سـياسـيات

المهندسين الماسحين الطبوغرافيين : بيان استنكاري ووقفة احتجاجية ضد مشروع قانون المالية لسنة 2023

جريدة البديل السياسي :

توصلت جريدة البديل السياسي ببيان استنكاري من النقابة الوطنية للمهندسين الماسحين الطبوغرافيين بالقطاع الخاص هذا نصه :

الاثنين 14/11/2022

بيان استنكاري حول مشروع قانون المالية لسنة 2023

لم تمضي إلا بضعة شهور على سيطرة حكومة السيد عزيز أخنوش على مقاليد الأمور في المغرب، حتى كشفت عن وجهها الحقيقي، وكشرت عن أنيابها استعدادا لافتراس مختلف فئات وطبقات الشعب المغربي، إذ أنها عوض أن تفي بوعودها التي قدمتها للمغاربة أثناء حملتها الانتخابية و أن تُنَزِّلَ على أرض الواقع الأحلام الوردية التي عَيَّشَتْ فيها المغاربة من أجل الظفر بأصواتهم الانتخابية و الفوز بمناصب حكومية.

إذ كان ينتظر منها أن تقوم بترشيد نفقات الدولة، ومحاربة الفساد الإداري وتوفير مناخ الاستثمار و خلق فرص الشغل بدعم الطبقة الوسطى التي تشكل المهن الحرة ركيزتها، والتي تبقى كلها قاطرة الازدهار الاقتصادي، ها هي الحكومة تخرج علينا اليوم بمشروع المالية لسنة 2023 والذي وظفته كي تمد به يدها للاستيلاء ظلما وعدوانا على أموال واستثمارات المهن الحرة تحت عبارات ومساطير سميت تجنيا ب”الضريبة” و “الحجز من المنبع“.

و الحقيقة أنها سطو مكتمل الأركان على أموال مهني المهن الحرة و سلب لها بقانون ظالم وجائر، حيث تقدمت الحكومة أمام البرلمان بمشروع قانون المالية رقم 50.22 للسنة المالية 2023 والذي فرضت به على الشركات والمنتسبين للمهن الحرة ضريبة حددتها في 20 في المائة من رقم المعاملات يتم اقتطاعها على أنها أرباح ويتم خصمها من المنبع لفائدة إدارة الضرائب، وهو ما يشكل انقلابا تشريعيا حقيقيا .

حيث أزاحت النظام الجبائي التصريحي الذي ظل سائدا بالمملكة المغربية لعدة عقود وإلى غاية سنة 2022، والذي يقوم على التصاريح التلقائية للمهنين تحت المراقبة البعدية لإدارة الضرائب وينتهي بأداء الضريبة، و أن الحكومة قامت في مشروع القانون المذكور بتضريب رقم المعاملات عوض الربح الصافي ضدا على كل مبادئ العدالة الجبائية.

ومن هذا المنطلق فإننا نحذر من هذا الانقلاب التشريعي الضريبي الذي استهدف المهندسين المساحين الطبوغرافيين، بقانون المالية، الذي تضمن مقتضيات ضريبية مشؤومة، لن تؤدي إلى الإصلاح بل ستؤدي إلى التخريب والاحتقان وستقوض السلم المجتمعي في كل مناحي الحياة في المغرب، فهي ستؤدي لا محالة إلى استنزاف القدرات المالية والاقتصادية للمهندسين وسينتج عنها تدمير مهنتنا وانقراض مكاتبنا، وهو ما ستكون له تداعيات جد وخيمة على الدولة إذ ستتسبب في مشاكل كبيرة في التجهيز والتحفيظ العقاري الذي ستهوي مداخيله وستؤثر سلبا على مداخيل الخزينة.

كما نحذر المهندسين المساحين الطبوغرافيين من أن القادم من الأيام والسنوات أسوء بكثير مما أظهرته الحكومة لنا بمشروع قانون المالية، الأمر الذي ينبغي التصدي له بحزم بالالتفاف حول المؤسسات التمثيلية المهنية التي تدافع عن حقوقهم.

إذ أن قانون المالية ليس إلا الشجرة التي تخفي الغابة وأن أخطر ما تنطوي عليه مقتضيات قانون المالية لسنة 2023 هي الخلفيات التي كانت وراء إخراجه والتصور الذي تتصور به الحكومة المهندسين على أنهم غارقين في النعيم وأنهم في بحبوحة من العيش حتى تستهدفهم بضريبة صاروخية تقتطعها منهم جبرا، والحقيقة أن المهندسين يعانقون الفقر المدقع و الإفلاس ويصارعون من أجل البقاء، وهي الوضعية المتأزمة التي تسبب فيها انعدام التنظيم المهني وتحكم السماسرة في سوق الشغل، والفساد الإداري والرشوة، الذي فاقمته سنوات من الانكماش الاقتصادي بسبب تلاحق الكوارث بدءً بجائحة كورونا، التي تلتها مباشرة أزمة الحرب الروسية الأوكرانية مما قلص بشكل كبير مداخيل مكاتب وشركات الهندسة الطبوغرافية.

لذلك فإننا نرفض مشروع قانون المالية لسنة 2023، ونعلن لمؤسسات الدولة بأنه يقوم على فرضيات مالية خاطئة إذ أن الحكومة الحالية التي يسيطر عليها الأثرياء قد أعماهم ثرائهم الفاحش عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي العام للمغرب، والمطبوع بالفقر والهشاشة، والذي لا يشكل المهندسين المساحين الطبوغرافيين استثناءً منه، إذ أن من المهندسين من هو تحت عتبة الفقر، وأغلبهم غارقين في الديون والأمراض والهشاشة، لدرجة أن منهم من وافته المنية في المركبات الاجتماعية، وسط المشردين والمتخلي عنهم، لعجزهم عن مسايرة الوقع المرتفع لتكاليف العيش الكريم.

سيما بعد أن تم اختلاس وتبديد أموال اشتراكاتهم ولم يتم صرفها في التقاعد والتكافل الاجتماعي كما يتسوجبه القانون المنظم للمهنة، كما أن أغلبهم يمارس الهندسة الطبوغرافية المعيشية، وأن رئيس الحكومة قبل أن يقدم هذا التشريع الجبائي الخطير كان عليه أن ينزل للميدان ويتجول بين مكاتب الهندسة الطبوغرافية والإدارات المتحكمة فيها كوكالة المحافظة العقارية ليسمع بأدنيه ويشاهد بعينيه حكايات فساد الإدارات التي تعتدي على المهندسين، وحكايات الفاقة والحاجة والهشاشة التي أصبحت تحيط بمهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية والمهندسين المنتسبين إليها من كل جانب.

لذا ومن منظورنا كمهنيين و كمهندسين مساحين طبوغرافيين، وكرافد من روافد المهن الحرة، وكجزء لا يتجزأ منها، ومن الطبقة الوسطى للشعب المغربي، التي سيطبق عليها مشروع قانون المالية، وتُحْجَزُ أموالها من المنبع ظلما وعدوانا، فإننا نندد بما قامت به الحكومة من دس لهذا التعسف الضريبي في قلب التشريع والقانون، و نعلن رفضنا القاطع لما جاء به قانون المالية لسنة 2023 من إجراءات وقرارات.

وذلك لما سيكون لها من تداعيات وخيمة على مهنتنا وباقي المهن الحرة إذ ستسرع في تدمير النسيج الاقتصادي المغربي وتعمق الأزمة الخانقة التي تعاني منها المقاولات والمكاتب الهندسية الطبوغرافية بسبب سنوات من المعاناة ابتدأت بسنوات كورونا التي انعدم فيها الدخل وبقيت فيها المصاريف وأجور المستخدمين مرتفعة، وتلتها الأزمة العالمية المتعلقة بحرب أوكرانيا والارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات وما ترتب عن ذلك من ارتفاع مهول لأسعار .

كل المعدات و المصاريف اللازمة للمنتوج الهندسي الطبوغرافي، مما أدى إلى تآكل مدخراتنا خلال السنوات الماضية، وأن فرض هذه الضريبة علينا بهذا الشكل وبارتفاع صاروخي ودون سابق إنذار، سيدفع بمهنتنا في براثين الفقر والهشاشة. كما أن الحكومة التي فاجأت المهندسين بهذه المقتضيات الضريبية التي لم تكن في الحسبان قد تجاهلت أن الصفقات العمومية التي ينالها المهندسين المساحين الطبوغرافيين لا تتم فوترتها مباشرة بعد الفوز بها، بل تأخذ كثيرا من الوقت لإنجاز الأشغال المتعلقة بها وهو الشيء الذي قد يمتد لعدة سنوات قبل أن يكون من الممكن الحصول على مبالغ مالية نظير القيام بإنجازها وتنفيذها (الصفقات).

وهو ما ينتج عنه أن أغلب الصفقات العمومية التي ستتم فوترتها وحجزها من المنبع ابتداء من سنة 2023 قد تم تقدير تكاليفها وأثمنتها ونيلها قبل سنوات مضت أي قبل الارتفاع الصاروخي في الأسعار و قبل الارتفاع الصاروخي للضريبة بمشروع قانون المالية لسنة 2023 والتي لم تكن متوقعة وبالتالي سينخفض بل قد ينعدم هامش الربح المتوقع في تلك الصفقات العمومية، وفرض 20 في المائة على المداخيل المتأتية منها كربح، سيصبح سطو حقيقي على رأس مال الملزم المهني وسيدفع به نحو الإفلاس.

وتوقيف نشاطه المهني وتسريح المستخدمين العاملين لديه، مما يقتل الاستثمار الذي نادت به، وتعهدت بتشجيعه، فرق الأغلبية الحكومية خلال حملاتها الانتخابية، وحتى ضمن برنامجها الحكومي.

وزيادة على ذلك فإننا نعتبر بأن التشريع الجبائي الجديد الذي ضمنته الحكومة في قانون المالية هو تشريع يتعسف تعسفا خطيرا على مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية ونرفض أن يطبق على مهنتنا لاعتبارات موضوعية وواقعية فإذا كان الجميع فقهاء، وقضاة، وأخصائئين، يجمعون على أن التقدير الجبائي الذي تقدر فيه  إدارة الضرائب مقدار الضريبة أو الربح على المهني دون اعتمادها في ذلك على أوراق وأدلة وأسس موضوعية يكون باطلا ومتسما بالشطط والتجاوز في

استعمال السلطة لابتعاده عن حقيقة المعاملات المالية للمهني، فإن قيام المشرع بتحديد الضريبة بطريقة عشوائية في 20 في المائة من أتعاب المهندسين دون اعتبار لخصوصيات كل مهني و دون الاستناد على سند أو دليل، يشكل شططا وانحرافا خطيرا في استعمال التشريع وسلطة البرلمان ويخالف الدستور والالتزامات الدولية للمغرب المتعلقة بحقوق الإنسان.

إذ أن تحديد الضريبة بطريقة عشوائية في 20 في المائة من رقم المعاملات واقتطاعها من المنبع قسرا وجبرا حتى إن لم يحقق المهني هذا القدر من الربح، ودون أي سند سيؤدي لا محالة إلى انتفاء تحقق التقدير الحقيقي للوعاء الضريبي، وحصول الشطط فيه لتجاوز أرباح المهني الفعلية، ويتعداها لحجز إدارة الضرائب إلى جزء مهم من رأس المال (رقم المعاملات) فتنتقص منه وتدمره و تؤدي إلى تآكله بمرور سنوات التضريب.

الشيء الذي سيعجل في إفلاس قطاع الهندسة المساحية الطبوغرافية، وباقي المهنيين، فلن تمر السنة حتى يجد المهندسون والمهنيون أنفسهم غير قادرين على دفع الأجور و المصاريف القارة لتسيير مكاتبهم، لأن إدارة الضرائب ستكون حينها قد استولت على رأس المال الذي أنفقوه على أشغالهم سيما أن الأغلبية الساحقة منهم من الشركات الصغيرة والصغيرة جدا، وأن هذا المنهاج الجبائي الظالم يباغث حياة المهنيين ومكاتبهم عاصفا بقدراتهم الاقتصادية والمالية ودافعا بهم للإفلاس المحقق والحتمي، مما ينبئ عن انحراف تشريعي خطير.

لذلك فإننا ندق ناقوس الخطر وننبه جميع المهندسين المساحين الطبوغرافيين إلى أن ما صرحت به الحكومة من إمكانية استرداد المهني لأمواله بعد حجزها من المنبع والاستيلاء عليها، في حالة عدم تحقيقه للربح الذي تم الحجز عليه كضريبة من المنبع، ما هو إلا نوع من التحايل ودر للرماد في العيون ويوشي بسوء نية الحكومة .

حيث أن الكل يعلم جيدا أن إدارة الضرائب إذا استخلصت أموالا في شكل جبايات يكون من الصعب بل من شبه المستحيل إرجاعها منها عند تقديم التصاريح الجبائية لأن ذلك رهين بقبول إدارة الضرائب للأوراق المدعمة للتصريح، ويجعل المهني تحت رحمتها وخاضعا لمزاجيتها وسلطتها التقديرية.

ولا ضمانة له لقبول الإدارة لتلك الحجج المدعمة لتصريحه، بل الأكثر من هذا أن الإدارة التي حجزت الأموال من المنبع ستدافع على الحفاظ عليها بكل شراسة وستكون معركة المهني مع إدارة الضرائب من أجل استرجاع أمواله المسلوبة من المنبع معركة خاسرة لأنها غير متكافئة وتدور رحاها بين مواطنين لا يتقنون تقنيات وخبايا الميدان الجبائي.

بخلاف موظفي إدارة الضرائب الذين يتقنونها بحكم أنها ميدان عملهم واشتغالهم اليومي، مما سيحرم المهندسين من أموالهم المسلوبة ظلما وعدوانا، الشيء الذي لن يترك للمهني لاسترجاع أمواله سواء الطعن أمام المحكمة ورفع تظلمه إليها، مما سيدخله في دوامة قضائية من الطعون والدعاوى القضائية التي ستتكرر كل سنة إذ عليه أن يثبت أمام القضاء بانه لم يحقق الربح الذي سلبته إياه إدارة الضرائب.

ولن تحكم له المحكمة به إن تمكن من إثباته إلا بمرور عدة سنوات، وهو ما سيتكرر بعدد السنوات التي سيطبق عليه فيها هذا النظام الجبائي الظالم، ولن يتمكن من استرداد أمواله المسلوبة إلا بعد فوات الأوان وإغلاق مكتبه وشركته وهو المصير الحتمي الذي يهدد الآلاف من المهندسين والمهنيين المنتمين للمهن الحرة.

واعتبارا لما سبق ذكره، واستحضارا منا لخطورة هذه المقتضيات التشريعية الجبائية، الجديدة، على مهنتنا، وعلى المهن الحرة، وعلى الاقتصاد الوطني برمته، فإننا نعلن رفضنا القاطع والشديد لمشروع المالية وذلك لأسباب كثيرة نذكر منها ما يلي:

أولا : أن الحكومة قد لجأت في مشروع قانون المالية التعسفي الذي قدمته للبرلمان من أجل المصادقة عليه، إلى تضريب رقم المعاملات عوض الربح الصافي، وإلى ابتداع مسطرة التعرض لأتعاب المهنيين في إبان الواقعة المنشأة لها بحجزها من المنبع وقبل حتى أن يتلقاها المهنيين، وهو الأمر الخطير الذي يعصف بدستورية ومشروعية هذا القانون إذ أن تضريب الدخل لا يمكن أن يكون إلا على الربح الصافي الذي يصرح به المهني الملزم تلقائيا لإدارة الضرائب.

كما كان معمول بها في تشريعات قوانين المالية السابقة، وهو ما يشكل ظلم كبير للمهن الحرة وخرق سافر للفصول 39 و 40 من الدستور، مما يجعلنا نقول بأن التشريع الضريبي الانقلابي الذي تضمنه مشروع المالية هو تراجع حقوقي خطير ينتهك الحقوق الاقتصادية والمدنية سواء التي كرسها الدستور أو المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب لفئة واسعة من المواطنين المنتسبين للمهن الحرة.

ناهيك على أن قانون المالية لسنة 2023 يضرب في الصفر القانون الإطار الذي يحكم القوانين المالية السنوية إذ أنه يخرق المادة 2 من القانون التنظيمي رقم 130.13 المتعلق بقانون المالية لأن السطو على رقم المعاملات تحت مسمى الربح يمنع المهنيين من استرجاع أموالهم واستثمارهم ويعدم إمكانية الاستثمار المنتج للقيمة المضافة والمحدث لفرص الشغل ذات الجودة، كما انه يعاكس كل الممارسات الدولية الفضلى في المجال الجبائي.

ثانيا: أن مشروع المالية لسنة 2023 قد تضمن ابتداعا لإجراءات مسطرية جديدة لم يسبق لها أي مثيل في التشريع الجبائي المغربي والتي تشكل انقلابا على النظام الجبائي التصريحي الذي كان معمولا به في المغرب طيلة عقود مضت والذي لم يكن يقوم نهائيا على إعمال شرع اليد ومدها لجيوب المواطنين للحجز على أموالهم خارج المشروعية تحت مسميات مثل الضريبة والاقتطاع من المنبع.

وهذه السلطات الخطيرة المتمثلة في حجز إدارة الضرائب لأموال المهنيين من المنبع و فرض 20 في المائة من رقم المعاملات كربح هي سلطات قد زادها المشرع المالي لإدارة الضرائب على السلطات الواسعة التي سبق لها أن حازتها من التشريعات الجبائية السابقة، وذلك ضدا على المهني الذي يبقى الطرف الضعيف في العلاقة الضريبية، وأن المشرع السابق لما منح إدارة الضرائب سلطات خطيرة وواسعة ورادعة والتي قد تصل إلى حد الإكراه البدني وسلب الحرية فقد حد منها المشرع ولطفها بغل يد إدارة الضرائب بمجموعة من الضمانات التي يتم سنها لحماية المواطن المهني منها تأسيس الضريبة على تصريحه وإقراره في مسطرة تواجهية يشارك فيها بقسط مهم في تحديد الوعاء الضريبي.

وتنطوي على حقوق متعه بها المشرع والتي تتعارض كلها مع حجز اتعاب المهنيين من المنبع وتحديدها تلقائيا وتمهيديا في 20 في المائة من رقم المعاملات، الذي يبقى غير إبرائي ومرشح للارتفاع إن قررت إدارة الضرائب ذلك بمناسبة وضع المهني لتصريحه، مما بنبئ بتركيز سلطات خطيرة في يد إدارة الضرائب ستؤدي حتما إلى التعسف والتغول وإساءة الاستعمال.

ثالثا: أن الحكومة تضرب في العمق كل الضمانات التي كان يوفرها النظام التشريعي التصريحي السابق للمهنيين من تواجهية وإبداء الملاحظات قبل الفرض الضريبي، وأن التصريح الضريبي الذي يقدمه المهني في ظل التشريعات السابقة كان يعتبر تصريحا صحيحا حتى تثبت إدارة الضرائب بحجج وأدلة دامغة عدم صحته.

مما يجعل المشرع السابق لهذه الكارثة والفاجعة التشريعية قد خفف عبء الإثبات على المهني و ألقى بعبئه على الإدارة، مما يثبت بأن التشريع المدرج في قانون مالية سنة 2023 هو قلب خطير للنظام الضريبي المغربي حيث سيصبح عبء الإثبات ملقى على الملزم المهني والذي سيصبح به هو من يجب أن يثبت بأن وثائقه صحيحة ومعاملاته صحيحة وأنه لم يربح أقل من 20 في المائة من رقم معاملاته، من أجل استرداد المبالغ المالية المسلوبة.

و هو ما يشكل اعتداءً خطيرا عليه لا يمكن رفعه إلا باللجوء للقضاء. وكأن لسان حال الحكومة يقول بمشروع قانون المالية لسنة 2023 يجزم مسبقا بأن الملزم رابح ينبغي تضريبه على الأقل ب20 في المائة من رقم معاملاته إلى أن يثبت عدم تحقيقه لهذا الربح أو يثبت خسارته بحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وهي طريقة جديدة للسطو على أموال المواطنين باسم القانون و باسم الضريبة ومسوغات واهية كالصالح العام و تشجيع الاستثمار، فمن يريد فعلا تشجيع الاستثمار يدعم المقاولات ويحارب الفساد في الصفقات العمومية وهو ما قامت الحكومة بعكسه تماما إذ سحبت قانون الإثراء الغير مشروع من مسطرة المصادقة والتشريع بعدما كان المغاربة يعولون عليه لتطهير الإدارة وإنعاش الاقتصاد. الأمر الذي يثبت بأن نية الحكومة غير سليمة ولا تنتوي الإصلاح بل تبتغي تجريد الطبقة المتوسطة من أموالها والدفع بها نحو الفقر والهشاشة، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على سوق الشغل حيث سيتم تسريح الآلاف من المستخدمين وستكون له نتائج كارثية على المجتمع المغربي وعلى اقتصاده.

رابعا: أن هذا المقتضى التعسفي الحكومي، الذي يراد له أن يصير قانونا، يعصف عصفا صارخا بالتوازن الذي يجب أن يحققه التشريع ما بين حق الدولة في استيفاء الضريبة المستحقة قانونا وبين الضمانات الحقوقية الدستورية والقانونية المقررة لفائدة المواطنين في مجال فرض الضرائب على أفراد المجتمع، وهو ما لا يخدم نهائيا الصالح العام، وله أهداف مبيتة وتنم عن انحراف تشريعي بالغ الخطورة ورطت فيه الحكومة البرلمان المغربي بحيث تحول القانون إلى آلية للظلم والتسلط على المواطنين والسطو على أموالهم التي لن يكون من السهل والميسر استردادها بواسطة القضاء.

خامسا: أن المشرع بمصادقته بمجلس النواب على مشروع قانون المالية بصيغته التعسفية التي تقدمت بها الحكومة يكون قد انحرف عن الحياد والمصلحة العامة، واصطف لتعسف الحكومة ضد فئة المهن الحرة بمقتضى تعسفي ينتفي معه التقدير الحقيقي للربح القابل للتضريب، وأقر لها إجراءات مسطرية تعسفية ومن الخطورة بمكان.

إذ تجرد المهنيين من الضمانات والحقوق التي كان يمتعهم بها التشريع الجبائي السنوي بشكل متواتر ومستقر، وهو ما ينتهك أمنهم القانوني وحقوقهم المكتسبة من قواعد قانونية استقرت لمدة كبيرة من الزمن.

سادسا: إن خطورة هذه المقتضيات الإدارية التعسفية المدرجة في شكل تشريع بعد أن تم دسها في مشروع قانون المالية لسنة 2023، تتجلى في أنها تكشف للمغاربة أسلوبا خطيرا من أساليب العدوان على المواطنين بنقل التسلط عليهم من مجال ممارسة السلطة الإدارية إلى مجال التشريع والقانون، ليصير بذلك القانون ظالما، وتوظفه الإدارة بعد ذلك من أجل شرعنة تسلطها واستبدادها على الحقوق الاقتصادية للمواطنين وهو انحراف خطير عن المقاصد السامية والنبيلة التي أحدث من أجل تحقيقها الشعب المغربي سلطاته الدستورية بدستور 2011.

سابعا : إن مشروع قانون المالية رقم 50.22 للسنة المالية 2023 قد فضح وبالملموس بأن الحكومة تسارع الزمن من أجل الاغتيال الاقتصادي للمهن الحرة التي تدخل ضمنها مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية، والتي تعتبر النواة الصلبة للطبقة

الوسطى ودينامو الاقتصاد المغربي.

إذ وظفت الحكومة التشريع البرلماني من أجل الاستيلاء على أموال هذه الفئة من المهنيين تحت قناع الضريبة، والتي نعتبرها رصاصة الرحمة القاتلة التي ستغتال الاقتصاد المغربي وستعدم الطبقة المتوسطة وتفقرها وتعمق الهوة بين طبقات المجتمع ليصير مكونا من طبقتين واحدة سفلى و عريضة والتي تضم عموم الفقراء والكادحين والمهن الحرة وأخرى عليا مشكلة من الأثرياء ورجال الأعمال، وهو ما سيذكي الصراع والاحتقان الذي بدأت بوادره جلية ولا تخطأها عين حكيم.

لذلك فقد تقرر الإعلان واتخاذ المواقف التالية

-نحيط السيد رئيس الحكومة بأننا نرفض رفضا شديدا أن تقدم حكومته على سحق الطبقة الوسطى، ومعها مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية، وأن تُبيدَها عن بكرة أبيها لمجرد أن الدولة في حاجة ماسة إلى سد ثغرات مالية آنية؛ إذ أن الاقتصاد المغربي سينهار بالمرة إذا ما استمرت الحكومة على إصرارها وتعنتها على اقتطاع 20 في المائة من أموال المهنيين من المنبع دون أدنى اعتبار للربح أو الخسارة الذي يمكنهم أن يحققونه، ودون انتظار للتصريح التلقائي للربح والخسارة الذي يحققونه، لذلك فإننا نطالب السيد رئيس الحكومة بتغليب الحكمة والمصلحة العليا للوطن و ذلك بإلغاء اقتطاع 20 في المائة من أتعاب المهن الحرة من المنبع، من مشروع قانون المالية المعروض حاليا على مجلس المستشارين، أو سحبه لإعادة دراسته طبقا للمادة 196 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين والذي ينص على أن للحكومة أن تسترجع أو تسحب مشاريع القوانين المقدمة من لدنها متى شاءت وفي أي مرحلة من مراحل المناقشة، شريطة إتباع نفس مسطرة إيداعها، ما دامت تلك المشاريع لم تتم المصادقة النهائية عليها من قبل مجلس المستشارين“.

-أن إجهاض هذه المؤامرة التي تستهدف المهن الحرة عموما، ومهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية على وجه الخصوص، يستوجب الإسراع في اتخاذ جميع الأشكال النضالية التصعيدية وتوحيد جميع المؤسسات التمثيلية الطبوغرافية، وباقي مؤسسات المهن الحرة على صوت واحد رافض وعاصي لقانون المالية لسنة 2023، لأن الوقت يداهمنا جميعا وهو في صالح التعسف التشريعي الذي تنتوي الحكومة تمريره وتوريط البرلمان بغرفتيه فيه رغم أنوفنا جميعا.

ونذكر الجميع أن المهن الحرة لم يبقى أمامها سوى حيز زمني ضيق جدا : أقل من 22 يوما على أكثر تقدير، تفصلنا على مصادقة مجلس المستشارين على مشروع قانون المالية، ليصبح معها سيفا مسلطا على رقابنا جميعا، وذلك طبقا للمادة 49 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، الذي أحالت عليه المادة 246 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين (منشور بالجريدة الرسمية عدد 6880 ل 7 ماي 2020).مما لا يترك أمامنا إلا خيارا وحيدا في هذه الحالة وهو رفع تظلمنا جميعا كمهن حرة لجلالة الملك لنحتمي بظله ونحتكم لحلمه وحكمته في إطار الفصل 95 من الدستور والمتعلق بالقراءة الثانية لمشروع قانون للمالية والذي ينص أن للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون. تُطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.”

لذا فإنه تقرر تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان يوم الخميس 17 نونبر 2022 على الساعة 11 صباحا من أجل التعبير عن رفضنا لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مع ترك المجال مفتوحا أمام مبادرات نضالية أخرى وفق برنامج نضالي تصعيدي مسطر.

كما نهيب بجميع الزملاء المهندسين المساحين الطبوغرافيين للانخراط في هذه الوقفة التي تهدف إلى الدفاع عن حقوقهم المشروعة، والتعبير عن استعدادهم لخوض أشكال نضالية أخرى مستعجلة في حالة تعنت الحكومة وإصرارها على الإبقاء على المقتضيات التشريعية الضريبية الظالمة التي تستهدفنا وتنوي بنا السوء.

 

وعاش المهندس المساح الطبوغرافي، حرا، مناضلا، مقاوما، ومدافعا عن حقوقه وحقوق الشعب المغربي، وعن المصالح العليا للوطن. وإنها لمعركة حتى النصر.

بورزة مولاي هشام

رئيس النقابة الوطنية للمهندسين 

المساحين الطبوغرافيين بالنيابة

 

 

 

 

 

 

 

 

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار