ذكرى “عاشوراء” عند المغاربة بين النص السني والواقع البدعي
جريدة البديل السياسي .كوم بقلم: رحمة معتز*
يحتفل المغاربة كباقي العالم الإسلامي بالسنة الهجرية الجديدة على نحو مميز و متفرد في ماهيته و طقوسه، على مستوى الفرد أو المجتمع، في تجليات عادات و معاملات اجتماعية ودينية واقتصادية دالة على عمق الحدث و رسوخه في المجتمع بكل طبقاته و مكوناته، العاشوراء مسمى عند العرب و تمعشور عند الأمازيغ، تباين في التسمية و الماهية و ناهيك عن القصد علما أو جهلا ، فما هو العاشور أو تمعشور؟
يخلد المغاربة منذ العهود الإسلامية الأولى ذكرى العاشوراء في نحو من التميز و التنوع لتنوع المشارب و الروافد فما بين سني مستمد من النص الشرعي خاصة الحديث النبوي وبين الواقع البدعي جهلا أكثر منه علما.
العاشور أو تمعشور دلالة إلى اليوم العاشر من شهر محرم الذي يحرم القتال فيه و الظلم وإراقة دماء المسلمين و غيرهم عند الله، شهر عرف التاريخ فيه أحداث جسام أثبتتها الكتب السماوية و السنة النبوية الشريفة.
إن التعظيم الذي يجعل من العاشوراء يوم مميز بعبادة هي الصوم عند المسلمين واليهود لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم بعد هجرة النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وجد اليهود في صيام فلما سال عن الأمر قالوا أنه شكر لله على نجاة موسى من فرعون وهو الحدث الجلل الذي ينضوي تحته جملة من المعجزات، التي لازمت موسى عليه السلام وبنو إسرائيل حين عبروا البحر بتوفيق من الله و غرق فرعون بقدرة القادر على نصرته لأهل الحق حينها، فكان في التوراة أن العاشوراء مرتبط بالصيام لقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة:183، وقد روى بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه و أمر بصيامه}. أخرجه البخاري و في رواية قال صلى الله عليه و سلم:{ لئن عشت إلى قابل ، لأصومهن التاسع مع العاشر} و كان العام التالي في رحمة ربه و رضوانه عليه أفضل الصلاة والسلام، و لم يرد في الأثر الصحيح إلا ما ذكر، فكان الحكم باستحباب الصيام ليومين مخالفة لليهود في يومهم، كما هو في كتب الفقه و تفاسير السنة و السير.
إلا أن الملاحظ لذكرى العاشوراء في بلاد المسلمين سيجد الأمر بين طائفتين كبيرتين واحدة تحييها باللطم و الحداد و البكاء و الحزن و هم الشيعة لذكرى قتل الحسين و خاصة الروافض وهم من قال عنهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى: والرافضة: هم الذين يتبرؤن من أصحاب محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويسبونهم و ينتقصونهم، للقصة التي عرفها التاريخ في مقتله رضوان الله عليه، و طائفة تحييها بالفرح والتوسعة و السرور محيلة إلى النواصب و هم كما شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة : ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ….. ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة.قيل أيضا أن منهم و من هم الخوارج الذين خرجوا عن علي رضي الله عنه و عادوه، باقتضاب في طرفي العالم الإسلامي.
إن المغاربة يمثلون التفرد و التميز في احتفالاتهم فما بين حزن و لطم أكده تاريخ بعض القبايل، توارثته بجملة من العادات التي لا اثر لها في الشرع، حيث تلتزم الحزن بعدم الإغتسال أو غسل الملابس أو المنازل أو التنظيف عموما، حزنا على ” ببا عيشور “يتوج الحزن بعادة الشعالة في الليلة العاشرة، وهي من الطقوس الوثنية المعتمدة على النار باعتبارها جالبة للخير حارقة لغيره في هذه الليلة.
تابع آخر الأخبار من جريدة البديل السياسي على WhatsApp
تابع آخر الأخبار من جريدة البديل السياسي على Google News
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار