جريدة البديل السياسي
رصدت لجان التفتيش، التابعة لمصالح وزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، اختلالات متعددة في تدبير الصفقات العمومية بالمجالس المنتخبة، وسندات الطلب التي يتم توزيعها للمجاملة وخدمة الأجندات الانتخابية، حيث تبين في بعض الحالات وضع بعض الشروط التقنية التي تعمل على إقصاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة بشكل مسبق، ما يتعارض وسياسة دعم الشباب لخلق التنمية وتوفير فرص الشغل.
وتتطلب الشفافية في الصفقات العمومية التدقيق في دفاتر التحملات، التي تنظم العلاقة والالتزامات بين الأطراف المعنية، والبحث في العروض التقنية والمالية للمتنافسين، وضمان تكافؤ الفرص بين الجميع، فضلا عن الجودة في التتبع والمراقبة، وتحقيق الأهداف المطلوبة سواء على مستوى تجويد الخدمات العمومية أو فك العزلة أو مشاريع أخرى تهم الشأن العام.
لقد سبق الاحتجاج داخل المجالس الجماعية على التحايل على تضارب المصالح، من خلال إنشاء رؤساء جماعات ترابية لمقاولات وشركات بأسماء مقربين منهم يتم الاتفاق معهم لنيل صفقات سندات الطلب والفوز بالصفقات العمومية، كما سبق وأثارت صفقات التغذية والسفريات والسيارات والمحروقات والعتاد للتزيين وتدبير المساحات الخضراء جدلا واسعا نتيجة التلاعب في الأرقام والفواتير.
إن من أبرز ما يواجه جودة الصفقات العمومية التلاعب في الفواتير والنفخ فيها من خلال التواطؤ مع الجهات المزودة، وعدم مطابقة الأشغال للجودة المطلوبة وتغاضي بعض الجهات المراقبة عن ذلك، إلى جانب صفقات اقتناء معدات وتجهيزات لا يتم استعمالها لأسباب متعددة، من مثل آليات تسجيل الحضور أو تلك التي تنظم قاعات الانتظار ولا يتم استعمالها بجل الجماعات الترابية.
وفي ظل مطالب العمل على ترسيخ الشفافية والنزاهة في سندات الطلب والصفقات العمومية، وتفعيل المحاسبة بشأن كافة الاختلالات والتجاوزات وتشجيع المقاولين الشباب، تحاول بعض القيادات الحزبية التغطية على فساد رؤساء جماعات والدفاع عنهم في التشريعات القانونية الجديدة، علما أن المسؤولية تقتضي المحاسبة في كل الأحوال، لكن مداخل الابتزاز يجب أن تبقى مغلقة أمام الجميع بواسطة القانون والصرامة في العقوبات الرادعة.
وأرجعت تقارير المجلس الأعلى للحسابات، حول تنفيذ النفقات العمومية بواسطة “سندات الطلب”، غياب المنافسة الحقيقية في هذا المجال إلى ضعف نظام المراقبة الداخلية، كما رصد المجلس نفسه اللجوء إلى تجزئة النفقات لتنفيذها بواسطة “سندات الطلب” وتفادي الصفقات العمومية وما يرتبط بها من إجراءات طويلة ترتبط بفتح طلبات عروض وإلزامية احترام الآجال القانونية.
إن القضاء نسبيا على الفساد الذي يعشش داخل الصفقات العمومية وسندات الطلب، لا يمكن في ظل الإفلات من العقاب وتعثر وتأخر التحقيقات الإدارية والقضائية، والتراخي في تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، لذلك على جميع المؤسسات المعنية تحمل مسؤوليتها في تتبع صرف المال العام، لأن معايير الصفقات العمومية التي يتم إطلاقها توازي التمويل بالدول المتقدمة، لكن جودة التنفيذ تبقى بعيدة عن تطلعات المواطنين، والسبب هو فيروس الفساد ولا شيء غيره طبعا.
تعليقات
0