جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار.
أعطيت اليوم الجمعة 8 غشت 2025 الانطلاقة الرسمية لموسم مولاي عبد الله أمغار، أحد أبرز المواسم الدينية والثقافية بالمغرب، وسط حضور رسمي رفيع ومشاركة جماهيرية ضخمة، تعكس مكانة هذا الحدث المتجذر في الذاكرة الجماعية للمغاربة، والذي يشكل تقليدًا سنويًا يتجاوز البعد الديني ليشمل أبعادًا ثقافية، اقتصادية، وسياحية.
. ترأس والي جهة الدار البيضاء-سطات، السيد سعيد أمهيدية، بمعية عامل إقليم الجديدة، السيد امحمد عطفاوي، مراسيم الافتتاح الرسمي للموسم، رفقة وفد رسمي ضم ممثلين عن المصالح الأمنية، ورؤساء المصالح الخارجية، ومنتخبين وفعاليات مدنية، في خطوة تؤكد أهمية الموسم لدى الدولة، وحرص السلطات على مواكبته وإنجاحه.
وقد تمت زيارة عدد من الفضاءات المخصصة لـ”التبوريدة”، والأسواق التقليدية، ومرافق الإيواء المؤقتة، مع التأكيد على احترام شروط النظافة والسلامة، في ظل التوقعات بارتفاع عدد الزوار هذا العام.
يُعتبر موسم مولاي عبد الله أمغار، الذي يقام بضريح الولي الصالح بجماعة مولاي عبد الله، واحدًا من أكبر التجمعات الدينية بالمغرب، ويتميز بطقوسه الروحية المرتبطة بالزاوية الأمغارية، إلى جانب عروض الفروسية التقليدية “التبوريدة”، والأسواق الشعبية، والعروض الفنية والفلكلورية التي تعكس التنوع الثقافي المغربي. ويمثل الموسم فرصة لآلاف الحرفيين والتجار والفاعلين في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لتسويق منتجاتهم، مما يُضفي بُعدًا اقتصاديًا هامًا على التظاهرة. ساهم المجلس الجماعي لمولاي عبد الله، بتنسيق مع مختلف الشركاء المؤسساتيين، في الإعداد المحكم لهذا الموسم، من خلال تهيئة البنيات التحتية، وتنظيم الفضاءات المخصصة للأنشطة، وضمان الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وأمن.
ولعب رئيس الجماعة، مولاي المهدي الفاطمي، وهو أيضًا نائب برلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي، دورًا فاعلًا ضمن هذه الجهود الجماعية، من خلال تسريع الإجراءات الإدارية، وتوفير الدعم اللوجيستيكي بالتعاون مع السلطات المحلية.
إلا أن النجاح التنظيمي يُحسب لكامل المتدخلين، من سلطات إقليمية، ومصالح أمنية، ومجتمع مدني، ومتطوعين. عرف اليوم الأول من الموسم انخراطًا فعّالًا لمختلف الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الدرك الملكي، القوات المساعدة، والوقاية المدنية، الذين عملوا على تأمين مختلف مداخل ومخارج الموسم، وتنظيم حركة السير، وحماية ممتلكات الوافدين.
كما قامت السلطات الصحية بتوفير نقاط طبية متنقلة للتكفل بالحالات الاستعجالية، وتوزيع الفرق الطبية والتمريضية على كافة فضاءات الموسم، مع الحرص على مراقبة جودة الأغذية المعروضة في السوق المؤقت. يتجاوز موسم مولاي عبد الله طابعه الاحتفالي، ليُرسخ مكانته كموروث ثقافي وروحي عريق، تحرص مختلف الجهات على تطويره والمحافظة عليه. وتسعى الجماعة الترابية، بتعاون مع وزارة الثقافة وجهة الدار البيضاء-سطات، إلى تصنيفه كتراث لا مادي وطني، مع التفكير في تدويله مستقبلاً، عبر إدماجه في رزنامة المهرجانات الثقافية ذات الإشعاع الدولي. ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة تنظيم عروض فنية لفنانين مغاربة معروفين، إلى جانب ندوات فكرية ومعارض للصناعة التقليدية، مما يخلق تنوعًا في العرض الثقافي للموسم.
تؤكد الانطلاقة القوية لموسم مولاي عبد الله أمغار 2025 مرة أخرى، أن هذا الحدث يشكل لحظة جامعة للمغاربة بمختلف أطيافهم، وفضاءً للتعبير عن غنى الهوية الوطنية.
ومهما تعددت الجهود الفردية، فإن سرّ نجاح هذا الموسم يكمن في التنسيق الجماعي بين كل الفاعلين، الرسميين والمدنيين، من أجل الحفاظ على هذا التراث وتمكينه من التطور والازدهار في انسجام مع متطلبات العصر.
تعليقات
0