روبورتاج و تحقيق

انتشار ظاهرة السب والقذف والتحرش بمواقع التواصل الاجتماعي

جريدة البديل السياسي رشيد اخراز.

جرادة .

انتشرت ظاهرة السب والشتم في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع في الآونة الأخيرة وهذه الظاهرة أثرت سلبا على سمعة المغرب داخليا وخارجيا.

بحيث أصبحت مرتعا لذوي النفوس الضعيفة ووعاء لتفريغ عقدهم وضغوطاتهم النفسية غير آبهين بما سيترتب عن ذلك من أذى نفسي لمن يقصدونه بكلامهم، فترى لماذا أصبح هذا الكم الهائل من الحقد والكره العلني يطغى على التعليقات والمنشورات العمومية؟

لعل كل هذا وذاك راجع إلى الحرية المطلقة التي تحس بها هذه الفئة وهم وراء شاشاتهم بلا رقيب أو حسيب، وأيضا اعتقادهم بأن العالم الافتراضي يمتعهم بحرية تعبير غير مشروطة؛ فيمنحون أنفسهم الحق بقول كل ما يحلو لهم دون التزام وأدب أو تقدير لشعور من يوجهون له الكلام.

إن هذه الشتائم والتعابير الجارحة لا تكون دائما موجهة لأشخاص قدموا محتوى ومنشورات لا ترقى لمستوى جيد أو هادف، بل يمكن أن تكون موجهة أيضا لأشخاص ذنبهم فقط أنهم أظهروا نفسهم لأول مرة للعلن وحاولوا تقديم محتوى جديد، أو جاؤوا بأفكار مبتكرة ليفيدوا بها الناس، وهذا ما يؤكد حتمية وجود خلل نفسي يعاني منه هؤلاء الأشخاص؛ فبدلا من التشجيع أو النقد الهادف البناء نرى كما هائلا من التعليقات المحبطة الجارحة والمسيئة لهذا الشخص وذلك فقط لأنهم رأوا ما يقدمه غير ضروري ومضيعة للوقت مثلا أو كان خارج نطاق اهتماماتهم، وفي أحيان أخرى تبتعد التعليقات كليا عن مضمون المحتوى ونراها تميل إلى التركيز على ظاهر الشخص فقط، كانتقاد شكله مثلا، نبرة صوته، خجله الظاهر أحيانا، ملابسه وطريقة كلامه. هل بات من الضروري أن نلجأ للتجريح والقذف ظنا منا أننا بهذا نثبت للآخر ذاتنا وقوة شخصيتنا؟ لم يكن الاختلاف أبدا ليفسد للود قضية.. ”

كم سمعنا من أناس قرروا أن يوقفوا نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي فقط لأنهم سئموا من قراءة التعليقات المسيئة والمحبطة بالرغم من أنهم يقدمون محتوى هادف وبناء ويمتلكون متتبعين يحبونهم ويساندونهم ويدعمونهم، إلا أنهم في لحظة ضعف سمحوا لمثل هؤلاء من أن يسيطروا على تفكيرهم ويضعفوا عزيمتهم، أو كانوا يمرون بفترة صعبة في حياتهم جعلتهم غير قادرين على تحمل الكلام القاسي والشتائم.

في حين أنني لا أستثني من استطاعوا مواجهة كل هذا وذاك وواصلوا طريقهم غير آبهين بالسلبيين ومتصيدي الأخطاء، ولم يسقطوا في فخ كلام الحاقدين المحبطين بل قرروا ألا يسمحوا لأي كان بثنيهم عن مواصلة شغفهم.

أظن أن هناك من يتلذذ بأذية الأخرين، ويكون هدفه الأول في الحياة هو إحباط من رآه ناجحا متألقا، أو لعله يحس بالاستمتاع وهو ينهال بسيل من الشتائم على كل من لم يرق له، فيهاجم هذا وذاك، يحرض شخصا على أخر، يشعل نيران الفتنة ويجلس مكانه يتفرج وهو في قمة انبساطه. إن هذه الظاهرة لم تعد تقتصر فقط على الأشخاص العاديين بل انتقلت لباقي فئات المجتمع من شخصيات عامة وفنانين وإعلاميين على حد سواء. .

فلماذا نسعى دائما إلى الأساليب المسيئة والعدوانية إذا اختلفت آرائنا، أفكارنا عن الأخر؟ هل بات من الضروري أن نلجأ للتجريح والقذف. علينا أن نرقى بعقولنا.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار