قضية و تعليق

تحايل مافيا العقار على قانون هدم المباني: تهديدات السلامة، البيئة، وحقوق السكان

نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي

 

مناقشة مستفيضة حول خطورة المعضلة

تعتبر عمليات هدم المباني جزءًا أساسيًا من مشاريع التطوير العمراني، لكن هذه العمليات قد تُستغل من قبل جهات غير قانونية لتحقيق مكاسب مالية على حساب سلامة المجتمع وحقوق الأفراد. واحدة من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات في هذا السياق هي عمليات التحايل على القانون من قبل ما يُعرف بـ “مافيا العفار”، وهي جهات تتورط في تلاعبات قانونية تتيح لها تنفيذ عمليات هدم غير قانونية. وفي بعض الحالات، يتم هدم مبانٍ ما تزال مأهولة بالسكان، ما يعرضهم لخطر التشريد والمخاطر الصحية.

قوانين ومراسيم تحكم عمليات هدم المباني

تختلف القوانين التي تنظم عمليات الهدم من دولة لأخرى، ولكن غالبًا ما تشمل مجموعة من القوانين والمراسيم التي تحدد الإجراءات الرسمية، والتراخيص اللازمة، والحماية البيئية. في هذا السياق، نجد أن العديد من الدول قد وضعت قوانين صارمة لتنظيم هذه العمليات، ومنها:

قانون البناء والتخطيط العمراني: يُعد من القوانين الأساسية التي تحكم جميع أنشطة البناء والهدم. في الدول العربية، مثلًا، غالبًا ما يتم تنظيم هذه الأنشطة من خلال قوانين تتعلق بالتخطيط العمراني التي تنظم جميع جوانب بناء وهدم المباني، وتفرض عقوبات صارمة على التلاعب بهذه الأنشطة.

مراسيم البيئة: في العديد من الدول، يُعد هدم المباني عملية تتطلب موافقة من الهيئات المختصة بحماية البيئة. يجب على المقاولين تنفيذ عمليات الهدم دون التأثير على البيئة المحلية، ويشمل ذلك التخلص السليم من المواد السامة والحفاظ على جودة الهواء. في حالات التحايل، قد يتم تجاهل هذه المعايير، مما يؤدي إلى تلوث البيئة وانتشار الغبار والمواد الضارة.

قانون حماية حقوق السكان والمواطنين: يتضمن هذا القانون حماية حقوق السكان من التشريد غير المبرر أو الهدم الذي يتم دون إشعار مسبق. في بعض الدول، يُلزم القانون بإبلاغ السكان المتأثرين بعمليات الهدم بشكل مسبق وتقديم تعويضات لهم إذا تم تهجيرهم بشكل غير قانوني.

التداعيات القانونية لعمليات التحايل على قانون الهدم

عمليات التحايل على قانون الهدم تفتح الباب أمام الكثير من المشاكل القانونية. أولاً، تعتبر التلاعبات في التقارير الفنية أو التلاعب في الأوراق الرسمية جريمة يعاقب عليها القانون. في معظم الدول، يُجرّم القانون مثل هذه الأنشطة، حيث تُفرض عقوبات شديدة تشمل:

الغرامات المالية: قد تصل الغرامات إلى مبالغ ضخمة تصل إلى ملايين الدولارات في بعض الدول، وهي تهدف إلى ردع المخالفين ومحاسبتهم على الأضرار الناتجة عن عمليات الهدم غير القانونية.

عقوبات السجن: في حالات التحايل الجسيمة، خاصة إذا تسببت العملية في أضرار بشرية أو بيئية، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن لفترات طويلة.

التعويضات المالية: يحق للسكان المتضررين المطالبة بتعويضات مالية، ويمكن أن تُلزم المحاكم الجهة المخالفة بتقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم، سواء من حيث التشريد أو الأضرار البيئية.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي لعمليات الهدم غير القانونية

إن ما يعانيه سكان المناطق المتضررة من عمليات هدم غير قانونية يتجاوز التأثيرات المباشرة مثل التشريد، حيث تنعكس هذه الأضرار على حياة المواطنين من جوانب متعددة، منها:

الخطر على الحياة: في بعض الحالات، قد تؤدي عمليات الهدم غير الآمنة إلى انهيار مباني مجاورة أو التسبب في انهيار جزئي للمبنى نفسه، مما يهدد حياة السكان المجاورين.

الآثار البيئية: عندما تتم عمليات الهدم بشكل غير منظم أو بدون التزام بالمعايير البيئية، يحدث تلوث الهواء والماء بسبب الغبار والنفايات السامة، ما يؤدي إلى تداعيات صحية خطيرة مثل أمراض الجهاز التنفسي والسرطانات.

التأثير الاجتماعي والاقتصادي: عمليات الهدم غير المشروعة يمكن أن تساهم في تدهور البيئة الاجتماعية للمنطقة، حيث تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر بسبب تشريد السكان وفقدان مصادر دخلهم.

التحديات والسبل الممكنة للتصدي

أمام هذه المخاطر، يجب أن يكون هناك تنسيق بين الجهات المعنية لمنع هذه الانتهاكات، ومنها:

تعزيز الرقابة القانونية: يجب تكثيف الجهود الرامية إلى تعزيز الرقابة على عمليات الهدم. من الضروري أن يتم التدقيق في كافة التقارير الفنية والمستندات القانونية المرتبطة بهدم المباني، والتأكد من تنفيذ جميع الإجراءات بشكل قانوني وآمن.

التعاون بين السلطات المختلفة: يتطلب التصدي لهذه المعضلة التعاون بين وزارة الإسكان، الهيئات البيئية، البلديات، والشرطة لضمان عدم وقوع أي تحايل أو تجاوزات.

رفع الوعي العام: يجب زيادة الوعي حول أهمية حماية حقوق السكان والبيئة خلال عمليات الهدم، مما يساعد في الضغط على الجهات المخالفة ويحفز المواطنين على الإبلاغ عن أي تجاوزات قد تحدث.

في الختام، إن التحايل على قوانين هدم المباني يمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة المجتمع وحقوق الأفراد، ولذا من المهم أن تكون هناك إجراءات رادعة وصارمة لضمان تنفيذ عمليات الهدم بطرق قانونية وآمنة تحمي حقوق الجميع.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار