سروال علي
جريدة البديل السياسي
من منا لا يتذكر –خصوصا جيل الستينات وبداية السبعينات – قصة "سروال علي" التي كانت مقررة في سلسلة "اقرأ" للتعليم الابتدائي لمبدعها الكاتب والصحافي "احمد بوكماخ".حيث تحكي هده القصة الطريفة عن طفل اسمه "علي" اشترى له أبوه سروالا ولما لبسه اكتشف بأنه طويل – بمقدار شبر- عن قدميه، فطلب من أمه ثم من أخته ثم من جدته أن يقمن بقص السروال بمقدار الشبر وخياطته، فاعتذرت النسوة الثلاث بحجة أنهن مشغولات بأعمال أخرى.
فلما جاء الليل، تذكرت الأم طلب ولدها فقامت في لحظتها فقصرت السروال بمقدار شبر وخاطته، ثم تذكرت الأخت وقامت من نومها وفعلت نفس الشيء وبعد ذلك عند الفجر كان دور الجدة لتلبي طلب حفيدها، وعند الصباح لبس "علي" السروال للذهاب إلى المدرسة فوجده مجرد "شورت".
هذه القصة لابد وأن قرأها الصحافي "علي أنوزلا" لأنه من جيل بداية الستينات، غير أنه لم يستوعب العبر والدروس التي كان يريد "بوكماخ" زرعها في عقول الناشئة.
فحكاية "سروال علي" شبيهة ب"سيرة علي أنوزلا"، غير أن كاتب القصة هو "بوكماخ" في حين أن صاحب السيرة هو "بوكلاخ".
فالسروال الطويل الذي لبسه علي أنوزلا هو ميدان الصحافة، حيث أنه كان في بداية مشواره يقبل بأن يطوي جوانب هذا السروال وهو صحافي بجريدة "الشرق الأوسط" قبل أن يقرر مغادرتها لأنه اكتشف بأن الموضة في بداية التسعينات هي أن يظهر حذاءه الجديد عبر قص أطراف السروال الزائدة عن الطول وذلك إثر حرب العراق.
إظهار الحذاء الجديد قاده إلى الارتزاق بعدة صحف فرنسية وتونسية وحتى لصالح وكالة الأنباء الليبية "جانا" في عهد الديكتاتور معمر القدافي.
ولأن من طبيعتة خيانة الأمانة وعض اليد التي أحسنت إليه هاجم بعد ذلك -بعد عودته إلى المغرب- القدافي فكان التقصير الثاني لسرواله الصحافي إثر المحاكمة الشهيرة التي غرم بسببها حوالي مليون درهم وورط معه عدة صحافيين آخرين في هذه القضية.
شغفه بالنجومية جعله يكون "الدون كيشوت" الذي يحارب طواحين الهواء معتقدا بأنه أحد فرسان المائدة المستديرة. فكانت النتيجة – كما يقول إخواننا المغاربة- أن أصبح مثل "ثور الغيس" ما إن يفك رجلا حتى تنغمس الأخرى في الطين.
حيث تطفل – وهو الصعلوك- على شؤون الملوك وشاكس شخصيات وازنة في الدولة المغربية ليس حبا في الحقيقة ولكن ليرسل لهم رسائل مشفرة على وجوده في الساحة بطريقة خبيثة للابتزاز ليس إلا من أجل مصالحه الشخصية.
استغل كل شيء حتى انتمائه إلى قبيلة صحراوية عريقة لإشهار ورقة الملف السياسي للصحراء في وجه الدولة المغربية، ليس اقتناعا بعدالة القضية الصحراوية ولكن حتى يضمن لنفسه- من جهة عطايا قيادتنا في شخص غراب كناريا عمر بولسان و- من جهة أخرى- الاحتماء من أي قمع للمحتل المغربي تجاهه.
كان سروال "علي بوكلاخ" يفقد طوله شيئا فشيئا نظرا لثوبه الرديء ولكثرة ما تعرض للقص، حتى أصبح فوق ركبتيه.
ولأنه استشعر بأن فصل الشتاء على الأبواب ببرودته وزمهريره، حاول أن يقتني لنفسه رداء يستر به ساقيه العاريتين ويعيد له وقاره بعد أن خسر الكثير من أصدقاء الأمس, فما كان منه إلا أن استنجد بمقال لزميله الإسباني في الجريدة "الباييس", اغتاسيو سامبريرو, الذي وجد له الحل العجيب في نشر الفكر الإرهابي لتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل عبر وضع رابط بين موقع "لكم" وموقع هذا الصحافي.
وبالتالي حق عليه القول "من جاور السعيد يسعد ومن جاور الحداد ينكوي بناره", فالصحافي الإسباني بدل أن يمنح رداء لتدفئة ساقي "بوكلاخ" فك حزام ما بقي من "سروال علي" وسقط عنه ليكشف عورته للعالم… اللهم لا شماتة.
الغضنفر "الصحراء ويكيليكس"
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار