اجتمــاعيات

بنعيسى زريوحي: فنان عصامي ينبض بروح الأصالة والإبداع. بقلم الأستاذ جمال الغازي

بقلم الأستاذ جمال الغازي – جريدة البديل السياسي 

بنعيسى زريوحي، الملقب بـ”بنعيسى بويفار” نسبة إلى مسقط رأسه، وُلد عام 1971 في قرية اعزانن بويفار، إحدى قرى الناظور المجاورة ، حيث امتزجت الطبيعة الساحلية الساحرة بالثقافة الأمازيغية العريقة.

ينتمي بنعيسى إلى جيل كافح وصقل نفسه بنفسه، وقد ارتسمت في ملامح رحلته بصمات الكدّ والعزيمة في وجه الصعاب، فأصبح شعارا للفن العصامي، وأيقونة للنجارة والإبداع الموسيقي.

لم يكن طريق بنعيسى سهلا منذ البداية، فقد أجبرته الظروف القاسية على ترك الدراسة في سن مبكرة. لكن الإصرار الذي حمله قلبه منذ صغره قاده نحو ميدان العمل والتعلم، حيث بدأ مشواره المهني في سن الحادية عشرة عندما تعلم حرفة النجارة على يد معلمه “حمادي” في “لعري ن شيخ”.

هناك لم يكن يتعلم فقط صناعة الخشب، بل كان يبني مستقبله ويصقل مهاراته، ليصبح مع مرور الوقت نجاراً مبدعاً قادرًا على تحويل الخشب إلى قطع فنية تحمل من روحه وأصالته. كان للموسيقى نصيب كبير من قلب بنعيسى، فقد عاش مولعا بها، وجذبه عالمها منذ شبابه، خاصة بعد صداقته مع الفنان المبدع حسن أكراو.

هذه الصداقة التي امتدت على مدى عقود جعلت من أكراو مرشدا له ورفيقا في مسار تعلمه للفن، حيث غرس فيه أسس الموسيقى الأمازيغية وفتح أمامه آفاق الإبداع. من خلال الجلسات المستمرة في مقهى النخيل واماكن اخرى، كان بنعيسى يلتقي بالفنانين والشعراء أمثال الوليد ميمون وموساوي سعيد …

واياون حيث شهدت تلك الجلسات نقاشات فنية وحوارات عميقة حول الموسيقى والثقافة، ما زاد من ثراء تجربته الفنية وشغفه بالتراث الأمازيغي.

في السنوات الأخيرة، لعب الفاعل العقاري والثقافي حميد الشهبوني دورا هاما في حياة بنعيسى، حيث جمع حب الفن والرغبة في تقديم أعمال جديدة تحمل روحا أمازيغية.

هذا التعاون في إنشاء و استمرار الثنائي الفني حسن أكراو وبنعيسى ن بويفار ، وأثمر عن إنتاج أعمال موسيقية أصيلة تروي حكايات وتفاصيل من قلب الثقافة الأمازيغية.

جاءت أغنية “سيري أوما سيري”، التي كتب كلماتها الشاعر علي أمازيغ من هولندا، لتبرز الحس الفني لدى بنعيسى مع حسن وتؤكد قدرته على إيصال الإحساس العميق، تبعها إصدار أغنية “ثمغذ ازاوا” التي كتبها الشاعر حميد الشهبوني، لتعكس قوة الكلمة ومهارة الأداء وتؤكد التعاون الناجح بين الشهبوني، أكراو وبنعيسى.

بنعيسى زريوحي هو فنان عصامي تعلم من الحياة، وجسد قصة نجاح بنيت على الصبر والإصرار. لم يكتف بأن يكون نجارا فحسب، بل أخذت الموسيقى جزءا كبيرا من حياته وأصبحت رفيقته، فجمع بين عمله اليدوي وشغفه الفني ليشكل مزيجا فريدا يجسد شخصية استثنائية تحافظ على جذورها وتعبّر عن روحها الأمازيغية.

إن بنعيسى بويفار هو أكثر من مجرد حرفي أو موسيقي، فهو صورة للشخص الذي يعرف قيمة تراثه ويفخر بثقافته، يحمل رسالة تجمع بين الماضي والحاضر، وينقلها بألحانه وأعماله، ليصبح بذلك عنوانا صادقا للأصالة والعصامية، وملهما لكل من يطمح إلى النجاح متحديا الصعوبات.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار