جريدة البديل السياسي |روبورتاج و تحقيق

الناظور …ظاهرة “السماوي” أو “طلاميس”.. من عجائب النصب والاحتيال في اركمان

IMG-20250814-WA009343-1024×554 (1)

جريدة البديل السياسي

تعيش جماعة أركمان بإقليم الناظور على وقع واحدة من أكبر عمليات النصب التي عرفتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، بعدما سقط عدد من الميسورين، بينهم منعشون عقاريون وتجار كبار ووجوه تُثار حولها شبهات الاتجار الدولي في المخدرات، في شباك شبكة احتيال محكمة تديرها مجموعة من شباب المنطقة، يتصرفون بثقة من يملك شبكة حماية وامتدادات داخل إدارات محلية سهّلت لهم تنفيذ عملياتهم التي يتزعمها ( الحاج ايوب) المختصة في تاسيس شركات وهمية للنصب والاحتيال على الشباب الذين يحلمون بالهجرة الى اوروبا .

القصة بدأت كما تبدأ عادة كل الحيل المالية، أرباح “مضمونة” ووعود “سريعة”. فقد استطاعت العصابة استدراج ضحاياها بتقديم عائد بلغ 5% عن كل عملية سلف، بل عمدت إلى دفع أرباح أولية تراوحت بين 13 و20 مليون سنتيم لبعض “الزبائن”، في عملية تكتيكية لتوسيع شهية الجشع لدى المستهدفين، قبل أن يشرع هؤلاء في ضخ مبالغ ضخمة تجاوزت لدى البعض 300 مليون سنتيم، طمعاً في المزيد.

وبينما ازدهرت أرباح العصابة وازدادت ثقة الضحايا، كانت الخطة تُحكم تدريجياً، شيكات تُقدّم كضمان، صفقات وهمية، وقصص عن “كنوز” مدفونة في أراض خلاء تحتاج تمويلات خيالية لاستخراجها. البعض ابتلع الطعم كاملاً، والبعض تردد، لكن النتيجة واحدة، ملايين طائلة اختفت في جيوب شبكة تعرف جيداً كيف تلعب على وتر الطمع والسرية.

اللافت أن جزءاً من الضحايا “خصوصاً أولئك الذين تحوم حولهم شبهات الاتجار غير المشروع والثروات غير المبررة” يفضّلون اليوم الصمت، بل يلجؤون إلى تصفية الحسابات بعيداً عن القضاء، خوفاً من فتح ملفات قد تقود إلى سؤال: من أين لك هذا؟. فالتقاضي يعني كشف الحسابات البنكية، الممتلكات، والصفقات المشبوهة.. وهي أمور يفضّل هؤلاء ألّا تُفتح على الملأ، ولو كانت خسائرهم بالملايين.

مصادر محلية تؤكد أن العصابة ما كان لها أن تنجح بهذا الشكل لولا تواطؤ عناصر من داخل إدارات حسّاسة، وفّرت المعلومات الكاملة عن الضحايا، أرصدتهم، ممتلكاتهم، قدرتهم على الدفع، بل وحتى ضعفهم القانوني. وهكذا أصبحت العملية شبكة إحكام مشتركة بين نصّابين محترفين وضحايا أغراهم الوهم والجشع في آن واحد.

ورغم فداحة الأرقام “أزيد من 20 مليار سنتيم” ما تزال الشبكة تتحرك بأريحية لافتة، باستثناء توقيف عرضي لأحد أفرادها أخيراً بعد شكاية مرتبطة بشيك بقيمة 13 مليون سنتيم، ليُفرج عنه لاحقاً في انتظار تعميق التحقيق.

في المقابل، بدأت بعض الشكايات الفردية تتوافد على النيابة العامة، بينها شكاية رجل أعمال خسر أكثر من 200 مليون سنتيم، دفعت الأجهزة الأمنية إلى فتح تحريات موسعة لتحديد جميع المتورطين.

الغريب حقاً أن معظم المتضررين الحقيقيين اليوم ليسوا فقط أولئك الذين خُدعوا، بل أيضاً أولئك الذين يخشون أن يؤدي فضحهم إلى فضح مصادر ثرواتهم. وهكذا، تتحول القضية من مجرد عملية نصب إلى مرآة تعكس اختلالات أكبر.. جشع بلا سقف، وعصابة بلا رادع، وشركاء غير مرئيين، وضحايا يخافون العدالة أكثر مما يخافون نصّابيهم.

التحقيقات مستمرة، لكن المؤكد أن هذه القضية لن تُغلق بسهولة، لأنها لا تكشف فقط عصابة احتيال، بل شبكة مصالح معقدة تتقاطع فيها المال الحرام، الطمع، والتواطؤ

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي