جريدة البديل السياسي- الأستاذ جمال الغازي
تتكرر بين الحين والآخر مشاهد الصراخ وتبادل الاتهامات، بل وأحيانا قلب الكراسي أو الطاولات خلال اجتماعات بعض المجالس الجماعية في الإقليم. وهي سلوكات تثير الاستغراب، لما تحمله من مظاهر التوتر والعنف داخل مؤسسات يُفترض أن تكون فضاء للحوار المسؤول واتخاذ القرار في إطار من الاحترام المتبادل.
هذه التصرفات، التي أضحت ظاهرة مألوفة في بعض المجالس، تعكس في جوهرها خللا في الثقافة السياسية والتكوين المؤسساتي لدى بعض المنتخبين. فبدل أن تُدار الخلافات بأسلوب حضاري يعتمد الحجة والإقناع، تتحول الجلسات أحيانًا إلى ساحات للمزايدات والاستعراضات التي تسيء إلى صورة المؤسسة الجماعية أمام الرأي العام.
ولعل ما يدفع بعض الأعضاء إلى هذه السلوكات هو الرغبة في لفت الأنظار أو الظهور بمظهر “المناضل الجريء” أو “صاحب الموقف الشجاع”، خاصة في زمن أصبحت فيه الكاميرات والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تنقل كل مشهد وتضخّمه. هكذا، يتحول الفعل الانفعالي إلى وسيلة دعائية أو تمهيد انتخابي مبكر، يُراد منه كسب التعاطف الشعبي أو بناء صورة “بطولية” أمام الناخبين.
غير أن هذه الظاهرة، مهما كانت دوافعها، تُنذر بتآكل قيم النقاش الديمقراطي، وتضعف ثقة المواطن في مؤسساته المحلية. لذلك، من الضروري اليوم تعزيز ثقافة الحوار والإنصات والتدريب على آليات التدبير الديمقراطي للخلاف، لأن قوة المنتخب لا تقاس بعلو صوته أو انفعاله، بل بقدرته على الإقناع والعمل الميداني الجاد.
إنّ ترسيخ الممارسة السياسية الرصينة والمسؤولة يبدأ من داخل المجالس الجماعية نفسها، باعتبارها المدرسة الأولى للديمقراطية المحلية، وحين ننجح في ضبط لغة الحوار داخلها، نكون قد وضعنا خطوة حقيقية نحو الارتقاء بالعمل السياسي إلى مستوى تطلعات المواطنين.
وتبقى وجهة نظر


تعليقات
0