ضيف البديل

الصحة والسلطة والمال وسوء المآل…… بقلم الأستاذ فارس الرواح

بقلم الاستاذ فارس الرواح- جريدة البديل السياسي :

الصحة والسلطة والمال وسوء المآل……

قبيل أذان المغرب من مساء يوم الجمعة الماضي ذهبت في جولة لبعض أحياء مدينة زايو رفقة أبنائي ، على بعد مسافة من إحدى مداخل المدينة نبهني إبني ياسر إلى رجل يمشي بصعوبة بالغة مستعينا بعكاز اجتمع من حوله بعض الصبية يرجمونه بالحجارة ، ما إن اقتربت إليه حتى عرفته فانطلقت إلى حال سبيلي .

فصورته لا يمكن أن تغيب عن ذاكرتي ، فالرجل قبل سنوات كان من أخطر المجرمين بالمدينة كان يعترض سبيل الناس ويسلب ممتلكاتهم بوسطة السلاح ، كان السيف لا يفارقه وكانت له جرائم أخرى كالاغتصاب وغيرها ..

قبل حوالي ثلاثة عقود من الزمن وأنا طفل صغير وفي إحدى الأزقة المجاورة لمسجد البام وجدته وقد وضع سيفا على عنق أحد الباعة المتجولين ويهم بسرقته فبدأت بالصراخ ، حيث اجتمع بعض الناس كانوا جالسين في مقهى شوراق المجاورة ففر هاربا.

بعد حصولي على الإجازة كنت أذهب بين الفينة والأخرى لحضور بعض الجلسات بمحاكم الناظور ، ذات مرة أوتي به في إحدى جلسات المناقشة بمحكمة الإستئناف وكانت من بين التهم الموجهة إليه هتك عرض قاصر .

اليوم أصبح الرجل لا يقوى على المشي ترجمه الصبية في الشوارع ذهبت صحته التي كان يعتدي بها على الناس وعلى الضعفاء . حال هذا الرجل هو حال كل من يستقوي بصحته أو بماله أو بمنصبه ، فالله قادر على أن يذهب بكل هذه الأشياء في لحظة واحدة ، أتذكر قبل أيام أن شابا كان بصدد طلب شهادة إدارية رفض أحد المسؤولين تسليمه له ، استنجد بقائد سابق أرشده إلى أحد الموظفين ، هذا الأخير قال لهذا الشاب ” مكنعرفوش ” لأن القائد الذي كان يصول ويجول ويأمر وينهي في إحدى القرى قبل سنوات قليلة لم يعد اليوم كذلك ، ولم تعد له أي سلطة كيف لا وهو متابع الآن في حالة سراح في إحدى ملفات مافيا العقار بإقليم الناظور.

. بين الفينة والأخرى أرى بعض المتقاعدين يجلسون لوحدهم لا يشاركهم أحد قهوتهم ، لا يتحدث إليهم أحد الكل ينفر منهم ، السؤال لماذا ؟

الجواب لأنهم كانوا في وظيفتهم أشرارا وكانوا في مسؤوليتهم فجارا ، لا تعنيهم حقوق الناس بشيئ ، ولا حقوق أقرب الناس إليهم ، فكرههم الجميع وكرهوا أفعالهم . حارس أمن بإحدى المحاكم اشتكى لي قبل أيام أن لا أحد لم يعد يتصل به عكس ما كان يحصل معه قبل شهور عديدة حينما كان حارسا بالنهار ، اليوم تم تحويله للحراسة الليلية فلم يعد أحد بحاجة إليه من السادة المحامون الذين كانوا يسألونه عن مآل بعض الملفات وتاريخ الجلسات … .

ومن المفوظين القضائيين والسادة العدول وغيرهم .. ومن المرتفقين عموما لا أحد أصبح يتصل به أو يسأل عنه ، هنا فقط ستعلم أن علاقتك بالناس تحكمها المصالح تنتهي بانتهاء تلك المصالح . هذا الدرس يجب أن نطّلع عليه جميعا ، ونستوعبه بعمق .

فعلى كل ذي صحة ألا يعتدي على الناس وعلى كل ذي سلطة ومال ، أن يحسب حسابه جيدا ، ويتهيّأ للحساب الأشد والأكبر في الدنيا وفي الآخرة ، في الدنيا حينما تغادر سلطته إلى غيره وينتهي به الأمر وحيدا في المقهى ، وفي الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون .

 

 

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار