ظاهرة من ظواهر الطبيعة ….مظاهرومناظر مشينة ؟… بقلم ذ.محمادي راسي
جريدة البديل السياسي : بقلم ذ.محمادي راسي
ظاهرة من ظواهر الطبيعة ….مظاهرومناظر مشينة ؟
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
كان الجو حارا ذلك المساء، ونحن في فصل الربيع ،فصل الحركة والحيوية والعمل والإنتاج،كأن الربيع يريد أن يشيخ ، أو يستريح بعد أن كد واجتهد، ليرى الغلات والمحاصيل في غير وقتها ،فحتى زمعات الكرم لم تكمخ ، وحتى التلاميذ لم تنته بعد سنتهم الدراسية وفق الفصول الأربعة ،فالنتائج تكون في فصل الصيف ، فصل الراحة والاستجمام والاصطياف ،فهل الطبيعة تريد أن تخرج عن مسارها الطبيعي ؟،فهي لا تقبل الفراغ ، تعمل بنظام وفق نظام الكون .نعم هناك عوامل مناخية تتغير وفق الفصول ..ولكن في الفصل المذكور أعلاه وصلت درجة الحرارة إلى حوالي أربعين درجة تحت الظل وقال مراقبو الأرصاد الجوية :إن مثل هذه الحرارة ،حدثت في سنة 1953.نتيجة موجة حرارية"
نعم ،صيف في ربيع لأنني رأيت أهل المدينة يتنزهون، بل البعض اتجهوا إلى البحر قصد السباحة والسياحة ، وهناك مثل شعبي إسباني يقول:" إلى أربعين ماي لا تخلع السترة ".
وبدوري، كأيها الناس، قلت في نفسي سأقوم بنزهة
للاسترواح ،وكسر الرتوب ،الساكن في قلوبنا صباح مساء ، والغم الذي يعلق بنا ليل نهار ،والظلم الذي طالنا ردحا من الدهر، والذي لا ننساه من طرف المنشدحين المترفين المتنعمين بأموال اليتامى وأراضيهم وممتلكاتهم … في طريقي صادفت عجائب وغرائب ، هضبات من الأزبال تكدست وتراكمت ، بجوارها ماء مضيوح أسود، كالقار أو الزفت ، روائح عطنة قوية ،لا يقدر تحملها الذين يعانون من مرض الحساسية والربو ,هذه الأزبال تراكمت بسبب إضراب العمال الذين يطالبون بأجورهم ومستحقاتهم وتحسين وضعيتهم ، الناس لا يستطيعون المشي ،يتقززون ،يشمئزون ،يتذمرون ،يتأففون ، يسدون مناخرهم بمنديل أو ورق أو كمامة كي لا تتسرب الجراثيم والمكروبات إلى صدورهم ، اليوم يعرفون قيمة العامل في قطاع النظافة ، وما يعانيه وهو يؤدي مهمته ، فلماذا يهان ؟ ولماذا لا يكرم ؟ ولماذا لا ينصف ؟ ، ونحن كما نقول ونكرر دائما دولة الحق والقانون، عامل النظافة في الدول المتقدمة يكرم ويحترم ،لأنه يقوم بعمل يخدم المواطن والمدينة والوطن ، وبوظيفة هامة فيها الجانب الثقافي والخيري و الإنساني والصحي والجمالي والحضاري … إن الحضارة تبدأ من النظافة التي دعا إليها الإسلام بل هي الإيمان ، نظافة في الجسم واللباس وفي كل شيء . ، احترام العامل لابد منه كيفما كان عمله ،النبي "صلعم " قبل يد الحطاب فقال :"اليد العليا خير من اليد السفلى ".
في الحديقة الحديثة العهد، والتي أصبحت قديمة ومهملة ،تصرفات تشبه سلوك الحيوانات ،صادرة عن تبول الأضوطين ،وجعس المتجعسين أمام المارين في فضاء الحديقة ، وأماكن عمومية ….وهذه التصرفات تعتبر جنحة ،تستوجب غرامة وعقوبة ،ولكن أين الحراس والمراقبون ؟.
إن تمدن المدينة كما يقال مرارا وتكرارا يبدأ بالمرحاض،إن الدول المتقدمة حينما تقيم احتفالات ومهرجانات كبرى، تعمل على نشر مراحيض لمنع المتهورين، الذين يلوثون الشوارع والأماكن العمومية ، وفي مقال بأسبوعية "الأيام"آية الله الخميني كان ينظف مرحاض منزله بنفسه ، وكلما أرادت زوجته أن تمد له يد المساعدة ،كان يرفض قائلا:"الأشخاص الذين يأتون لزيارتي ،ويستعملون المرحاض هم ضيوفي ومن واجبي أن أساعدك بتنظيف هذا المكان ": نجاة أبو الحبيب عن الكاتبة الفرنسية ديان دوكري ص:26العدد 524// من 18ماي إلى24منه 2012.
هناك المنزل المرحاض، يملكه ممثل الجمعية العالمية للمراحيض ،"سيم جاي ديك" في كوريا ،ومن مبادئ الجمعية :نشر الوعي ،وكيفية استخدام المرحاض ،وجمع التبرعات لبناء المراحيض في الدول التي تحتاج إلى الصرف الصحي .
الأرض يلزم احترامها ،لأنها تصبر على تحمل أطنان من الأزبال ، ونحن لا نستطيع حتى شم ما ينبعث منها من كريه ، بل ، نختنق فيصبح التنفس مستحيلا ، وكذلك البحار تلقى فيها النفايات إلى أن أصبحت عبارة عن مطرح للأزبال في أعماقها تتقاذف بها التيارات البحرية من جهة إلى أخرى ، تقتات منها الأسماك التي نأكلها بكثرة …؟؟؟ااا، وخير شاهد على ذلك الاستطلاعات التلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام … إن الذي فيه بر نقتله بدون مراعاة منافعه ، والذي فيه علاط نشجعه رغم أضراره .لا نثبت الحق ،ولا نزهق الباطل ،ولا ننشر العدل ،نهين الضعيف ،ونساند السفيف ،والزغزغ الخفيف ،إن الحضارة بعد تعاريفها العديدة ،هي مساعدة الضعفاء ،ونشر الشفقة والرحمة بين البشر ،فالرسول "صلعم "أرسله الله رحمة للعالمين ولكافة الناس .
غياب الوعي والثقافة والاحترام والنظافة والمراقبة
وتطبيق القانون …هذه العوامل، وغيرها من عوامل التقدم والرقي ،يجب أن نستحضرها ونفكر فيها والعمل بها ليكون مجتمعنا سليما نظيفا، محترما المدينة "شوارعها / أحياءها /فضاءها / حدائقها / تراثها / عمرانها / مرافقها / مؤسساتها / سكانها …." حتى نستطيع العيش في دعة وسعة وطمأنينة ،ونمشي في شوارع نقية ،ونجلس في حدائق جميلة ،تفوح منها روائح زكية ذكية ،صيفا / شتاء / ربيعا / خريفا ، دون رؤية مناظر غريبة ،وسلوكات مشينة ،
وختاما أن نحتاط من الزمن الذي ليس فيه أمان ، من سره زمن ساءته أزمان ،كما قال أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس ، وما حصل للمعتمد بن عباد ، حينما كان مسرورا بالأعياد وغيرها ،ثم جاءه العيد في أغمات مأسورا ،ومن التقلبات المناخية ،ومن الظواهر الطبيعية ،من زلازل وكسوف وخسوف ،ومرور كواكب وأجسام غريبة أحيانا بالقرب من الأرض ، كما يحدث للقمر حسب رأي علماء الفلك (كل ثمانية عشر عاما في اقترابه من الأرض فيظهر سطحه لامعا ، وأكثر إشعاعا وأكبر حجما ، وقد أطلقوا عليه "القمر الخارق ."
ألا نكون "هيبيّين" الفاشلين : نأكل وننام ،ونترك الأزبال بجوانبنا هائمين في عالم الخيال بتناول "ل،س،د والماريهوانا ،والكوكايين "وو…. ولا "بوهيميين" الهائمين :لا نعمل ولا نفكر في المستقبل ،ولا نلتزم بالأمور العامة والخاصة ،ولا نقدر المسؤولية , ولا "طوباويين" الحالمين :نعيش في عالم الخيال تهيمن فيه المثالية، ونفكر بأفكار بعيدة عن الواقع المعيش ، يلزم ألا نعيج بها لأنها غير مجدية ، ولا "قرقوبيين " أهل "التشرميل "والتيه والهذيان والعنف والشر…. ولا من جيل العبث والضياع والغثيان والاغتراب والاستلاب ؛أنصار الوجودية ،فالصيف هو الصيف ،والربيع هو الربيع، والخريف هو الخريف ،والشتاء هو الشتاء وإن تغير المناخ . فالحبوب والفواكه والخضر وغيرها من المنتوجات تظهر في إبانها وأوانها بمذاقها ولذاذتها ، فإذا ظهرت في غير وقتها بوسائل يصنعها الإنسان ،فقدت طعمها وحلاوتها ونكهتها ، وحتى الأسماك لها أوقاتها ،فالسردين يكون لذيذا في الشهر الذي لا يحمل حرف الراء ، ونعم السردين…اا الذي وهبه الله بكثرة لبلدنا وهو أكلة الفقراء كما يحلو للبعض تسميته ـــ وكذلك للأغنياء ـــ غني بالفيتامينات أوميغا 3، وفيه فوائد جمة ،لو كان من خلق الإنسان ـــ ولا يستطيع ولن يستطيع على ذلك ـــ سوف لا تجد/ بتاتا / سردينة واحدة في الأسواق.
وبعد ،إن المناخ يتغير ،وتنتج الفصول الأربعة نتيجة دوران الأرض حول الشمس ، وهذه الحركة تعطي هذه التغيرات من حرارة وبرودة ،وبعد الحرارة التي حدثت في الأيام القليلة من الفصل المذكور آنفا ،رجعت البرودة ثانية نتيجة الثلوج التي سقطت ،والأمطار التي هطلت ،فجاءت الرياح قوية باردة ، إن الرياح رغم فوائدها ،فهي تساهم في تعطيل الحركة الاقتصادية ،من سياحة ورحلات جوية وملاحية .
لا أدري أهو صيف ،أم شتاء ،أم خريف في ربيع ..؟ فكما ذكرت سابقا :"إلى أربعين من ماي لا تخلع السترة أوالمعطف "،أحيانا أكثر من أربعين …. الإنسان لا يحترم الطبيعة ولا يهتم بها لغروره وتفكيره فيما وراء الطبيعة والصعود إلى السماء ، تقوده العجرفة والأنانية وحب التملك والسيطرة ، وميله إلى الحروب والقتل والشر والحسد ، فقتل الأرض من جراء الحروب المدمرة والمبيدة والتجاريب النووية ، والسباق نحو التسلح ، ولوث الأرض والبحار والمحيطات بالأزبال والنفايات ، والسماء بالدخان والغازات.السامة …..كغاز الرادون المضر بدون رائحة وطعم ولون ، ونسي سهوا أو عبثا التفكير في النمو الديموغرافي والعمراني ، يظن أنه ما زال في عهد قابيل وهابيل …فقط ، وهو لا يعرف أن عدد السكان في منتصف هذا القرن سيصل إلى عشرة ملايير نسمة ، فأين الأمن الغذائي …؟ ويظن أن الأرض تسع كل شيء ، ولا يفكر في نشر السلم والقضاء على الجوع والمرض والجهل ، وأخذ الحيطة والحذر من الظواهر الطبيعية ، اليوم استفاق من سباته بعد أن أهلكه غروره وبطشه وجهله وعبثه وتيهه ،وفي حسبانه أنه يسيطر ويهيمن على كل شيء ….، فأصبح اليوم لما بلغ السيل الزبى يخاف من التقلبات الجوية والتغيرات المناخية والاحتباس الحراري خلال الفصول الأربعة ، طفق يفكر في مستقبل الأرض ومستقبل الشعوب ــ ظهر أنصار المدافعين عن الطبيعة ؛"كريمبيس "ـــ فسارع وبادر إلى إنشاء "جمعية أصدقاء الأرض " وإلى عقد ندوات كل سنة في مختلف المدن وعواصم دول العالم، تهتم بمناقشة المناخ المتغير مع أخذ الاحتياطات ، والخروج بالتوصيات ، ودحض كل ما يؤدي إلى تلويث الجو والأرض والبحر والسماء ، وما يضر الإنسان والحيوان والنبات ، وقمة هذه السنة عقدت بمدريد ….حضرت فيها الطفلة السويدية "غريتا نونبرغ " التي قادت حملة عالمية وشاركت في مسيرة بشوارع مدريد لأجل كون نظيف بطاقة نظيفة متجددة ، بدون دخان وغازات ونفايات … ، إلى جانب عقد لقاءات وحوارات ك"الحوارات الأطلسية " ، للنظر في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لدول الجنوب ، وكذلك لقاء رؤساء النيابات العامة بمراكش في 11و12دجمبر 2019م شاركت فيه فرنسا وبلجيكا وإسبانيا والمغرب ، العالم اليوم ازداد تعقدا وتأزما ؛ العولمة ، الآلة ستتحكم في الإنسان ، العوالم الافتراضية ،الذكاء الاصطناعي ، الهواتف الذكية ، المشاكل السياسية والاجتماعية ، الموجات الجديدة ، تنامي الاحتجاجات ، خطر المجاعة ، تزايد السكان ، مشكل التعليم ؛ ـــ لابد من تعليم مقرون بالتربية يفكر في المستقبل ، وتكوين جيل يفكر ويبدع بعيدا عن التقليد والتكرارـــ ، الملوثات تسبب في اتساع ثقب الأوزون ، ارتفاع درجة الحرارة ،الجفاف ، الهجرات ، التجاريب النووية عن طريق تفجيرها ……هذه المشاكل وهي كثيرة حلت بالإنسان بسبب سهوه وعبثه ، وعيشه في رفاهية لا يعبأ بما يدور في محيطه ….لا يحترم البيئة ، يريد التغلب على الطبيعة مع أنها تلقنه كل يوم درسا تربويا فكريا وتؤدبه أحيانا نظرا لتعجرفه وأنانيته ….
اليوم الطبيعة أعطت وتعطي دروسا للإنسان ـــ لأنه يطغى كما ورد في القرآن الكريم الذكر الحكيم ؛"كلا إن الإنسان ليطغى " ــــ للنظر في ما يدور حوله وما يجري في كونه وأرضه ووطنه ومدينته وحيه و"مدشره "والشوارع ……، ووضعية أفراد المجتمع وخصوصا الفقراء والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة ، صحيا / اجتماعيا / ماديا / ثقافيا / تعليميا / أمنيا /مأكلا / مسكنا / ملبسا / مشربا ، لا داعي إلى أن يبني قصورا في السماء ويعيش في الخيال والأبراج العالية ،ويتبجح بالسلطة والمال والقوه والجاه ، فالحياة مدرسة مليئة بالتجارب التي هي أم العلوم ، والطبيعة هي المقرر المتغير على مدار السنة ، كل يوم تأتي ؛أي الطبيعة ؛ بجديد تدفع الإنسان إلى العمل والتفكير والإبداع والخلق والابتكار ، وما زال عاجزا عن مقاومة الظواهر الطبيعية من عواصف وزوابع وأعاصير وفيضانات وتسوناميات .. وبين آونة وأخرى تزورنا رياح قوية بأسماء ؛ ك "دانا" و"إلسا" ، و"دانييل" خلال هذا الفصل الحالي فصل الخريف وفي بداية هذا الأسبوع ولما يحل فصل الشتاء من هذا العام 2019م ، ثم هو عاجز عن مقاومة الزلازل التي تحدث أحيانا ولا يعرف وقتها …."بأن ربك أوحى لها "، "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" ، صدق الله العظيم .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار