جريدة البديل السياسي |الأنشطة الملكية

تعديل الدستور والإنتخابات المبكرة.. أتلاتي يكشف ملامح مرحلة تنزيل الحكم الذاتي وتجديد النخب بالأقاليم الجنوبية

WhatsApp-Image-2025-11-12-at-11.37.17-750×430

جريدة البديل السياسي 

تشهد الساحة الوطنية ترقباً واسعاً لانتقال المملكة إلى السرعة القصوى في مسار تفعيل مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، وذلك في انسجام تام مع الخطوات التي تتخذها الأمم المتحدة ومجلس الأمن خلال المرحلة المقبلة.

ووفقاً لنتائج المفاوضات المرتقبة، ستتجه الأنظار إلى إمكانية إدخال تعديلات دستورية عميقة تفصِّل الإطار القانوني للحكم الذاتي، إلى جانب احتمال إجراء انتخابات سابقة لأوانها، خاصة على المستويين الجهوي والجماعي، في سياق تهيئة الأرضية المؤسساتية لتنزيل الحكم الذاتي ميدانيا، وملاءمة البناء الدستوري مع المتغيرات السياسية والدبلوماسية التي أفرزها الاعتراف الأممي بمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل.

 

 

وفي هذا السياق، أكد الدكتور طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية وأستاذ التعليم العالي والخبير الدولي في ملف الصحراء المغربية، أن التفاعل الملكي السريع مع الاعتراف الأممي بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل، يعكس دخول المملكة في مرحلة مؤطرة لتثبيت الحكم الذاتي على أسس دستورية ومؤسساتية واضحة.

وأضاف أتلاتي في تصريح ، إن جلالة الملك تفاعل بشكل مباشر مع قرار مجلس الأمن عبر خطاب سامٍ موجه للأمة، في اليوم الذي تحول إلى عيد وطني، مؤكداً أن حمولة الخطاب الملكي كانت بمثابة رد رسمي على القرار الأممي، وأعلن خلاله التزام المملكة بتقديم تصور تفصيلي لمبادرة الحكم الذاتي في أقرب الآجال المحددة من طرف الأمم المتحدة، وهو ما يشكل دليلاً على أن المغرب دخل فعلياً في المرحلة التنظيمية لتثبيت الحكم الذاتي.

 

 

وأضاف أتلاتي أن تعليمات جلالة الملك لمستشاريه بالاجتماع مع زعماء الأحزاب تأتي في إطار مشاورات داخلية تؤسس لمشاركة سياسية واسعة في بلورة موقف وطني موحد، منسجم مع القرار الأممي، مشدداً على أن منطق المملكة يقتضي وحدة الموقف والرؤية لتسهيل مهمة الأمم المتحدة في مسار التوفيق بين الأطراف المعنية.

وبخصوص اعتبار هذه الخطوة الملكية بداية لمرحلة جديدة قد تفرز تحولات سياسية ومؤسساتية، أوضح الخبير المغربي أنه “لا شك أن المملكة مقبلة على مرحلة جديدة تتسم بالواقعية والجدية، عنوانها تفعيل مبادرة الحكم الذاتي دستورياً ومؤسساتياً”، مشيراً إلى أن هذه المرحلة “مرتبطة بمسار ديمقراطي شامل قوامه محاربة الفساد، وتجديد النخب، وبناء مؤسسات دستورية قوية تمهد الطريق أمام تنزيل فعلي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية”.

وأوضح أتلاتي أن الدولة تتجه نحو تعديل دستوري في أقرب الآجال، لتفصيل الإطار التنظيمي والقانوني للحكم الذاتي، خصوصاً ما يتعلق بـــفصل السلط والعلاقة بين ما هو وطني ومحلي في تدبير الشأن العام، مؤكداً أن هذا المسار “لا يعني أن المغرب تأخر، بل إن التأخير كان من جانب الأمم المتحدة التي استغرقت وقتاً طويلاً لتثبيت الحكم الذاتي ضمن قرار رسمي لمجلس الأمن”.

وتابع قائلا إن التعديلات الدستورية المرتقبة ستهم إعادة تحديد العلاقة بين المركز والجماعات الترابية في إطار جديد يكرس وجود برلمان محلي وحكومة محلية بالأقاليم الجنوبية في علاقة تكاملية مع المؤسسات الوطنية.

أما بخصوص الانتخابات المقبلة، فاعتبر أتلاتي أن “الاستحقاقات المقررة سنة 2026 ستجرى في موعدها، لكن من المرتقب أن تفتح المملكة صفحة جديدة في تدبير الحكم المحلي إذا ما تم التوصل إلى اتفاق نهائي يكرس الحكم الذاتي ميدانياً قبل 2026”، مبرزاً أن “تنزيل هذا النموذج يرتبط بما ستسفر عنه المفاوضات الأممية والاتفاقات النهائية المنبثقة عنها”.

وأشار إلى أن تمديد مهمة بعثة المينورسو لسنة إضافية يأتي لفسح المجال أمام المفاوضات قصد التوصل إلى الاتفاق المطلوب، موضحاً أن هذه الخطوة “تشكل جزءاً من المسار المواكب لعملية التفاوض والتأسيس للمرحلة المقبلة التي ستعرف خلالها المملكة تجسيد الحكم المحلي في إطار الحكم الذاتي”.

وشدد أتلاتي على أن المملكة المغربية، منذ تقديم مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، ظلت منسجمة تماماً مع قرارات الأمم المتحدة ولم تحِد عنها.

 

 

 

وأبرز المتحدث ذاته أن المرحلة المقبلة ستكون “حاسمة وحساسة”، لأنها ستفرض على المغرب إطلاق إصلاحات جوهرية تشمل “إعادة النظر في النخب المسيرة، وتجديد آليات التسيير المحلي، وإرساء معايير حديثة في تدبير الشأن العام”.

واعتبر طارق أتلاتي أن العهد الجديد للأقاليم الجنوبية لن يقبل بعد اليوم استمرار العقليات التقليدية في التسيير، لأن التحول الدستوري والمؤسساتي المرتقب يفرض جيلا جديدا من المسؤولين والنخب المؤهلة لقيادة المرحلة المقبلة بثقة ومسؤولية.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي