شبح العنوسة يطارد الشباب العاطل عن العمل
جريدة البديل السياسي : نقطة نظام يكتبها محمد أعبوز
العنوَسة هي من المحرّمات الاجتماعية التي يتجنَّب الكثير من المختّصين الاجتماعيين أو الأسريين الحديث عنها أو التطرّق إليها إلاَّ في ما ندر.
ويعتبرها بعضهم مرضاً اجتماعياً صعب العلاج قد تسلَّل إلى جسد المجتمع المُحافظ وسكن بين جناحيه. فالعنوَسة والتي تعني حسب التعريفات والاصطلاحات العلمية الاجتماعية تأخّر سنّ الزواج عن المُعدَّل العادي المُتعارف عليه اجتماعياً في أي بلد.
وهذا المصطلح يشمل الجنسين ممَّن تأخّر بهم قطار الزواج لكنه أصبح لصيقاً بالإناث وحدهن في المجتمعات النامية، ومنها قطعاً المجتمع الذي انتشرت فيه هذه الظاهرة المؤرقة لكثير من الأسر والنِّساء كانتشار السُّم في جسد ميدوسا قبل قطع رأسها.
فالإحصائيات الرسمية الصادرة عن المختصين للإحصاء تكشف لنا عن حجم الواقع المرير والصادم في ما يتعلق بهذه الظاهرة، وتميط اللثام عن وجود أزيد من مليون فتاة قد تخطّت سنّ ال َ34 من دون زواج. بالإضافة إلى أنَّ هناك أكثرمن30 % من الفتيات يُعانين من شبح العنوَسة نتيجة عدَّة عوامل اجتماعية واقتصادية ومجتمعية قد ساهمت في ذلك بشكل مباشر.
وهذه النِسَب جاءت نتيجة دراسة مشتركة قام بها خبراء التنمية التابعين للأمم المتحدة مع باحثين مستقلين. فالعدد المطَّرد الذي شهد ارتفاعاً غير مفهوم إذ كان في حدود 6 ملايين عانس في التسعينات من القرن الماضي نتيجة الظروف الأمنية الصعبة في المجتمع والتي أدّت إلى هجرة آلاف الشباب من الجنسين بحثاً عن حياة أفضل بعيداً عن مارد الموت الذي كان رابضاً على قلوب الجميع، ليصل العدد حسب أرقام العام الماضي إلى أكثر من12مليون عانس بمعدل قارب ال 200 ألف يدخلون ضمن هذا النِّطاق من الفتيات كل سنة. المغرب تتصدّر قائمة الدُّول العربية من حيث انتشار هذه الظاهرة وتغلغلها في المُجتمع، تليها دولٌ كالجزائر وتونس. فنسبة الشَّباب في المغرب التي تبلغ حوالى أكثر من70 % من المجتمع قد تتقلّص في السنوات القادمة لتتحوّل من دولة يشكّل هؤلاء قوتها الدَّافعة ورافعتها الاقتصادية والأمنية والثقافية، إلى دولة تصبح الشَّيخوخة فيها وانخفاض معدلات الإنجاب هي سمتها الغالبة نتيجة هذه الظاهرة الخطيرة والتي يرجعها العديد من المختّصين، وعلى رأسها العوامل الاقتصادية كانتشار البطالة في أوساط الشباب المغربي. وهي ظاهرة لا تزال مستمرة في الارتفاع كل سنة ومن دون توقّف رغم الأرقام الرَّسمية المقدّمة والتي يكذّبها الواقع والأرقام الأكاديمية المستقلّة في المُجمل.
وكذلك غلاء المُهور وانعدام السَّكن لمعظم الشَّباب من الجنسين وارتفاع تكاليف الحياة اليومية وهي تُعتبر بالتالي من أهم العقبات أمام الزواج لكلا الجنسين. زيادةً على أسباب أخرى اجتماعية وبسيكولوجية كالخوف من الارتباط أو رغبة بعض الفتيات في إكمال دراستهنَّ العليا أو تحقيق الذّات وإثبات وجودهنَّ اجتماعياً من خلال التَّرقي في السُّلم الوظيفي…الخ إلى غيرها من الأسباب التي تختلف باختلاف عمر الفتاة أو الشَّاب أو تباين مستوياتهم الطبقية أو العلمية أو البيئة الاجتماعية التي ينحدرون منها.
وساهم تغيير المفاهيم والذهنيات لدى المرأة إلى حدٍّ كبير في انتشار هذه الظاهرة. إذ أصبح الزواج آخر اهتماماتها خاصة إذا كانت ذات مستوى مادي أو تعليمي مرتفع. فيما يذهب أحد العلماء إلى أنَّ العادات والتقاليد البالية والمتخلِّفة أصبحت تشكّل حجر عثرةٍ وعائقاً أمام إقدام الشباب على الزواج وإكمال نصف دينهم بالتالي حسب المنظور العقائدي والمجتمعي المغربي.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار