الزواج بالمغرب.. حلم وردي أم سجن باسم الأعراف؟
جريدة البديل السياسي :
“الزواج ستر للمرأة”.. عبارة كثيرا ما تتردد في أوساط مجتمعات عربية وداخل المجتمع المغربي أيضا، حيث ما تزال بعض الأوساط تعتبر أن المرأة تبقى ناقصة إلى أن يُكَمِّلها زوج، مهما بلغ مستواها التعليمي وإنجازها المهني.
فهل ما يزال الزواج ذلك الحلم الوردي أم تحول إلى ما يشبه السجن الاجتماعي قد تدخله المرأة تحت ضغط المجتمع، ولتفادي وصفها بـ”العانس”، وقد تستمر فيه مجبرة خوفا من لقب “المطلقة”؟
ولماذا يعتبر البعض أن الأسرة يجب أن تكون خاضعة للرجل بدل أن تكون فضاء لعيش حياة زوجية يحترم فيها الطرفان حرية وكيان بعضهما؟
ما هو الزواج؟
الأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي، مصطفى الشكدالي، يبدأ تفصيل حقيقة مؤسسة الزواج بالمغرب اليوم، عبر العودة إلى تعريف الزواج في حد ذاته.
فبحسب الشكدالي فإن “الزواج هو ممارسة الجنس بطريقة شرعية ومقبولة من طرف المجتمع”.
وانطلاقا من ذلك يرى الباحث ذاته أن “الجنس طبيعي والزواج اجتماعي، أي أن المجتمع هو الذي خلق الزواج ليقنن عملية ممارسة الجنس”.
وإذا كان الزواج، حسب الشكدالي، مرتبطا بالجنس، فهو يرى أن هذا الدافع الذي كان أساسيا في الزواج، لم يعد حاضرا بقوة الآن، بعدما “أصبح هناك نوع من التطبيع مع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج”.
أما بخصوص المفاهيم والتصورات التي يربطها البعض بالزواج، خصوصا علاقة بالمرأة، فإن الباحث في علم النفس الاجتماعي يرى أن “الفهم الاختزالي التقليدي للزواج كان سائدا حين كان المجتمع تقليديا ويتعامل بقيم الطاعة والعذرية…”، على حد تعبيره.
مشكلتان اجتماعيتان في المغرب.العنوسة و الطلاق.عزوف جماعي عن الزواج و اقبال كبير على الطلاق.
وحسب الباحث المغربي فإن المجتمع قد عرف عدة تحولات طالت حتى المرأة، إذ أن “نموذج الحياة لدى الفرد، سواء امرأة أو رجلا، قد تغير لأن أهداف الحياة تغيرت”.
إلى جانب ما سبق، يشير المتحدث إلى عوامل أخرى أسهمت في تغير بعض التصورات من قبيل كون المرأة “صارت مستقلة نسبيا كما أصبح لها دور آخر داخل المجتمع”.
ومع ذلك لا ينفي الشكدالي أن بعض التصورات التقليدية ما تزال حاضرة، وتسهم، إلى جانب عوامل وظروف أخرى، في النظر إلى الزواج “كسجن وقيد”، وبالتالي كـ”شر لا بد منه” بالنسبة للبعض، حسبه، خصوصا في ظل “النظرة الاحتقارية للمجتمع تجاه ‘العانس’ أو العازب”، وفق قوله.
بيت الطاعة!
من المفاهيم المثيرة للجدل، علاقة بموضوع الزواج، مفهوم “الطاعة”، الذي يبرر به البعض خضوع المرأة التام لزوجها في جميع الحالات، ولو كان في ذلك ضررا لها ومحوا لشخصيتها. فمن أين أتى هذا التمثل؟ وهل هناك علاقة للدين به؟
يوضح رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور، ميمون بريسول، أن “قوام الأسرة رجل وامرأة”، مردفا أن “الإسلام جعل علاقة الزوجية بين المرأة والرجل أكرم العلاقات الإنسانية وأسماها”.
بيد أن بريسول يعود ليقر، ضمن تصريحه لـ” الجريدة “، أن “الإسلام جعل الرجل قواما على الأسرة”، غير أنه يستدرك موضحا أن “القوامة هنا لا تعني الاستعباد والتسخير والتركيع”.
”القوامة لا تعني أن الرجل يستعبد المرأة فتطيعه في كل شيء، ويسخرها تسخير العبودية، أو يحاول أن يركعها ويجعلها دائما خاضعة لشهواته ونزواته”، يقول بريسول، مضيفا أنه لكي “تستقيم الأمور وتسير السفينة الى شاطئ الأمان، لا بد من الطاعة”، التي تعني، حسبه، “التشاور والتفاهم التحاور”.
وإن كان البعض يربط مفهوم “الطاعة” بالمرأة حصرا، فإن رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور يؤكد أن الطاعة يجب أن تكون من الجانبين، “فكما أن الزوجة تطيع الزوج، كذلك الزوج عليه أن يطيع زوجته في ما تراه صالحا حتى يتجنبا معا الوقوع في المزالق والانحرافات”، حسبه.
وفق بريسول فإن فهم معنى الطاعة “على أنها التسخير أو الخضوع أو الاستعباد”، هو “فهم سقيم”، مجددا التأكيد على أن “الطاعة قاسم مشترك بين الزوجين وليس على طرف دون آخر”.
بين الحرية والخضوع
من جانبها، ترى عضوة “الحركة البديلة للحريات الفردية”، سارة عوني، في عدد من السلوكات التي قد يُدخلها البعض في خانة العادات، تكريسا لوضعية “المرأة الخاضعة” في إطار مؤسسة الزواج.
“حين تُوقع المرأة على استلام الصداق فهي تكون بذلك خاضعة”، تقول عوني في تصريحها لـ”أصوات مغاربية”، مشددة على أن المهر هو “إهانة للمرأة”، لأن “الرجل يُعتبر وكأنه اشتراها” بذلك المبلغ الذي يقدمه كصداق.
من جهة أخرى، تشير إلى التعامل المختلف مع المرأة والرجل حين يتعلق بعلاقاتهما قبل الزواج، إذ تستغرب “مسألة فرض العذرية كشرط للزواج”، بالنسبة للمرأة، بينما “الرجل يفتخر بتجاربه ومغامراته الغرامية والجنسية”.
عضوة الحركة المعروفة بحركة “مالي”، والتي أصدرت، قبل أيام قليلة، بلاغا يطالب بتجريم الاغتصاب الزوجي، تطرقت أيضا إلى هذه الجزئية موضحة أن “هناك من يرى أنه إذا طلب الزوج زوجته إلى الفراش فيجب عليها أن تلبي نزواته وطلباته متى شاء”، الأمر الذي يدل، حسبها، على “أننا في مجتمع ذكوري أبوي”، على حد تعبيرها.
ورغم أنها لا تقلل من دور القانون في وضع حد لبعض المعتقدات والممارسات من قبيل “الاغتصاب الزوجي”، فإن عوني ترى أن ذلك يجب أن يواكبه العمل على مستويات مختلفة بإسهام جهات عديدة، كالمدرسة ووسائل الإعلام، مشددة، في هذا السياق، على دور التربية التي تلقن للناشئة في تغيير ثقافة المجتمع.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار