كتاب وآراء

الدروس الحسنية ضمان للأمن الروحي وتوحيد للأمة الإسلامية

البشير الحداد الكبير،باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة

 

تعتبر الدروس الحسنية إمتداد للإرث الذي دشنه السلاطين العلويون الكرام، حيث كانوا ينظمونها في شهر رجب وشعبان ورمضان، وتم التوقف على العمل بها في عهد الحماية، لكن بعد حصول المغرب على استقلاله، تمت العودة إليها في عهد أمير المؤمنين جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وبالضبط سنة 1963.

إن تنظيم الدروس الحسنية بحضرة جلالة الملك والمستشارين ورئيس الحكومة والوزراء ورئيسي مجلسي البرلمان وكبار قادة الجيش وباقي الشخصيات العلمية والثقافية وأعضاء السلك الديبلوماسي وعدد من علماء الأمة الإسلامية بإختلاف مذاهبهم وحضور كذلك عدد من الشخصيات العالمية بإختلاف تياراتهم الفكرية والسياسية هي إشارة واضحة على عبقرية ملوك الدولة المغربية العلوية الشريفة،فالدروس الحسنية توحد الأمة العربية والإسلامية.

إن الدروس الحسنية بمثابة مجلس وزاري ذو صبغة دينية، لأنه إذا عدنا للفصل 48 من دستور 2011 نجد أن المجلس الوزاري يرأسه جلالة الملك ويحضره المستشارين ورئيس الحكومة والوزراء، لكن الدروس الحسنية بمثابة مجلس وزاري مفتوح يحضره العديد من الشخصيات من داخل الوطن وخارجه.

في بداية الدروس الحسنية يتم افتتاحها بتلاوة آيات قرآنية كريمة وهذا تأكيد على عناية ملوك المغرب الكرام بالقرآن العظيم وتأكيد على سموه، بإعتبار أن جلالة الملك هو أمير المؤمنين بنص الدستور سواء الفصل 19 من الدساتير المتعاقبة في المغرب أو الفصل 41 بموجب الدستور الجديد الذي ينص أن جلالة الملك هو أمير المؤمنين وحامي حما الملة والدين،ويتم ختم الدرس بالدعاء من طرف جلالة الملك والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قدس الله روحه يفتح النقاش حول مضامين الدرس الحسني الذي ألقاه العالم ويضيف إضافات عليه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن السلاطين العلويين الكرام متشبتون بكتاب الله جل جلاله وسنة نبيه سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال علمهم وفقههم وضبطهم لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

إن الدروس الحسنية في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني وكذا في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يتم بثها مباشرة على القنوات الرسمية وغالبا ما يتم إلقاء الدرس الإفتتاحي من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية،وهذه الدروس تتم ترجمتها للعديد من اللغات وهذا يدل على العناية المولوية الملكية السامية بالدين الإسلامي والحث على نشره في مختلف أنحاء العالم، ثم بعد الدرس الإفتتاحي، يتم إلقاء الدروس بعدها من طرف علماء مغاربة وعلماء من مختلف بقاع العالم(الشرق الأوسط، إفريقيا، أوروبا،أمريكا… إلخ) ، وبالتالي فهذه الدروس لها إشعاع دولي وإقليمي وتدل على الريادة المغربية في المجال الديني.

إن الدروس الحسنية استطاع بها المغرب تحت القيادة الرشيدة للمؤسسة الملكية أن يعطي نموذجا صحيحا عن الدين الإسلامي السمح ويبرهن للعالم بأن الإسلام هو دين وسطية وإعتدال مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمان الرحيم :”وكذلك جعلناكم أمة وسطا” صدق الله مولانا العظيم،كما استطاع المغرب من خلال الدروس الحسنية أن يواجه التطرف والإرهاب، ولعل المقاربة الدينية التي هي جزء لا يتجزأ من المقاربة المغربية في مواجهة الإرهاب والتطرف قد أعطت أكلها وثمارها.

إن عناية الملوك العلويون الكرام بالدين الإسلامي تظهر من خلال ما يلي:

+إحداث دار الحديث الحسنية؛

+إحداث المجلس العلمي الأعلى وحيث أن جلالة الملك هو رئيس هذا المجلس بموجب الفصل 41 من دستور 2011؛

+إحداث المجالس العلمية المحلية ؛

+إطلاق قناة محمد السادس للقرآن الكريم؛

+ في العهد الجديد تمت إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ؛

+إطلاق منصة محمد السادس للحديث الشريف؛

+إحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات؛

+إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الديبلوماسية المغربية الدينية بإفريقيا ؛

+ إحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، حيث تمت طباعة ونشر المصحف المحمدي في كافة المساجد المغربية.

واللائحة طويلة بالمنجزات التي تحسب للملوك العلويين الكرام، ولاحظنا أنه في العهد الجديد قام جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره بإعطاء الحق للمرأة بإلقاء الدروس الحسنية،وهذه إشارة على الدور المحوري للمرأة في الإسلام وكذا على العناية المولوية السامية بالمرأة المغربية،حيث منذ إعتلاء جلالة الملك حفظه الله ورعاه عرش أسلافه المنعمين وهو يولي عناية خاصة بالمرأة من خلال إطلاق مجموعة من الأوراش الكبرى كمدونة الأسرة على سبيل المثال لا الحصر.

مع بداية جائحة كورونا توقفت الدروس الحسنية وبالتالي المغاربة والوطن العربي والإسلامي افتقدوا هذه الدروس العلمية التي تنشر العلم وتفقه وتضمن الأمن الروحي، إذ ما يميز المغرب أن جلالة الملك هو أمير المؤمنين وبالتالي فهو الساهر على الأمن الروحي للمغاربة، وهناك مجهودات يقوم بها جلالته للحفاظ على التقاليد الدينية الإسلامية، إذ يرتبط شهر رمضان في ذهن المغاربة بالدروس الحسنية.

وكما قلنا بأن الملوك العلويين الكرام يرسخون سمو كتاب الله جل جلاله وهذا ما يتجلى لنا من خلال استمرار قراءة الورد اليومي بعد صلاتي المغرب والصبح بالمساجد تماشيا مع الحديث النبوي الشريف لسيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :”ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”. وفي الأخير نقول :”الحمد لله الذي حفظ دينه بأمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين سليل الأسرة النبوية الشريفة “

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار