الناظور .. جماعة اركمان والمشاريع في خبر كان
فاطمة الزهراء أشن – جريدة البديل السياسي :
بين قمم جبال كبدانة والبحر اللابيض المتوسط ، ترتكن قرية اركمان في صمت مخيف أَلَفه القاطنون ، يكسرُ صمتها سوق أسبوعي يقامٌ كل يوم الاربعاء ،يعتبر مناسبة للتبضع و قضاء أغراض مؤجلة طيلة الأيام الستة الأخرى،قلة ذات اليد و العوز و الفقر يمنعان السَّاكنة من السفر بشكل يومي إلى “مدينة الناظور” على حد قول ساكنة المنطقة، تبدو الخيام منتصبة على الجنبات معدة لتهييء وجبات الفطور و العذاء، تحتها تبدو قسمات الروّاد تختزلُ علامات الفقر و العوز الضّارب في الجذور و يعطي الصورة الجليّة عن المغرب العميق والواقع القاتم الضارب في الأعماق، التي انتظر سكانها أمدًا علَّ ساعة التغيير تأتي و تخلصهم من القتامة المألوفة طيلة عقودٍ ، رغم توالي المسؤولين و لكن لا شيء تغير أو بدَّدَ ضباب التشاؤم الذي يلوحُ في الأفق .
مع بداية سويعات صباح يوم الاربعاء في الاقتراب تسمع أزيز سيارات “نقالة الشعب” القادمة من المناطق المجاورة ، حاملة معها رؤوس الأغنام و الماعز لبيعها في السوق الأسبوعي ، كمصدر رزق وحيد لساكنة المنطقة الذين يتعمدون على الفلاحة البورية و تربية الماشية. مسالك صعبة تلكَ التي يسلكها السائقون “طرقٌ غير معبدة و وعرة و محفوفة بالمخاطر و نتمنى من المسؤولين الاهتمام بها و قد مللنا الوعود الكاذبة” ذلك ما جاء على لسان أحدهم، يتوسط قرية اركمان شارع واحد ذو مساحة ضيقة عليك انتظار لدقائق للمرور، لا يحق لك التجاوز نظرًا لضيقها بالإضافة إلى الحفر التي تعتريها و هو ما ينم عن تجاهل المنتخبين لهموم سكان قرية اركمان .
قطعنا مسافة في اتجاه الجماعة و مررنا بعدة دواويرعبر طريق لهدارة زايو صادفنا واضحة النهار نساءً و أطفالا على جنبات الطريق يمتطين حميراً في اتجاه الآبار لجلب ماء الشرب “نقطع كلومترات يوميًّا في اتجاه صنبور لجلب الماءِ،”لقد طلبنَا منهم بتشييد سقاية قريبة من منازلنا” تقول إحداهن بصوت يغلب عليه التذمر من طول الانتظار ،لكن معاناتنا تزداد سوءًا في فصل الصيف مع الحرارة المرتفعة و الطريق التي نقطعها، و عن الحلول التي تم اقتراحها في هذا الشأن ،تقول سيدة عجوز “لَقَد تم حفر بئر بالمنطقة و قد امتنع أحد من السّاكنة ببناء سقايات لوجود البئر بالقرب من منزله و خوفا من جفائه، اتقينا معاناتنا اليومية.
في قرية اركمان يتواجدُ مستوصفٌ وحيد للساكنة و به طبيب واحدٌ وبالضبط ، مستوصف لا يلبي حاجات الساكنة ،نظرًا لافتقاره لأبسط الأجهزة ،علاوة على الغياب المتكرر ، مما يضطر البعض إلى التوجه إلى المستشفى الحسني بالناظور الذي بدوره يفتقدُ الأدوات الطبية الأمر الذي يدفع بعض المرضى إلى التوجه إلى المدن الخرى كوجدة وفاس وغيرها رغم الضروف الصعبة التي تعيشها الساكنة .تعرف المنطقة هجرة كبيرة لشباب المنطقة بحثًا عن العمل في الضفة الاخرى ملجأً لهم للبحث عن فرص الشغلِ أما البعض منهم فقد اختار خيارًا إما بالعمل في القرية بمزاولة مهن متواضعة أو التجارة ، و البعضُ الآخر اختارَ البطالة سبيلاً لغياب فرص الشغل المتاحة في المنطقة نتيجة افتقارها لهُ.
على ما يبدو أن دواوير الجماعة تعرف عملية الكهربة القروية التي عرفت انطلاقتها منذ مدة ،لكنها نتقطع بين الفينة بسبب تراكم الديون على المجلس الجماعي لاركمان ، فذلك يبدو جليًّا من خلال الأعمدة التي نصبت.” الضو مزيان دارو فينا خير بزاف” هذا ما جاءَ على لسان أحدهم ساكني المنطقة و غيره الذين استحسنوا المبادرة و لكن طموحاتهم لم تنته مادامت معاناتهم، لم تنته بعدُ ، حيث يأملُون بتزويدهم بالماء الصالح للشرب لوضع حد لمعاناتهم.
إن ما صدرناهُ من معاناة السكان مع ضعف البنيات التحية يعتبرُ جزءًا قليلا ،يحتاجُ إلى أكثر من مقال ، فمعاناة السّاكنة متعددة و خاصة الدواوير بدون استثناءـ التي سئم قاطنوها الوعود الكاذبة للمسؤولين و تسويفاتهم المتكررة .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار