جورنال بالتقسيط / قصة قصيرة…بقلم الأستاذ عبد المجيد طعام
بقلم الأستاذ عبد المجيد طعام- جريدة البديل السياسي
جورنال بالتقسيط / قصة قصيرة
وقفت طفلة أمام مدخل المكتبة وسألتني :” سيدي ، هل تبيع الجورنال ؟” قلت لها :”نعم ، لدي جرائد متنوعة ” بعد جولة قصيرة بعينيها في الفضاء ،حسمت أمرها وقالت لي :” كم صفحة سياسية توجد في ذلك الجورنال المزوق ؟”
حملت إليها الجريدة وبدأت أتصفحها أمامها إلى أن وقفت عند صفحتين .. نظرت إليهما بتفحص دقيق ،ثم قالت لي :” حسنا ، أريد هاتين الصفحتين فقط … كم ثمنهما ؟ ”
رفعت عيني نحو وجهها باستغراب لم تفهمه، لكن ابتسامتي باحت لها بأشياء من حتى، فقالت لي:” يبدو أنك لا تبيع الجريدة بالتقسيط .. فهمت الآن .. علي إذا أن أشتري كل الصفحات !!!”
دون أن تترك لي فرصة الرد ،قالت لي بنبرة فيها الكثير من الاستنكار :” ولكن جل الصفحات التي تصفحتها لا تهمني .. ماذا سأفعل بصفحة الحوادث ، كلها دم وجرائم ؟ وماذا سأفعل بصفحات رياضية كثيرة تتحدث عن رواتب اللاعبين ..؟ أنا لا أهتم بالأخبار الرياضية !!! وكل هذه الصفحات المليئة بالإعلانات لا فائدة ترجى منها !!!”
أجبرني كلامها على أن أعيد تصفح الجريدة فقلت في نفسي :” صحيح .. كيف غابت عني هذه الأمور ؟”
استغلت صمتي وواصلت كلامها وقالت لي :” انصحك ببيع الجورنال بالتقسيط … ستجد من يهتم بالرياضة فتبيع له صفحات الرياضة، وستجد من يبحث عن أخبار الجرائم وهكذا…أكيد ستربح اكثر .. ”
أمام شخصيتها القوية ،ومنطقها التجاري الرصين ، رضخت للأمر الواقع ، أعدت النظر في قناعاتي ،أخذت المقص وقصصت لها صفحتي السياسة، وقبل أن تنصرف سألتها :” من فضلك لماذا اقتنيت هاتين الصفحتين بالذات ؟” .
جالت بعينيها مرة أخرى في فضاء المكتبة وبابتسامة ماكرة رسمتها عمدا على شفتيها الدقيقتين، قالت لي :” أكيد ، صفحات أخبار السياسيين ،هي الأصلح لمسح الأوساخ المتراكمة على نوافذ سيارة أبي … ألا تعرف سيدي أن السياسة هي فن الكذب ، وهي مجمع الأوساخ
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار