منوعات

تآكل القيم في المجتمع المغربي: من الحياء إلى العري الصارخ والإيحاءات الفاحشة

شاشا بدر -جريدة البديل السياسي 

ما الذي يحدث في المجتمع المغربي؟ سؤال يتردد في ذهني وأنا أراقب التحولات التي يشهدها مجتمعنا اليوم، وخاصة فيما يتعلق بظاهرة العري التي أصبحت تنتشر بشكل مقلق بين الفتيات. أين ذهب الحياء؟ وأين ذهبت الأخلاق والقيم التي تربينا عليها؟ أصبحنا نشاهد في الشوارع والأسواق، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لفتيات يرتدين ملابس تكشف عن كل شيء، حتى أصبح اللباس الداخلي يظهر بوضوح أمام الجميع. ما الذي حدث للحياء والاحتشام؟

لقد كانت المرأة المغربية رمزًا للعفة والكرامة، وكانت الأسرة تربي بناتها على احترام الذات والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية. ولكن اليوم، يبدو أن هذه القيم بدأت تتلاشى تدريجيًا، لتحل محلها ثقافة العري والإيحاءات الجنسية التي أصبحت منتشرة في كل مكان. مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت سوقًا لهذا العري، حيث يتنافس الكثيرون على نشر “روتين يومي” مليء بالرقص الفاحش والإيحاءات الجنسية، وكأن هذا هو النموذج الذي يجب أن يحتذى به.

ما يدفعني للتساؤل أكثر هو أين نحن ذاهبون؟ إلى أي مدى سنستمر في هذا الانحدار الأخلاقي؟ لقد أصبح الزواج والأسرة مجرد كلمات فارغة لا تحمل أي معنى بالنسبة للكثيرين. لم يعد هناك احترام لقيم الأسرة ولا للروابط الاجتماعية التي كانت توحدنا كمجتمع. هذا التدهور الأخلاقي يؤثر على كافة مناحي الحياة، ويهدد بتفكك المجتمع بأسره.

الأمر لا يتوقف عند حدود العري والرقص الفاحش، بل يتعداه إلى تدمير قيم الزواج والاحترام بين الزوجين. حينما تتعرض الفتاة يوميًا لهذه المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي، تبدأ في تقليدها دون أن تدرك عواقب ذلك على حياتها ومستقبلها. الزواج لم يعد هدفًا تسعى إليه الكثير من الفتيات، بل أصبح مجرد خيار من بين خيارات أخرى، وكأننا فقدنا البوصلة التي توجه حياتنا.

في مجتمع أصبح فيه العري هو القاعدة، وليس الاستثناء، تزداد مشكلاتنا النفسية والاجتماعية. الفتيات اللاتي يسعين وراء هذا النموذج يشعرن في الغالب بالفراغ الداخلي والوحدة، رغم كل تلك المحاولات للظهور والبحث عن الإعجاب والاهتمام. هذا السلوك ليس سوى انعكاس لضعف التربية وتراجع القيم، في غياب دور الأسرة والمدرسة في توجيه الشباب نحو ما هو صحيح ومفيد.

أين نحن ذاهبون إذن؟ وكيف سنستعيد قيمنا وأخلاقنا؟ أعتقد أن الحل يبدأ بإعادة النظر في دور الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل. يجب علينا أن نعود إلى أصولنا، إلى القيم التي جعلت من المغرب مجتمعًا محترمًا متماسكًا. علينا أن نزرع في نفوس أبنائنا وبناتنا أهمية الحياء والاحتشام، وأن نكون قدوة لهم في ذلك.

كما يجب أن نتوقف عن تشجيع هذا النوع من السلوكيات على مواقع التواصل الاجتماعي، ونقوم بتوجيه الشباب نحو المحتوى الذي يفيدهم وينمي قدراتهم بشكل إيجابي. التربية ليست مجرد تعليم، بل هي بناء للإنسان، وكلما كانت القيم راسخة في نفوسنا، كلما استطعنا مواجهة هذه الظواهر السلبية والحفاظ على مجتمعنا من التفكك والانحلال.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار