظم للتصريح الإجباري للممتلكات في هذا الصدد، يعرض صاحبه إلى العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل.
وحسب القانون المنظم للتصريح الإجباري بالممتلكات، هناك عقوبات تنتظر المنتخبين المتخلفين عن إيداع تصاريح بممتلكاتهم، وذلك بعد توجيه إنذارات لهم، من بينها توقيف المنتخب مؤقتا بقرار، والعزل من العضوية في المجلس أو الغرفة بمرسوم معلل، كما ينص الفصل 262 مكرر من مجموعة القانون الجنائي على أنه «دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بغرامة من 3.000 إلى 15.000 درهم كل شخص ملزم بالتصريح بالممتلكات نظرا إلى.. نيابة انتخابية يتولاها، والذي لم يقم بالتصريح المذكور داخل الآجال القانونية بعد انتهاء نيابته أو أدلى بتصريح غير مطابق أو غير كامل، يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على المعني بالأمر بالحرمان من الترشح للانتخابات خلال مدة أقصاها 6 سنوات، والتجريد من صفة منتخب إذا كان قد باشر وظائف انتخابية جديدة»، وفي حالة وجود أفعال تشكل مخالفات للقوانين الزجرية، يحال ملف القضية على السلطة القضائية المختصة.
وتباشر المجالس الجهوية للحسابات مسطرة العقوبات المنصوص عليها في القانون بالنسبة للمخلين الذين لم يعملوا على تسوية وضعيتهم على الرغم من انقضاء أجل ستين يوما على تاريخ توصلهم بالإنذارات. كما تواصل المحاكم المالية مساعيها لتبليغ الإنذارات للمخلين الذين وجهت إليهم الإنذارات ولم يتم التوصل بما يفيد تسلمهم لها.
وتشمل لائحة الممتلكات التي يطالب المجلس الأعلى للحسابات الملزمين بضرورة التصريح الإجباري، العقارات والأموال المنقولة، منها الأصول التجارية والودائع في حسابات بنكية والسندات والحصص والأسهم في الشركات والممتلكات المتحصلة عن طريق الإرث أو الاقتراضات والعربات ذات محرك والتحف الفنية والأثرية والحلي والمجوهرات، بالإضافة إلى الممتلكات المشتركة مع الأغيار، وتلك التي يدبرونها لحسابهم وممتلكات القاصرين، وتم إقرار الحد الأدنى لقيمة الأموال المنقولة الواجب التصريح بها، في 30 مليون سنتيم لكل صنف من أصناف الأموال المنقولة، عند تاريخ اقتنائها أو عن طريق الشراء أو تملكها.
ورغم أن المغرب اعتمد قانون التصريح الإجباري بالممتلكات منذ سنة 2010، لكن هذا القانون تشوبه العديد من النواقص والثغرات التي تجعل مهمة تتبع ثروات الملزمين بالتصاريح غير ذات جدوى، وذلك أمام استغلال المعنيين لهذه النواقص في التحايل على القانون، بتسجيل ممتلكاتهم بأسماء زوجاتهم وأبنائهم، في حين يتملص البعض الآخر من التصريح بالممتلكات، أمام الصعوبات التي تواجه المجلس الأعلى للحسابات في دراسة كل الملفات المعروضة عليه، والتي بلغت ما يقارب 463 ألف تصريح منذ سنة 2010.
وفي خطوة إيجابية، قرر المجلس الأعلى للحسابات تفعيل صلاحيات مراقبة التصاريح الإجبارية بالممتلكات، وهي خطوة تحسب لرئيسة المجلس، زينب العدوي، بعدما ظلت هذه التصاريح منسية داخل علب الأرشيف منذ سنوات، كما أن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الادارة شرعت في مراجعة القانون المنظم للتصريح بالممتلكات، وذلك في إطار تنفيذ المشاريع المدرجة ضمن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد.
وأفادت العدوي، أمام مجلسي البرلمان، بأنه بناء على دراسة تقييمية قام بها المجلس الأعلى للحسابات بخصوص ممارسته لاختصاص تلقي وتتبع ومراقبة التصريحات بالممتلكات منذ دخول المنظومة ذات الصلة حيز التنفيذ في 2010، قام المجلس بتوجيه مذكرة استعجالية للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، تتمحور حول سبل تطوير هذه المنظومة بغية تجاوز النقائص التي تعتريها والارتقاء بها إلى نظام أكثر فعالية من أجل مراقبة التصاريح المودعة على أسس موضوعية، بما يسهم في الوقاية من الفساد ومكافحته.
وأكدت العدوي على الحاجة إلى إعداد نظام قانوني موحد وشامل لمختلف فئات الملزمين بالتصريح الإجباري بالممتلكات وملاءمته مع مقتضيات الدستور، وإلى وضع مسطرة لضبط وحصر وتحيين قوائم الملزمين بالتصريح التي يتم إعدادها مبدئيا من طرف السلطات الحكومية المختصة. وفي هذا الصدد، دعا المجلس الأعلى للحسابات أيضا إلى ضرورة العمل على إعادة النظر في مضمون النموذج الحالي للتصريح بالممتلكات، وإلى إرساء نظام إلكتروني مندمج لتلقي وتتبع ومراقبة التصريحات بالممتلكات، وكذلك إلى وضع نظام عقوبات ملائم ومتدرج بشأن الإخلالات أو المخالفات المتعلقة بالتصريح بالممتلكات.
تعليقات
0