جريدة البديل السياسي |البديل الوطني

الرباط : في قلب العاصمة الإدارية زنقة آيت ملول، حي السويسي، الرباط : “أرما للنظافة”… نظافة بالرشوة أم بالأولوية؟!

536536585_778788777849670_6641153905646054831_n

جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار.

في مدينة يُفترض أن تكون عنوان النظام والحداثة، وتحديدًا في حي السويسي بالرباط، تنكشف وقائع صادمة تهزّ ثقة المواطن في الخدمات الأساسية. الحديث هنا عن أزمة ليست بيئية فقط، بل أخلاقية وإدارية في آن واحد. شركة “أرما”، المفوّضة من المجلس الجماعي لتدبير قطاع النظافة، تُتّهم اليوم من طرف عدد من سكان زنقة آيت ملول وبعض حراس المساكن بممارسة سياسة “التمييز في الخدمة”، بل وبقبول “إكراميات” مشبوهة مقابل جمع نفايات الحدائق الخاصة، بينما يُهمل من يرفض هذا السلوك، وتُترك مخلفاته تسرح وتمرح في الزقاق لأيام، بل أسابيع. الساكنة تتحدث بمرارة، عن مخلفات حدائق متراكمة منذ أكثر من 16 يومًا في بعض المقاطع، دون أن تُحرّك الشركة ساكنًا.

أوراق، أغصان، عشوائية تملأ المكان، في قلب العاصمة، لا في أطرافها المنسية. المفارقة؟ أن منازل أخرى في نفس الشارع تُكنس مخلفاتها بانتظام… وفق ما يقول السكان، لأن أصحابها “عرفوا الطريق” إلى جيوب بعض العمال.

تصريحات الحراس تقطع الشك بالريبة، لكنها تفتح الباب لتساؤل خطير: هل أصبحت النظافة خدمة انتقائية؟ وهل تحوّل عمال النظافة إلى وسطاء “من تحت الطاولة” في حي يُفترض أن يكون واجهة للرباط الحضارية؟ الواقع الذي يُرصد هنا ليس مجرد تقصير، بل سلوك ممنهج يُفهم على أنه شكل من أشكال الابتزاز الصامت.

المواطن يؤدي ضرائبه، ويفترض أن يحصل على حقه في خدمات نظافة عمومية، دون أن يُضطر لدفع مقابل ثانٍ، رمزيًا أو نقديًا. لكن ما يحدث – كما يقول السكان – هو انقلاب على المنطق، وانحدار في العلاقة بين المرفق العمومي والمواطن. والسؤال الأخطر: أين المجلس الجماعي؟ وأين أعين الرقابة؟

هل يُعقل أن تمر مثل هذه الممارسات تحت أنظار المسؤولين دون أن يُفتح تحقيق؟ هل وصلت بنا الجرأة إلى أن نُمارس “خدمة مقابل رشوة” في وضح النهار، دون أن يرتجف ضمير أو تهتز جهة وصية؟ إن ما يجري – سواء أُثبت بشكل رسمي أو بقي في خانة الشهادات – يعكس صورة قاتمة عن التسيير المفوض، حيث تتحوّل الشركات إلى جزر مستقلة، لا تخضع إلا لمنطق الربح والمحاباة.

والمجلس الذي فوّض، أصبح كمن فوّت، وغاب، وسكت. نحن لا نتحدث عن فضيحة هامشية في حي ناءٍ، بل عن نموذج للفشل يتكرّر في أرقى أحياء الرباط. فإذا كانت السويسي تعاني من هذا النوع من “التمييز”، فما الذي يحدث في التشارك، في يعقوب المنصور، في التقدم، أو في أحياء سلا وتمارة؟

كم من المواطنين يُضطرون اليوم للدفع مقابل حقهم؟ وكم من المسؤولين يعلمون… ويسكتون؟ هذا المقال ليس ترفًا صحفيًا، بل صرخة حقيقية ضد الاستهتار والتمييز.

وليس المقصود به تصفية حسابات مع شركة بعينها، بل المطالبة بمبدأ واضح: النظافة حق… لا امتياز.

وإذا كان بعض العمال يُمارسون سلوكًا غير مهني، فإن ذلك لا يُدين الأفراد فقط، بل يُدين المنظومة التي تتركهم دون تأطير أو رقابة أو مساءلة. وإذا كانت هناك شهادات تلمّح إلى وجود الرشوة، فالمطلوب اليوم ليس إنكارها… بل التحقيق فيها.

لقد بلغ السيل الزبى. والرباط، عاصمة المملكة، لا تستحق أن تُختزل في حي تُنظف أزقّته بالمال لا بالقانون. والنظافة، كما الكرامة، لا تُباع ولا تُشترى.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي