جريدة البديل السياسي -بقلم حليمة صومعي.
في مشهد مؤسف يعكس حجم التحديات التي يواجهها الصحفيون في الميدان، تعرض زميلنا المراسل الصحفي بجريدة ملفات تادلة، لاعتداء صارخ أثناء تغطيته للوقفة الاحتجاجية التي نظمتها ساكنة أدوز.
فقد تم نزع هاتفه بالقوة، في سلوك لا يمكن تفسيره إلا بكونه محاولة مباشرة للتضييق على حرية الصحافة ومنع وصول المعلومة إلى الرأي العام. هذه الواقعة لا تمس شخص الزميل وحده، بل تمس الجسم الصحفي برمته، وتشكل إهانة لكل مراسل ومراسلة يخرجون يومياً إلى الميدان من أجل نقل الأحداث والوقائع بكل مهنية وتجرد.
إن ما حدث يكشف عن واقع خطير مفاده أن أي صحفي، مهما كانت الجهة التي يشتغل معها، معرض للانتهاك والتضييق، وهو ما يطرح سؤالاً ملحاً حول جدية الشعارات الرسمية التي تتحدث عن حرية التعبير وحماية الصحفيين.
لقد أكد زملاء في الميدان أن الواقعة لم تكن عرضية، بل كانت استهدافاً مقصوداً للعمل الصحفي، وهو ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر ونرفع الصوت عالياً: كفى من التضييق، كفى من استهداف الصحفيين أثناء أداء رسالتهم المهنية. فالمجتمع يحتاج إلى إعلام حر ونزيه، ولا يمكن أن نتصور ديمقراطية حقيقية في غياب صحافة قوية محمية بالقانون والدستور.
إننا اليوم لا نطالب بالكثير، بل بأبسط الحقوق: أن يُترك الصحفي يقوم بعمله دون مضايقات أو تهديدات. فالصحافة ليست جريمة، بل هي حق دستوري مكفول، وأي مساس بها هو مساس بكرامة المجتمع ككل، ومحاولة لتكميم الأفواه ودفن الحقيقة. التضامن مع زميلنا بجريدة ملفات تادلة ليس مجرد موقف عاطفي، بل هو واجب مهني وأخلاقي ورسالة واضحة إلى كل الجهات المعنية: إن الصحفيين لن يقبلوا بأن يُعاملوا كمتهمين لمجرد أنهم يحملون هواتفهم أو آلات تصويرهم لتوثيق الأحداث.
إن الدفاع عن الصحافة هو دفاع عن الحق في المعلومة، وهو دفاع عن الديمقراطية التي لا تستقيم إلا بوجود صحافة حرة وقوية.
ما وقع اليوم في أدوز قد يتكرر غداً في أي مكان آخر، مع أي مراسل آخر.
لذلك فإن هذه القضية ليست قضية فردية، بل هي قضية جماعية تستدعي موقفاً واضحاً من النقابات المهنية، والهيئات الحقوقية، وكل القوى الديمقراطية الحية، للوقوف في وجه كل من يسعى إلى تحويل الصحافة إلى مهنة محفوفة بالمخاطر والتهديدات.
إننا نرفع صوتنا عالياً: لا لتكميم الأفواه، لا لإقبار المعلومة، نعم لصحافة حرة، قوية، ومحمية بالقانون.
تعليقات
0