جريدة البديل السياسي |الوقائع و الحوادث

المختلون عقليًا بين غياب الرعاية وتنامي المخاطر الاجتماعية .

607cc19db4b18

جريدة البديل السياسي رشيد اخراز جرادة.

المختلون عقليًا بين غياب الرعاية وتنامي المخاطر الاجتماعية .

 

أعاد حادث مقتل شرطي مرور بمدينة إيموزار كندر، على يد شخص يعاني اضطرابات عقلية، فتح النقاش مجددًا حول واقع العناية الصحية والنفسية بهذه الفئة الهشة، وحول مسؤولية وزارة الصحة في تدبير هذا الملف الحساس الذي بات يمسّ سلامة المواطنين بشكل مباشر.

فالمختل عقليًا مريض بالدرجة الأولى، وليس مجرمًا، ومكانه الطبيعي هو مراكز ومصحات متخصصة في العلاج النفسي والعقلي، لا الشوارع والأزقة.

غير أن المعطيات الميدانية تكشف عجزًا كبيرًا في البنيات الصحية الموجهة لهذا الغرض، سواء على مستوى الطاقة الاستيعابية أو الموارد البشرية المؤهلة، ما يجعل الكثير من المرضى في حالة تشرّد، عرضة للحر والبرد، وأحيانًا للعنف المجتمعي أو الاستغلال.

هذا الوضع لم يعد مجرد مسألة اجتماعية، بل تحوّل إلى إشكال أمني وصحي مزدوج، حيث أصبحت حالات الاعتداء الصادرة عن بعض المرضى العقليين واقعًا يوميًا في مدن وقرى عديدة، يخلّف شعورًا متناميًا بالخوف والقلق لدى المواطنين، ويطرح أسئلة حادة حول نجاعة السياسات العمومية في مجال الصحة النفسية والعقلية.

من زاوية حقوقية، فإن استمرار هذا الإهمال يشكل مساسًا واضحًا بحق هؤلاء المرضى في العلاج والحماية، كما يُعدّ تهديدًا لحق باقي المواطنين في الأمن الجسدي والنفسي.

وهو ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لإعادة النظر في البنية التحتية الخاصة بالمستشفيات النفسية، وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية الكفيلة بضمان رعاية تليق بالكرامة الإنسانية.

إن حادث إيموزار كندر ليس سوى جرس إنذار إضافي، يؤكد أن الصمت الرسمي لم يعد ممكنًا.

فالمطلوب اليوم هو بلورة إستراتيجية وطنية متكاملة للصحة النفسية، تُعطي لهذا الملف ما يستحقه من أولوية، وتوازن بين حماية المجتمع وضمان حق المرضى في العلاج والاندماج.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي