جريدة البديل السياسي – بقلم الأستاذ جمال الغازي
“بيتلما ” السؤال الصغير الذي يفضح أزمة كبرى.
ما طرحه الرفيق حكيم شملال في مقاله ليس مجرد حكاية عابرة عن مرحاض عمومي، بل هو توصيف دقيق لحالة أعمق بكثير: عجز مؤسسي في أبسط مستويات التسيير.
فالمجلس البلدي الذي يفترض أن يكون قاطرة التنمية المحلية، وجد نفسه عاجزا عن إنجاز مشروع بسيط لا يتطلب ميزانيات ضخمة ولا خبرات خارقة.
مشروع كان يمكن أن يشكل اختبارا أوليا لمدى قدرة المجلس على احترام المساطر القانونية، وإعداد الملفات التقنية، والتعامل بجدية مع انتظارات المواطنين.
لكن النتيجة جاءت مخيبة. وإذا كان هذا هو حال المشاريع الصغيرة، فكيف نطمئن إلى وعود المشاريع الكبرى التي يُروَّج لها؟
وكيف يمكن لمجلس لم ينجح في “بيتلما” أن ينجز بنية تحتية معقدة أو برنامجا استثماريا واسعا؟ الأمر لا يقف عند حدود العجز فقط، بل يتجاوزه إلى المفارقة المؤلمة: تحويل الأموال العامة إلى شركة “العمران”، وهي نفسها محل مساءلة قضائية وشبهات اختلالات مالية. وكأن المجلس، عوض أن يتسلح بالكفاءة ويطور قدراته، فضّل أن يتنازل عن مسؤوليته للغير.
هذه الوضعية تطرح سؤالاً جوهريا: هل العيب في قلة المشاريع والأفكار، أم في غياب القدرة على التنفيذ؟ الواقع يؤكد أن المواطنين لا يفتقرون إلى من يقترح، بقدر ما يفتقرون إلى مجلس قادر على تحويل المقترحات إلى إنجازات ملموسة.
إن “بيتلما” ليست مجرد مرحاض عمومي. إنها مرآة تعكس حجم الهوة بين الخطاب والممارسة، بين الشعارات المرفوعة والإرادة الحقيقية للعمل. اليوم، لم يعد مقبولا أن يظل المواطن رهين وعود لا تجد طريقها إلى الواقع. والمطلوب ليس المزيد من الشعارات أو الأحلام المؤجلة، بل إرادة سياسية واضحة وكفاءة حقيقية في التسيير.
وعلى الساكنة أن تدرك أن صوتها ومتابعتها ومساءلتها هي السند الوحيد لتجاوز هذا العجز. فالتغيير لا يبدأ من فوق، بل من وعي الناس بحقهم في محاسبة من يمثلهم، والمطالبة بخدمة عمومية في المستوى الذي يستحقونه. وتبقى وجهة نظر
تعليقات
0