حياة جلالة الملك الحسن الثاني وصفحات خالدة في حكمه وذكرى مجيدة طبعت حياته السياسية+ (صور )
جريدة البديل السياسي :
كان الملك الراحل الحسن الثاني معروفا بذهائه و أناقته و لباقته و نخوته التي سحرت كل العالم و حيرت كل المهتمين و المتتبعين و منهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. الذي صرح سابقا وفي هذا السياق، ذكرت جريدة ماروك نيوز أن بوتفليقة معجب بنخوة الملك الراحل الحسن الثاني.
عشرون سنة مضت على وفاة الملك الحسن الثاني. وكان قد أورث ابنه، الملك الحالي محمد السادس، بلداً استعاد هدوءه، وطبقة سياسية مُدَجّنة. دام حكمه 38 سنة (1961-1999) اجتازت النصف الثاني من القرن الماضي، ولكن سِجِلُّه يبقى مثيراً للجدل: ففي حين كان الأصدقاء يعتبرونه “صديقاً ودوداً”.
الرئيس جاك شيراك والملك الحسن الثاني، ضيف الشرف في المنصة الرسمية، خلال العيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو/تموز 1999 في باريس
شخصية الحسن الراحل امام الزعماء :
وفي هذا السياق، ذكرت أسبوعية “الأنباء المغربية” أن بوتفليقة معجب بنخوة الملك الراحل الحسن الثاني؛ إذ سبق أن صرح في سنة 1969، حينما كان وزيرا للخارجية في بلاده، بأنه معجب بنخوة واحد من أكبر زعماء العالم ومنبهر بشخصيته، مما جعله يتشبه به ويقلده في العديد من الأمور التي كان يتميز بها.
وشخصية الحسن الثاني كانت تثير خوف بوتفليقة حتى بعد مماته؛ بحيث تمنى الرئيس الجزائري جنازة مهيبة مثل تلك التي عاشها المغرب بعد وفاة الراحل الحسن الثاني.
وعرف عن بوتفليقة أنه كان يغار بشدة من الملك الراحل الحسن الثاني إلى درجة أنه يستشيط غضبا إذا تمكن المغرب من تحقيق أي إنجاز رياضي عالمي، وقد سبق لأحد الرياضيين أن صرح بأن بوتفليقة كان يتمنى تجنيس بعض الرياضيين المغاربة.
بدأت الإشاعة في الرباط في عصر يوم الجمعة في 23 تموز/يوليو 1999، وسرت في الديار الثرية في أحياء سويسي وبير قاسم التي تقطنها النخبة السياسية والعسكرية، ثم راحت تتضخم شيئاً فشيئاً: الملك الحسن الثاني، الذي حكم خلال 38 عاماً 30 مليون نسمة، يقال إنه تُوفّي! وفِي الساعة الرابعة بعد الظهر، علق التلفزيون الرسمي برامجه ليبث تلاوات من القرآن دون انقطاع، وهو الأمر الغريب في عزّ الصيف في المدن الساحلية التي يتوافد عليها السكان ويستمتع فيها السواح والمهاجرون العائدون من مهجرهم خير استمتاع بالعطلة في البلد. وبعد ذلك بساعات تحولت الإشاعة المستمرة الى خبر رسميّ: فجأة ظهر على شاشة التلفزيون وجه أحد الأبواق الإعلامية الشهيرة، مذيع الأخبار المسائية دون منازع، مصطفى العلوي. بدا مطرقاً، شاحب اللون، وأعلن بصوت متهدج من الانفعال: “تُوفّي سيّدنا” ثم أجهش بالبكاء.
ويبدو أن الحسن الثاني توفي بعد الظهر من ذلك اليوم، في القسم الملكي في الدور السابع من مستشفى ابن سينا في الرباط، بعد تسعة أيام فقط من حلوله ضيف شرف على صديقه جاك شيراك في احتفالات الرابع عشر من تموز/يوليو، على جادة الشانزيليزيه. وكان إبناه يحيطان به على فراش الموت، وكذلك وزير داخليته ادريس البصري.
عبد الله صالح آخر من يلتقي بالملك
شاءت الأقدار أن يكون الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، آخر من يلتقي رسمياً بالعاهل المغربي. ففي صباح الأربعاء 21 يوليو 1999، حلَّ عبد الله صالح ضيفاً على المملكة في إطار زيارةٍ رسمية، جاءتْ في إطار سعي الرئيس اليمني إلى المساهمة في تلطيف الأجواء بين القادة العرب لعقد قمةٍ طارئة لتباحث الوضع في فلسطين. أخذ الملك الراحل ضيفه في جولة قرب شاطئ الصخيرات، وأقام على شرفه حفل عشاء رسمي حضره ولي العهد وشقيقه والوزير الأول ووزير الخارجية وعدد من المسؤولين الرسميين، لكن كل الحاضرين، بمن فيهم الملك، لم يتوقعوا أن الأمر يتعلق بآخر استقبال رسمي في “العهد الحسني”.
مات الملك،
الساعة العاشرة والنصف ليلاً، كان كل شيء جاهزاً: التلفزة المغربية يمكنها أن تشرع في ربط الاتصال المباشر بقاعة العرش في قصر الرباط حيث ستتم مبايعة الملك الجديد. لحظاتٌ قليلة فقط وسيصبح الأمير “سيدي محمد” يحمل لقب “صاحب الجلالة الملك محمد السادس”. مرت مراسيم تنصيب العاهل الجديد في أجواء هادئة: شقيقه الأمير مولاي رشيد وابنا عَمّه الأميران مولاي هشام ومولاي اسماعيل يوقعون بالتتابع على عقد البيعة باعتبارهم الأقرب عائلياً إلى الملك الجديد، ليتبعهم كبار رجالات الدولة من وزراء وجنرالات ومسؤولين كبار وكل الشخصيات السياسية والدينية والعسكرية المؤثرة في مغرب 1999. في صباح اليوم الموالي، خرج “محمد السادس” على متن سيارته إلى البوابة الرئيسية للقصر، يريد أن يحييّ “الرعايا” الذين أمضوا الليلة بجوار المدخل الرئيس للقصر يبكون ملكهم منذ اللحظات الأولى التي تلت الإعلان الرسمي عن وفاته. شكل ذلك المشهد أول استقبال جماهيري كبير للملك الجديد، في لحظة امتزج فيها الحزن على فقدان ملك مع فرحة صعود ولي عهده إلى العرش، فرحةٌ جعلت الناس يصرخون بأعلى أصواتهم مرددين عبارة “عاش الملك”. لقد بدأت حقبة جديد من تاريخ المملكة الشريفة..
جنازة رجل:
يوم الأحد 25 يوليوز 1999، استيقظ سكان العاصمة وسط فيضان بشري غير مسبوق: حوالي مليوني مغربية ومغربي في الشوارع ينتظرون مرور الموكب الجنائزي للملك، في الوقت الذي منع الجيش توافدَ قرابة مليون شخص إلى المدينة في القنطرة الرابطة بين الرباط وسلا وفي المداخل المؤدية لها، بعدما اختنقت العاصمة بفعل الحضور الجماهيري الكبير. “جنازة الحسن الثاني كانت واحدة من أهم التظاهرات الشعبية التي حشدت عدداً كبيراً من الناس على مدار الخميسن سنة الأخيرة، بعد عودة السلطان محمد الخامس من المنفى سنة 1955، والمسيرة الخضراء سنة 1975”. يقول الراحل محمد العربي المساري، الذي كان آنذاك وزيراً للإعلام. وتحت شمس يوليو القائضة، سار وراء الموكب الجنائزي الذي قطع الطريق الفاصلة بين القصر الملكي وضريح محمد الخامس (3كلم) مشياً على الأقدام كبارُ رجالات العالم: بيل كلينتون الأميركي، جاك شيراك الفرنسي، خوان كارلوس ملك إسبانيا، عبد الله الثاني ملك الأردن، الأمير شارلز البريطاني، والرئيس الإسرائيلي عيزرا وايزمان، إضافة إلى قادة الدول العربية أمثال ياسر عرفات وحسني مبارك وزين العابدين بنعلي وعبد العزيز بوتفليقة.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار