خطاب المسيرة الخضراء 2024 والرسائل القوية
البشير الحداد الكبير، دكتور في القانون العام
إن خطاب المسيرة الخضراء هذه السنة خطاب قوي، يحمل دلالات مهمة، فخطب جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده تكون قصيرة المدة، قوية الفعل.
لقد أكد جلالته في بداية الخطاب السامي على تشبت سكان الأقاليم الجنوبية بمغربيتهم في إطار البيعة التاريخية التي جمعتهم مع ملوك المغرب، كما تحدث جلالته عن التنمية الإقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية بفضل المشاريع التي تم إطلاقها سنتي 2015 و2016.
وذكر جلالته في مستهل الخطاب بالإنجازات الديبلوماسية التي حققها ملف وحدتنا الترابية من خلال فتح القنصليات كإعتراف واضح وصريح بسيادة المغرب على صحراءه، وكذا التأييد الدولي واسع النطاق لمبادرة الحكم الذاتي، فخطاب المسيرة هذه السنة هو تتمة لخطاب افتتاح البرلمان.
لقد وجه جلالة الملك خطابه اليوم رسائل قوية لأعداء وحدتنا الترابية، الذين يروجون لفكرة الإستفتاء مع العلم أن مجلس الأمن في جميع قراراته منذ سنة 2007 إلى آخر قرار صدر في نهاية أكتوبر 2024، قد أنهى كليا الإستفتاء واعتبر مبادرة الحكم الذاتي هي الحل السياسي النهائي لهذا النزاع المفتعل، فهؤلاء الذين يطالبون بالإستفتاء لا يحترمون حقوق الإنسان ولعل الوضع المزري في مخيمات تندوف خير دليل على ذلك، كما أنهم يستغلون ملف الوحدة الترابية للمغرب ليجدون منفذا للمحيط الأطلسي، مع العلم أن جلالة الملك مد يده الشريفة للحوار منذ أكثر من مرة، وفي السنة الماضية أطلق مبادرة إستراتيجية لولوج 23 دولة إفريقية مطلة على المحيط الأطلسي ودول الساحل أيضا، وبالتالي هي إشارة قوية من جلالته بأن المغرب لا مانع لديه في ولوجهم أيضا للمحيط الأطلسي ولكن على أساس التعاون المشترك وبطرق قانونية وليس على حساب مهاجمة الوحدة الترابية للمملكة، وبالتالي فقد وجه جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره خطابا قويا أيضا للأمم المتحدة حتى تتحمل مسؤوليتها وتوضح الفرق بين العالم الحقيقي الذي يعيشه المغرب وبين الأطروحة الوهمية الإنفصالية التي تدعو إلى التشتت والدمار.
لقد خصص جلالة الملك حفظه الله ورعاه خطابه السامي اليوم للحديث عن مغاربة العالم وهذا يدل على الحرص المولوي السامي برعاياه واعترافا بالدور المحوري الذي تلعبه الجالية المغربية بالخارج في الدفاع عن المصالح العليا للوطن، فقد جدد جلالته الدعوة لإعادة هيكلة مجلس الجالية المغربية بالخارج، وهي نفس الدعوة التي أكد عليها في خطاب ثورة الملك والشعب سنة 2022، فهذه المؤسسة الدستورية تعتبر ثمرة من ثمرات العهد الجديد وهي من مؤسسات الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من دستور 2011، وبالتالي دعا جلالته لإخراج قانون جديد يؤطرها، كما دعا جلالته نصره الله وأيده إلى إحداث مؤسسة جديدة وهي المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج ستكون مهمتها الأساسية إعداد وتنفيذ السياسية العمومية التي تهم هذه الفئة من الأمة المغربية، وسيشمل عملها على مواكبة كفاءات المغرب بالخارج واستقطابهم للإستثمار بالوطن(سبق أن دعا جلالته إلى ذلك في خطاب ثورة الملك والشعوب منذ سنتين)، فالمغرب يتوفر على إطار مؤسساتي(المراكز الجهوية للإستثمار )وقانوني(القانون الإطار 03.22) ومناخ أعمال محفز على الإستثمار.
كما ستقوم هذه المؤسسة برقمنة وتبسيط المساطر الإدارية والقضائية، لاسيما أن المغرب بعد دستور 2011 ساهم في ترسيخ الإصلاح الإداري وإطلاق ورش الرقمنة مع القانون 54.19 وكذا القانون 55.19، كما أن عملها سيشمل أيضا التأطير اللغوي والديني والثقافي للمغاربة المقيمين بالخارج قصد تعزيز هويتهم وارتباطهم بالوطن، فهذه المؤسسة ستعمل على تجميع الأدوار التي كانت مشتتة بين العديد من القطاعات الوزارية، فالتنسيق والحد من تعدد المتدخلين يؤدي إلى الفعالية والنجاعة.
إن خطاب المسيرة الخضراء هذه السنة يعكس الإنتصار الديبلوماسي والتنموي الذي يعرفه ملف الوحدة الترابية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك حفظه الله ورعاه.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار