المرأة ديكور المنزل والمطبخ

ببيع فطائر ‘البغرير’ تطعم أفواها جائعة.. رقية: أنا محاربة! +( صور )

رقية

تشير عقارب الساعة إلى السادسة و45 دقيقة صباحا. تستيقظ رقية. توقظُ أبنائها، ليتناولوا وجبة الفطور، ويذهبوا إلى مدارسهم. تمر ساعتان من الزمن، تغادر رقية بيتها في المدينة القديمة بالرباط، لتبدأ معركتها اليومية مع “الزمن والتجار ورجال السلطة من أجل تأمين قوتها وقوت أبنائها”، بحسب تعبيرها.

رقية سيدة مغربية تبلغ من العمر 49 سنة، صاحبة عربة يدوية الدفع لبيع الفطائر المغربية والخبز في المدينة القديمة بالرباط.

تزوجت رقية في سن الخامسة عشرة، وبعد سنتين أنجبت طفلها الأول، لكن الطلاق أنهى تلك العلاقة الزوجية. خاضت رقية، بعد ذلك، تجربة زواج ثانية، كُلِلت بإنجابها لأبنائها الثلاثة الآخرين.

رقية تعرض الفطائر المغربية والخبز للبيع في المدينة القديمة بالرباط
رقية تعرض الفطائر المغربية والخبز للبيع في المدينة القديمة بالرباط

رقية تعرض الفطائر المغربية والخبز للبيع في المدينة القديمة بالرباط

​​زوجها الثاني لم يكن يشتغل كثيرا. كان يعوِّل على أختيه اللتين كانتا توفران له ولأسرته الصغيرة كل احتياجاتهم. توفيت الأختان، فأصبحت الأسرة في حاجة إلى دخل يسد جوعها. رفض الأب البحث عن عمل وطلَّق رقية، فاضطرت لتحمل ذلك العبء لوحدها.

تقول رقية لـ “أصوات مغاربية”: “بدأت بالعمل في شركة لصناعة سراويل الجينز في مدينة سلا (بجوار العاصمة الرباط). وتعرض أحد أبنائي لحادثة سير، فتوقفت عن العمل في تلك الشركة، لكي أرعاه. واخترت عملا لن يجعلني أتقيد بمواعيد، وهو بيع الفطائر المغربية والخبز في المدينة القديمة بالرباط”.

“دخل زهيد”

تعرض رقية، المعروفة في المدينة القديمة بالرباط بـ “العلوية”، كل يوم، ومنذ ست سنوات، أكثر من 200 قطعة من جميع أنواع الخبز، إلى جانب 60 قطعة من الفطائر المغربية، وأكثر من 100 قطعة من “الرزيزة” (حلوى مغربية تقليدية). لا تُحضِّر رقية أيّاً مما تبيعه في منزلها، بل تشتريه جاهزا. الخبز من أفران عمومية، والفطائر و”الرزيزة” من سيدات يحضرنها في البيت.

فطائر مغربية وخبز تعرضهما رقية للبيع
فطائر مغربية وخبز تعرضهما رقية للبيع

فطائر مغربية وخبز تعرضهما رقية للبيع

​​يُدِرُّ هذا النشاط على رقية دخلا يتراوح ما بين 700 و1000 درهم في اليوم (ما بين حوالي 73 و104 دولارا أميركيا)، لكنها في الحقيقة لا تربح سوى 100 (حوالي 10 دولارات ونصف) أو 150 درهما (حوالي 15 دولارا ونصف) في اليوم، توفر بها قوتا للأفواه الجائعة التي تنتظرها في البيت. أما الباقي، فتدفعه للأشخاص الذين تبتاع منهم تلك المأكولات.

ولرقية زبائن من مدن مغربية كثيرة. الناظور، وجدة، العيون، ومراكش. زاروا الرباط، في أوقات سابقة، وتذوقوا المأكولات التي تبيعها، فأصبحوا يشترونها منها كلما قَدِموا إلى العاصمة الرباط. وتتلقَّى رقية، أيضا، طلبات من مغاربة في مجموعة من المدن المغربية، تبعث إليهم ما يرغبون فيه من تلك المأكولات عبر الحافلة.

اليوم الأول

لا تزال رقية تتذكر جيدا يومها الأول في هذا العمل. تحكي: “بدأت هذا العمل قبل ست سنوات من الآن. كنت في البداية أبيع الخبز فقط. وفي يومي الأول، لم يَرُق وجودي أحد بائعي الخبز الرجال في المدينة العتيقة، فقام بقَلْبِ عربتي، وهو ما دفعني إلى الدخول معه في عراك”.

رقية
رقية

رقية

​​تقول رقية “إنها لم تعد تشعر بأنوثتها. وترى أنها محاربة، تتكلم وتتصرف مثل الرجال وقوية مثلهم. وتعتبر أنها يجب أن تكون كذلك لتحمي نفسها وأبنائها، لأن السوق، بحسب تعبيرها، غابة لا مكان فيها للضعفاء”.

أحيانا، يحل المساء ولا يزال في حوزة رقية الكثير من المأكولات التي تعرضها للبيع. في مرحلة البدايات، كان ذلك يوتر أعصاب رقية، لكن الوضع اختلف بعد تجربة مرَّت بها.

تحكي رقية: “في أحد الأيام، حلَّ المساء ولم أبع أي شيء من 80 قطعة من الخبز كانت بحوزتي. أحسست بالإحباط. وفجأة، أطل شاب من نافذة أحد المنازل، وسألني عن عدد قِطع الخبز التي لا تزال بحوزتي. أخبرته بأن الكمية كبيرة، فنزل واشتراها مني كلها. كانت أسرته تحتفل يومها بخطوبة أخته”.

زبون يبتاع الخبز من رقية
زبون يبتاع الخبز من رقية

زبون يبتاع الخبز من رقية

​​الهروب من السلطات

تبيع رقية تلك المأكولات بجوار السوق المركزي في المدينة القديمة بالعاصمة الرباط. بعض التجار في هذا الأخير يتصلون بالسلطات، كي تأتي وتطرد رقية وباقي النساء اللواتي يزاولن النشاط نفسه.

تقول رقية: “عندما تأتي السلطات أجر عربتي وأركض وأتخفَّى وسط السيارات. أرتدي باستمرار حذاء رياضيا استعدادا لتلك اللحظة. كما أن الركض أمر سهل بالنسبة لي، لأنني امرأة رياضية وحاصلة على الحزام البني في الكاراتيه، لكن، أحيانا، يمسكون بي ويصادِرون عربتي والمأكولات الموجودة فيها”.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار