منبر البديل السياسي

حقوقيون ومحامون يُفككون أبعاد “تقييدات” قانون المسطرة الجنائية الجديد ويُعتبرونه عودة بالمغرب إلى الوراء

جريدة البديل السياسي

تقييد صلاحيات النيابة العامة حينما يتعلق الأمر بجرائم المال العام ومحاربة الفساد والجمعيات الحقوقية، وتغولها حينما يتعلق الأمر بحقوق المواطنين وحياتهم الخاصة، كانا من أبرز النقاط التي أثارت نقاشا ساخنا خلال أشغال مائدة مستديرة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لمناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية في صيغته الجديدة الذي أحيلَ على البرلمان بغرفتيه تمهيدا لإقراره.

وأتفق مجموعة من المتدخلون، خلال مائدة مستديرة تحت عنوان: “مشروع المسطرة الجنائية: أية ضمانات للمحاكمة العادلة، وأي احترام للحقوق والحريات الأساسية؟”، نظمت بنادي هيئة المحامين مساء يوم السبت بالرباط، أن المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية التي أثارت الكثير من اللغط، واستهدفت النيابة العامة، وقيدتها في مجال معين، على أنها ردة حقوقية، تتنافى مع روح دستور 2011 وتعود بالمغرب إلى الوراء في سياق يشهد اختلال الموازين لصالح “قوى الاستبداد”، وهو نفس الطرح الذي عززه زيز رويبح نقيب هيئة المحامين بالرباط في مداخلته.

 

وأضاف نقيب المحامين ضمن مداخلته، أن الجبهة الحقوقية والمحامون ظلوا في مواجهات طويلة لكبح جماح من يسعون لإقرار تراجعات حقوقية، وحدث ذلك منذ سنة 1963 إلى 2001، وها هو الأمر يتكرر اليوم مجددا مع مشروع قانون المسطرة الجنائية في 2024 وبعد دستور 2011، الذي أعتبر متقدما.

وبحسب المتدخلين، أصبحت النيابة العامة من خلال المادة 3 من مشروع القانون مقيّدة، ولم يعد لها حق إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناءً على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية..”.

تقييد النيابة العامة في جرائم المال العام

وقال رشيد أيت بلعربي محام بهيئة القنيطرة، إن الوكيل العام بدوره لن يعود بإمكانه التحرك في قضية تهم الفساد ونهب المال العام حتى ولو كان بين يديه دليل ملموس، بينما الجمعيات المدنية وذات المنفعة العامة، التي كان من حقها أن تنتصب كطرف مدني في قضايا حقوقية ذات صلة، غير أن اليوم لم يعد لها الحق إلا بموافقة من وزارة العدل، وهذه “كارثة” بحسب المتحدث.

 

وبخصوص ادعاءات وزير العدل عبد اللطيف وهبي، حول قيام جمعيات حقوقية بابتزاز المنتخبين من خلال تقديم شكايات، رد رشيد أيت بلعربي، على أن ذلك حق أُريدَ به باطل، لأن الأصل، أن الجمعيات الحقوقية لا تُحرك المتابعات، بل تقدم شكايات فقط بعدما يبلغ إلى علمها ارتكاب جرائم ضد المال العام، بينما النيابة العامة هي من تتولى المتابعة أو في الكثير من الأحيان، قاضي التحقيق هوَ من يتولى المتابعة.

وتساءل بلعربي: “إذا كان ما يقوله وهبي صحيح حول شكايات بغرض الابتزاز، فلماذا جرى تقييد يد النيابة العامة، وحرمانها من تحريك المتابعة، والآن، كيف يجري قبول أن وكيل ملك بمحكمة ابتدائية أو وكيل عام بأي محكمة استئناف في المغرب، بلغَ إلى علمه ولديه ما يكفي من دلائل لتسطير المتابعة في جرائم المال العام، أن يظل مكتوف الأيدي”.

وأشار ممثل عن منظمة ترانسبرانسي المغرب، أن الغرض من المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية وهو تقييد جمعيات حماية المال العام، وحماية المفسدين والسياسيين والمنتخبين الفاسدين.

فرصة لتغول النيابة العامة

ومن جهة أخرى، استغرب المشاركون في المائدة المستديرة من شرعنة تغول النيابة العامة حينما يتعلق الأمر بالمواطنين وحياتهم الخاصة وحقوقهم، حيث أشاروا صراحة إلى المادة 67 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، إذ أنه كان معروف إخبار عائلة المعتقل فور اعتقاله بمكان تواجده واعتقاله، بينما اليوم في المادة المذكورة أصبح مسموح عدم إخبار عائلة الموقوف اذا اعترض هوَ على ذلك، وبتالي لم يعد إجباريا إخبار عائلته.

وقال رشيد ايت بلعربي محام بهيئة القنيطرة، إن إخبار عائلة الموقوف أو المعتقل، ليس اختياره هو وحده، بل ذلك “حق عائلته” وهذا الحق تم الإجهاز عليه، وهو حق العائلة في معرفة مصير ذويها وليس المعتقل.

‎وبخصوص المادة 59، التي اعتبرت مادة كارثية من مشروع قانون المسطرة الجنائية، بفعل “صلاحيات النبش في الحياة الخاصة للمواطنين” إذ أن التفتيش والحجز لم يعد له قيود لدى الضابطة القضائية والدرك الملكي، حيث أصحبت هذه الأجهزة القضائية بإمكانها تحجز وتفتش هاتف مشتبه به بدون قيود وأن هذا البحث غير محصور في جريمة أو شبهة محددة، بل يمكنها أن تتعدى ذلك ويمكنه الوصول الى معطيات اخرى بعيدة عن  الجريمة المعنية بالبحث والوصول الى معطيات اخرى إن صادفتها.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار