جريدة البديل السياسي:الدكتور جمال التودي-تاونات-
حظ مدينة تاونات يشبه الكونتيسا الرومانية، حيث ماضيها أحسن من حاضرها، وتاريخها يحكي عن فترة ذهبية مر منها الإقليم، حيث النوسطالجيا المفعمة بملحمة الانتصارات، سواء ضد القوى الاستعمارية، والمواجهات التي حققها سكانها، ضد الجنود الفرنسيين والاسبان.. أو المراتب المشرفة التي كان يحتلها الاقليم في العلم والمعرفة، لكون علماء تاونات اقتحموا طائفة “فواسة”، في عرينهم ونافسوهم في الفكر والتحصيل العلمي، من خلال ولوجهم لجامع القرويين وما أدراك ما القرويين، تلك “المعلمة” التاريخية التي بوأت المغرب في المراتب العليا بين الأمم علميا، بفضل هذا الصرح الجامعي الذي جعل من منطقة جبالة مركزا فكريا، ووجهة علوم الدين والقرآن الكريم، والعلوم الشرعية التي صنعت من رجال إقليم تاونات نخب طعمت مؤسسات الدولة بخيرة الكوادر ، التي أبلت البلاء الحسن في التسيير..
ومن منا لا يتذكر النخب التي رفعت راية تاونات عاليا، من أمثال امحمد البوزيدي، الظريف، واطريشة، والميداوي، والقائمة طويلة.. التي راهنت عليهم الدولة في حمل مشعل البناء والتدبير المؤسساتي… إقليم تاونات سطع نجمه مع نخبة، كان همها خدمة الوطن، ناضلت ليستقل المغرب عن الاستعمار، وساهمت في استقلال الاقليم عن حاضرة فاس إداريا..
لكن التاريخ توقف هنا، عندما تسلمت نخب انتهازية المشعل، وسيطرت على تاريخ، وحاضر، وربما ترهن مستقبله الى المجهول ! توقف البناء الحضاري، وكأن محرك البناء والتشييد تعطل عند عتبة السبعينات، كيف لا ؟ والوسط الحضري بالمدينة يعود الى عهد البون، لا بنية تحية.. ولا تهيئة حضارية..
ولا تخطيط استراتيجي.. ولا تغيير لملامح البؤس الاجتماعي والاقتصادي، من خلال تبني مشاريع مدرة للدخل، او جلب استثمارات منتجة، وغيرها من الاوراش التي ستعود على الاقليم بالخير والرفاه…
السؤال الذي يطرح نفسه بحدة، من المسؤوال عن الاوضاع المزرية التي يرزح تحت نيرها الاقليم؟! أولى الفرضيات، التي تنحو في اتجاه تصويب أصبع الاتهام الى النخب المتوالية في العقود الاخيرة التي كانت تتحكم في تدبير المجالس الجماعية، باعتبارها هي المسؤولة عن واقع الحال..
النخب المتتالية التي دبرت المرحلة منذ 2005 ، نعم هذه الحقبة كانت فرصة مفصلية في تحول الاقليم. لكن النخب التي كانت تدبر الشأن المحلي تواطأت، واهدرت الفرصة الذهبية، من خلال تفويتها لأهم مرحلة في تاريخ الاقليم، لذا يستوجب تفعيل المحاسبة، ولو بأثر رجعي، وبشكل رمزي، بتنحية أبناء الخونة والمواطئين عن دواليب التدبير لشؤون المدينة.. لأن “كونتور” التنمية متوقف منذ السبعينات، والنخب المدبرة لا تستحيي في استمرارها بقيادة الاقليم..
الآن، حان الوقت لوضع تاونات على السكة الصحيحة، بوضع النخبة المناسبة في المكان المناسب.
واطلاق عجلة التنمية من أجل الدوران في الاتجاه الصحيح، والقطع مع سياسة الريع، ونهب مقدرات الاقليم في مشاريع شخصية، او فئوية تستفيذ منها عائلات ورثت الاقليم، وجعلته رهينة بيدها.. كفى من الاستغلال السياسوي لمواطن تاونات، التي تخلفت عن الركب الحضاري بسبب استحواذ طبقة سياسية على مفاصيل اللعبة، وتركت الشباب يفكر في الهجرة والانتحار الرمزي..
فهل سيتم الاستدراك، وارجاع الامور الى معاقلها، وتحرير الاقليم من يد شرذمة انتهازية، همها الوحيد هو امتصاص خيرات الاقليم، وخندقته في الدرك الأسفل..!! يتبع..
تعليقات
0