جريدة البديل السياسي – الأستاذ محمد الحادوشي
في خطوة وُصفت بالتحوّل البنيوي في مسار التعليم العالي بالمنطقة الشرقية، ستشهد الكلية متعددة التخصصات بالناظور تحوّلًا جذريًا تمثل في قرار تقسيمها إلى أربع مؤسسات جامعية مستقلة، في سابقة وطنية تهدف إلى تحسين جودة التكوين الأكاديمي وتعزيز فعالية البحث العلمي والتدبير الإداري. هذا المشروع، الذي يندرج ضمن الرؤية الوطنية لتطوير منظومة التعليم العالي وتحقيق العدالة المجالية، يُعدّ استجابة لتطلعات ساكنة إقليم الناظور والمناطق المجاورة نحو إحداث جامعة قائمة الذات. حول خلفيات هذا القرار وأبعاده الاستراتيجية على المستويين الأكاديمي والتنموي، كان لنا هذا الحوار الخاص مع الدكتور أحمد خرطة، أستاذ التعليم العالي بالكلية متعددة التخصصات بالناظورورئيس شعبة القانون الخاص ومدير مختبر البحث في قانون العقار والتعمير ومتطلبات الحكامة الترابية، ومنسقا بيداغوجيا لماستر قانون العقار والتعمير وكذلك منسقا بيداغوجيا لماستر المهن القانونية والقضائية بذات الكلية.
محمد الحدوشي: دكتورناالفاضل، بدايةً، كيف تقرؤون مشروع تقسيم الكلية متعددة التخصصات بالناظور في سياقه العام؟
د خرطة: شكراً لكم ,في مستهل هذا الحوار، يطيب لي أن أعبّرلكم عن بالغ الشكر وعظيم الامتنان لإتاحة هذه الفرصة الثمينة التي أعتز بها، والتي أراها مناسبة مباركة للتواصل مع عموم القراء والطلبة، ومشاطرتهم بعضاً من الأفكار والتجارب, وإني لأرجو أن يكون لهذا اللقاء صداه المفيد، وأن يسهم – ولو بقدر يسير – في إغناء النقاش وتعميق الفهم حول الموضوعات المطروحة.”
في الحقيقة، هذا المشروع يشكّل خطوة استراتيجية كبرى، تتجاوز مجرد إعادة هيكلة إدارية، إلى كونه رؤية شاملة تهدف إلى تحويل الناظور إلى قطب جامعي متكامل. هو تعبير واضح عن إرادة الدولة في تحقيق العدالة المجالية في التعليم العالي، وتطوير البنيات الجامعية بشكل يواكب متطلبات العصر، ويعزز ارتباط الجامعة بمحيطها المحلي والجهوي.
محمد الحدوشي: دكتورنا الفاضل ، كيف تقيّمون قرار التقسيموهل ترونه تحولا حقيقيا أم مجرد إجراء إداري؟
في الحقيقة، لا يمكن اعتبار هذا القرار مجرد إجراء إداري، بل هو تحول بنيوي وهيكلي له ما بعده. إن تقسيم الكلية إلى أربع مؤسسات مستقلة يمثل خطوة استراتيجية تؤسس لنواة جامعية متكاملة بالناظور، قادرة على الاضطلاع بأدوار كبرى في تكوين الكفاءات ومواكبة التنمية المحلية. لقد ناضلت الأطر التربوية والإدارية والمجتمع المدني لسنوات من أجل هذا التحول، واليوم نرى الحلم يتحقق تدريجياً.
الحدوشي: هل ترون أن هذا التقسيم خطوة أولى نحو إنشاء جامعة الناظور؟
د. خرطة: بالتأكيد. هذا هو الهدف البعيد للمشروع. عندما نتحدث عن أربع كليات مستقلة، إضافة الى المدرسة العليا للتكنولوجيا فنحن أمام نواة جامعية حقيقية. ومع تطور هذه المؤسسات، وتوفر البنيات والموارد، فإن إحداث جامعة قائمة الذات بالناظور لن يكون إلا مسألة وقت. الإقليم يستحق جامعة مستقلة تواكب ديناميته الاقتصادية والديموغرافية.
الحدوشي: ما أهمية هذا المشروع من الناحية الأكاديمية والتكوينية بالنسبة للطلبة؟
د. خرطة: أهمية المشروع تتجلى أولاً في التخصص، وهو ركيزة أساسية لجودة التعليم العالي. نحن ننتقل من مؤسسة متعددة التخصصات إلى كليات أكثر تركيزاً:
- كلية العلوم القانونيةوالسياسية .
- كلية الاقتصاد والتدبير.
- كلية لأداب واللغات والفنون.
- كلية العلوم التطبيقية.
الى جانب المدرسة العليا للتكنولوجيا هذا التقسيم سيسمح بتحسين جودة التكوين، وتكييف البرامج البيداغوجية مع متطلبات سوق الشغل، فضلاً عن توسيع العرض التكويني ليستجيب للحاجيات المتزايدة لأزيد من 33 ألف طالب وطالبة بالناظور.
ولقد استند القرار على مقتضيات القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.199 (19 ماي 2000) وعلى محضر مجلس الكلية متعددة التخصصات المنعقد بتاريخ 08 مارس 2024 وعلى قرار مجلس جامعة محمد الأول المنعقد بتاريخ 22 أبريل 2025 والذي تمت المصادقة عليه في مجلس تنسيق التعليم العالي المنعقد بتاريخ 25 أبريل 2025 وننتظر ان يصاغ في مشروع مرسوم الذي سيحال على مجلس الحكومة للمصادقة عليه
الحدوشي: إلى أي حد يمكن أن يسهم هذا المشروع في خدمة التنمية المحلية؟
د. خرطة: المشروع ليس منعزلاً عن محيطه، بل هو امتداد له. فكلياتمتخصصة تعني استقطاباً أكبر للطلبة والباحثين، وتحفيزاً للاقتصاد المحلي، وتوفيراً لفرص شغل جديدة، ومواكبة حقيقية لأوراش كبرى مثل ميناء الناظور غرب المتوسط، ومنطقة التسريع الصناعي، وغيرها. الجامعة يجب أن تكون رافعة للتنمية، وهذا ما تراهن عليه الحكومة المغربية .
الحدوشي: كيف ترون دور الأساتذة والإداريين في إنجاح هذا المشروع؟
د. خرطة: لا بد أن نشكر السيد الدكتور ياسين زغلول رئيس الجامعة بمعية الدكتور علي ازديموسى عميد الكلية على ادارتهما الحكيمة ودفاعهما المستميت على تحقيق هذا المشروع المؤسساتي الهام .
بدون أدنى شك، الأساتذة والإداريون هم العمود الفقري للمؤسسة الجامعية. بفضل مجهوداتهم، استطاعت الكلية أن تتحول إلى فضاء إشعاع علمي وأكاديمي حقيقي، سواء من خلال البحث العلمي، أو تنظيم الندوات، أو مواكبة الطلبة. نحن نتحدث عن عمل جماعي تكاتفت فيه جهود الجميع، من رئاسة الجامعة إلى العمادة، إلى الطاقم التربوي والإداري، من أجل الرقي بالمؤسسة.
وأكيد بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تراهن على نجاح هذا التحول من كلية متعددة التخصصات الى كليات متخصصة .
الحدوشي: ما هي أبرز التحديات التي قد تواجه تفعيل هذا التقسيم على أرض الواقع؟
د. خرطة: أبرز التحديات تتعلق بالبنية التحتية والموارد البشرية. رغم توفر الكلية على عدد مهم من القاعات والمختبرات، إلا أن الانتقال إلى أربع كليات يتطلب بنايات إضافية، وأطراً إدارية وأساتذة جدد. غير أن هناك التزاماً حكوميا بتوفير كل الإمكانيات اللازمة، والاشتغال وفق مخطط متكامل لتجاوز هذه التحديات.
الحدوشي: دكتورنا الفاضل ما الرسالة التي توجهونها للشركاء والفاعلين في هذا الورش؟
د. خرطة: الرسالة واضحة: نجاح هذا المشروع مرهون بتكامل الجهود، واستثمار الطاقات المحلية، والعمل بروح جماعية. نحتاج إلى دعم كل الفاعلين، من سلطات، ومجتمع مدني، وطلبة، وأساتذة، حتى ننجح في هذا الرهان، ونؤسس لجامعة قوية، منفتحة، ومتجذّرة في محيطها.
الحدوشي: ما الرسالة التي تود توجيهها للطلبة والمجتمع المحلي؟
د. خرطة: رسالتي هي أن نؤمن بقدرة جامعتنا على التغيير والمساهمة في التنمية. الجامعة ليست فقط قاعات ومحاضرات، بل هي فضاء لتشكيل النخب، وإنتاج المعرفة، وتغيير واقع المجتمع. فلنحتضن هذا المشروع، وندعمه بكل الوسائل، لأنه يعنينا جميعاً، كأساتذة، طلبة، ومواطنين.
وفي الختام لا بد أن أكرر الشكر للسيد العميد ورئيس الجامعة كما نشكر السلطات الإقليمية المتمثلة في السيد العامل الذي اشتغل بشكل جدي على هذا الملف .
كما نشكر جميع ممثلي الأمة للناظور والدريوش على دورهما الفعال في تحقيق هذا الأنجازبالمنطقة .
الحدوشي: شكراً جزيلاً دكتور أحمد خرطة على هذا الحوار القيم.
د. خرطة: شكراً لكم على الاهتمام، وعلى مواكبة هذا المشروع الأكاديمي الطموح.
تعليقات
0