جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

ظاهرة الموظفين الأشباح وكيفية مواجهة تحدياتها بنظام رقمي صارم

imresizer-1696453276055-600×445-1-539×400

جريدة البديل السياسي -شاشا بدر 

في العديد من المؤسسات العمومية والخاصة، لا تزال ظاهرة “الموظفين الأشباح تؤرق المسؤولين والمواطنين على حد سواء. هذه الظاهرة، التي أصبحت تنتشر بشكل متزايد في بعض القطاعات، تؤدي إلى إهدار موارد الدولة والمجتمع، حيث يتقاضى الأشخاص أجورًا دون أن يقدموا أي خدمة تذكر. لكن السؤال المطروح هو: كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟ وكيف يمكننا تعزيز كفاءة العمل في الإدارة العامة لضمان تقديم أفضل الخدمات للمواطنين؟

في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب، والتي تتطلب من جميع القطاعات الحكومية والخاصة بذل جهد أكبر لتحقيق الأهداف الوطنية، بات من الضروري أن نتبنى نظامًا رقميًا صارمًا يمكن أن يعيد الحياة إلى المرافق العامة، ويضمن عدم تضييع أي جهد أو طاقة. فما الذي يمكن أن يقدمه هذا النظام؟

نظام رقمي للتسجيل الدقيق:

أولى خطوات محاربة الموظفين الأشباح تبدأ من التسجيل الدقيق لحضور الموظفين. يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة مثل التعرف على الوجه أو البصمة الرقمية لتسجيل الحضور والانصراف. هذا النظام يمكن أن يضمن أن كل موظف يدخل ويغادر المؤسسة في الأوقات المحددة، مما يحجم من تسلل الغيابات غير المبررة.

 يمكن ربط الحضور بالمهام اليومية، بحيث لا يقتصر النظام على متابعة وقت الوصول والمغادرة فقط، بل يمكن أن يتابع أداء الموظفين بناءً على المهام التي تم إنجازها والمدة التي استغرقوها في إنجاز تلك المهام.

مراقبة الأداء وتحديد المسؤوليات:

المشكلة لا تتعلق فقط بالحضور والانصراف، بل في الأداء أيضًا. لذلك، يجب أن يُعتمد نظام إلكتروني لمتابعة أداء الموظفين، بحيث يتم توثيق كل مهمة يتم إنجازها وتقييمها بناءً على معايير واضحة. هذا النظام يجب أن يكون متاحًا للإدارة لقياس مدى كفاءة الموظف في عمله، وضمان أن الجهود المبذولة تتماشى مع معايير الجودة والأداء.

نظام التحليل البياني للأداء يمكن أن يكون أداة قوية لمعرفة الموظفين الذين يحققون إنجازات استثنائية وتكريمهم، وفي المقابل، يمكن تحديد الموظفين الذين يعانون من نقص في الأداء واتخاذ الإجراءات المناسبة.

الشفافية والمكافآت المستحقة:

من أهم مميزات النظام الرقمي الصارم هو تعزيز الشفافية في التعامل مع الموظفين. عندما يتم ربط المكافآت والترقيات بأداء الموظف الذي يتم قياسه رقميًا، فإن هذا يخلق بيئة من التنافس الإيجابي والالتزام. الموظف الذي يعرف أن أداءه هو الذي سيحدد مستقبله الوظيفي، سيكون أكثر دافعًا للعمل بإنتاجية أكبر، مما ينعكس إيجابيًا على سير العمل في المؤسسات.

يجب أن يرتبط الترقيات والمكافآت المالية مباشرة بنتائج الأداء الفعلي، وليس بالمدة الزمنية التي قضاها الموظف في العمل. هذه الخطوة ستحفز الموظفين على الانخراط بشكل أعمق في مهامهم، وتقلل من فرص التراخي والتكاسل.

إجراءات صارمة للمحاسبة:

عندما يتم تفعيل النظام الرقمي، يصبح من السهل محاسبة الموظفين المتغيبين أو الذين لا يحققون المعايير المطلوبة. عبر هذه الأنظمة، يمكن إصدار تقارير دورية توضح أي خلل أو تلاعب في الحضور أو الأداء، مما يجعل من الصعب على أي موظف التهرب من المسؤولية.

أيضا، يمكن أن تتضمن هذه التقارير إشعارات تلقائية للمسؤولين عندما يلاحظون أي سلوك غير مناسب. هذه الإجراءات السريعة تساهم في تقليل “التراخي الإداري” الذي قد يسمح لظاهرة “الموظفين الأشباح” بالانتشار.

نحو بيئة عمل أكثر كفاءة:

إن تطبيق نظام رقمي صارم ليس مجرد وسيلة للحد من ظاهرة “الموظفين الأشباح”، بل هو خطوة نحو تحسين الأداء العام للمؤسسات. فالقطاع العام الذي يعاني من ضعف في الإنتاجية سيستفيد بشكل كبير من التقنيات الحديثة التي يمكن أن تسهم في رفع كفاءة العمل، وتحديد المسؤوليات بوضوح، وتحفيز الموظفين على التميز.

إذا تم تفعيل هذا النظام على نطاق واسع، سيضمن تحقيق العدالة في توزيع الجهود والموارد داخل المؤسسات الحكومية، مما يعود بالنفع على المواطنين والمجتمع ككل.

 

 

 

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي