جريدة البديل السياسي |منوعات

سيوف في الأحياء وصراخ في الشوارع: هل هي صدفة بعد شهر التسامح؟

اانحلال-e1743852980174
جريدة البديل السياسي

سيوف في الأحياء وصراخ في الشوارع: هل هي صدفة بعد شهر التسامح؟

لم تكد تمضي أيام قليلة على انقضاء شهر رمضان المبارك، شهر التسامح، شهر الصفاء الروحي والتلاحم الاجتماعي، حتى طفت على السطح موجة مقلقة من المشاهد والصور التي تغزو منصات التواصل الاجتماعي. مقاطع فيديو وصور توثق مظاهر عنف وانحلال أخلاقي، تجتاح الفضاء الرقمي بشكل غير اعتيادي ومثير للريبة، تستدعي وقفة تأمل جادة حول دوافعها وتأثيراتها على مجتمعنا المغربي وقيمه الأصيلة.

ما نشاهده اليوم ليس مجرد حوادث فردية معزولة، أضحى نمطا متكررا يثير تساؤلات حول طبيعته وتوقيته، شباب يعيثون فسادا في الأحياء، يحملون أسلحة بيضاء ويعتدون على المارة في وضح النهار، وفوضى عارمة تتنقل من مدينة إلى أخرى، وكأنها عدوى تنتشر بسرعة.

وإلى جانب هذه المشاهد المؤسفة، تنتشر مقاطع أخرى توثق تجمعات صاخبة ومهرجانات عشوائية، تعج بالألفاظ النابية والسلوكيات غير المسؤولة، مصحوبة بأغانٍ تحرض على العنف والانحلال، في محاولة واضحة لتطبيع هذه الممارسات الغريبة عن قيمنا، آخرها واقعة طنجة.

الأكثر إثارة للانتباه هو الطريقة التي تُنشر بها هذه المقاطع، جودة التصوير في بعض الأحيان عالية، الزوايا متعددة، وسرعة انتشارها وتزامنها النسبي بعد شهر رمضان، كلها مؤشرات تدل على وجود تنسيق متعمد، لا مجرد توثيق عفوي لأحداث عابرة، وكأن الأمر حملة منظمة لتسريب هذه المشاهد إلى الرأي العام، بهدف خلق حالة من الفوضى البصرية والتشويش على الأجواء الإيجابية التي خلفها شهر الصيام. حسب آراء ناشطين على مواقع التواصل.

إن هذا “التسريب الممنهج للفوضى”، كما يمكن تسميته، يطرح تساؤلات عميقة حول الأهداف الكامنة وراءه. هل هو محاولة لضرب الشعور بالأمن والاستقرار الذي ينعم به مجتمعنا؟ أم هو سعي لإشغال الرأي العام بقضايا سطحية ومفتعلة، لصرف الانتباه عن ملفات أخرى؟ أم أن هناك من يسعى إلى ترويج صورة سلبية عن شبابنا ومحاولة فرض نمط سلوكي دخيل على هويتنا وقيمنا المغربية الأصيلة؟، كلها أسئلة يطرحها مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي.

إن المجتمع المغربي، بتاريخه العريق وثقافته الغنية، يرتكز على قيم راسخة من التسامح والاحترام المتبادل والتضامن والاعتزاز بالهوية الإسلامية والعربية والأمازيغية، قيم تربينا عليها وتوارثناها عبر الأجيال، وهي التي شكلت حصنا واقيا لنا في وجه مختلف التحديات.

ما نشاهده اليوم من محاولات لتسريب العنف والانحلال يتنافى بشكل صريح مع هذه القيم الأصيلة، ويهدد النسيج الاجتماعي المتماسك الذي يميزنا.

ويشكل تجاهل هذه الظاهرة المقلقة والسكوت عن هذا التسريب الممنهج “خطرا حقيقيا” على استقرار مجتمعنا وهويته. علينا أن نكون على قدر عالٍ من الوعي واليقظة، وأن نتعامل بحذر مع ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا ينبغي أن ننجر وراء هذه المحاولات لتضخيم السلوكيات المنحرفة وجعلها تبدو وكأنها هي القاعدة، بينما الحقيقة أن الغالبية الساحقة من شبابنا متمسكة بقيمها وأخلاقها.

إن مسؤولية التصدي لهذه المحاولات لا تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، بل هي مسؤولية مجتمعية مشتركة، يجب على الأسر والمؤسسات التعليمية والدينية ووسائل الإعلام أن تقوم بدورها في تعزيز القيم الأصيلة وترسيخها في نفوس الأجيال الشابة، كما يتعين علينا أن نكون حذرين في تداول مثل هذه المقاطع، وأن نركز على نشر المحتوى الإيجابي الذي يعكس الوجه الحقيقي لمجتمعنا وقيمه النبيلة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي