جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

ربط المسؤولية بالمحاسبة: ضمانة للديمقراطية وحماية للمواطن.

téléchargement (7)

جريدة البديل السياسي – بقلم: حليمة صومعي.

في ظل النقاش العمومي المتزايد حول أداء المنتخبين والمسؤولين المحليين، يظل مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” أحد أهم الأسس التي لا يمكن لأي دولة أن تبني عليها مشروعًا تنمويًا حقيقيًا بدون أن يُفعّل بشكل صارم وواضح.

مسؤولية بلا محاسبة = فوضى مغطاة بالقانون حين يتحول المنصب العمومي إلى غاية بدل أن يكون وسيلة لخدمة المواطنين، وحين يغيب التتبع والمراقبة، تصبح المسؤولية مجرد واجهة، ويُفتح الباب أمام العبث بمصالح الناس وتبذير المال العام.

العديد من الجماعات القروية والمجالس المحلية، خاصة في العالم القروي، تعاني من هذا الواقع: مشاريع متعثرة، خدمات غائبة، ووعود لا تُنفذ. ورغم كل ذلك، لا يُحاسَب أحد، وكأن المواطن لا يملك حق المساءلة.

دستورياً… ربط المسؤولية بالمحاسبة ليس شعاراً بل التزاماً ينص دستور المملكة المغربية بوضوح على هذا المبدأ، وهو ما يجعل من المحاسبة جزءاً لا يتجزأ من الوظيفة العمومية والسياسية. فالمنتخب ليس فوق القانون، والمجلس الجماعي ليس شركة خاصة، بل مؤسسة تدير الشأن العام، وتمولها جيوب المواطنين. المحاسبة ليست تصفية حسابات…

بل تصحيح للمسار في كل مرة يتم فيها استدعاء مسؤول عمومي للمساءلة، تظهر أصوات تعتبر ذلك تشهيرًا أو استهدافًا، لكن الحقيقة أن المحاسبة ثقافة حضارية، وهي السبيل الوحيد لضمان الشفافية والفعالية في التسيير.

من غير المقبول أن نطالب المواطن بأداء واجباته، في حين يُعفى المسؤول من محاسبة تقصيره أو فساده.

متى نرى التفعيل الحقيقي لهذا المبدأ؟ نحتاج اليوم إلى إرادة سياسية قوية، وآليات مؤسساتية عملية، لمراقبة الجماعات الترابية والقطاعات العمومية، ليس فقط عبر تقارير موسمية، بل من خلال تفعيل المساءلة القضائية والإدارية. كما أن دور المجتمع المدني والإعلام يظل حاسمًا في فضح التجاوزات والتنبيه إلى مكامن الخلل.

الخلاصة: لا تنمية بدون ربط المسؤولية بالمحاسبة لا يمكن لأي مشروع تنموي أن ينجح، مهما كانت نواياه طيبة، إذا لم تكن هناك رقابة ومحاسبة صارمة لكل مسؤول قصر أو خان الأمانة. فالوطن لا يبنى بالشعارات، بل بالمبادئ، وأولها أن المنصب مسؤولية، ومن لا يتحملها، يجب أن يغادره… أو يُحاسب.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي