التآمر الثلاثي على الثورة السورية

جريدة البديل السياسي
كان يوم 8 دجنبر يوم النصر العظيم للشعب السوري في الإطاحة بأعتى ديكتاتورية عرفها العصر، فاقت النازية والفاشية والصهيونية. وفي يوم 8 مارس من عام 2025م، كنا على موعد مع معركة جديدة، مع تآمر ثلاثي من أكراد ودروز وعلويي الجبال من بقايا فلول (الفأر) الفار إلى القوزاق الروس، مع طائفة من دروز منطقة السويداء (فرقة متشعبة من الشيعة قامت بتأليه الحاكم بأمر الله الفاطمي يوما)، ومعهم «قسد» من أكراد منطقتي (القامشلي) في الزاوية الشمالية الشرقية من سوريا، حيث حرموا التدريس باللغة العربية، والتهموا خيرات المنطقة من حب الحصيد، وشربوا حتى الثمالة قدحا دهاقا من بترول المنطقة، بالتعاون مع البنتاغون، الخبراء في رائحة خمر البترول.. ولأن عندي نخبة من المهتمين بالثقافة، فقد راع البعض موقفي من العنصريين الشوفينيين الأكراد «قسد»، الذين هم (البعث) الكردي نظير الأسد الفار إلى القوزاق الروس مع مليارات منهوبة من الشعب السوري، فقد راسلني أخ فاضل استغرب موقفي من «قسد»، بعد محاولة تقويض الثورة بقتل الكثير في الساحل السوري على يد بقايا النظام الأسدي الدموي. قال لي الأخ بهجتي حسيني من ألمانيا: دكتور أنا لن أخوض في تفاصيل مشاكل «قسد» في إدارة المنطقة الشرقية، لأن الذي ينكر ذلك سيكون أعمى، ولكن الادعاء بأنهم متعاونون مع المحاولة الانقلابية على الشرع ينبغي أن لا تروجوا له على أساس فيديوهات «تيكتوك» وغيرها، وشخصيات تبحث عن اللايكات وكسب الجماهير والنقود. اليوم اتهام «قسد» ينبغي أن يكون ببيان رسمي من الحكومة السورية وبأدلة قاطعة، وإلا… فاجتنبوا الظن لأن بعض الظن إثم. وكان جوابي عليه في ثلاثين نفحة مما أفاض الله علي في فهم ما يجري بسوريا.
ما أكتب لك ليس من أجلك، بل إخوة المجموعة من كرد وعرب وعجم، توضيحا لما يحدث ومحاولة إنصاف لكل الفرقاء المتنازعين.
كما ترى في المنعطفات الخطيرة تظهر الأضغان. أنا أعرف أكراد القامشلي كانوا يكررون: أنتم استعمرتمونا باسم الإسلام. سميون، ملحدون، هم الآن عملاء للبنتاغون، متعاونون مع بني صهيون سرا وعلانية. والأهم حسبما وصلني من أخي في القامشلي، أنهم بدؤوا تحريم التدريس باللغة العربية. أعرف أن ثمة فصيلا منهم عملاء وسميون ومجرمون وليس كل الأكراد. حاليا ظهر تآمر «قسد» مع بقايا الأسديين من العلويين، بالإضافة إلى طائفة من الدروز. هي الحرب كما تراها دفعنا ثمنها ما تعرف. رسول الرحمة تحمل العذاب حتى بنى المجتمع والدولة، ثم حمل السيف. وتجربة الشرع هي في طرف منها تشبه ما فعل رسول الرحمة بالهجرة وبناء الدولة والمجتمع، ثم الحروب الاستباقية لترسيخ السلم في الجزيرة العربية. كما تعرف فقد كانت 23 غزوة وأكثر من 83 سرية، حتى استتب السلم في أرض الأعراب.
بعدها حروب الردة التي استنزفت معظم الشباب الفهيم لروح الرسالة، أمام قوافل من الكذابين ممن حمل السيف وأعلن العصيان المسلح. فكانت حروب الردة ليست لأنهم كفروا، بل بسبب الإفساد والعصيان المسلح. ثم بدأت الفتوحات لتحرير الأمم، وهي من طبيعة العصر الذي عاشوا فيه، حيث لا قانون دولي إلا القوة. وكما ترى، الجنس البشري الخائب يحتاج إلى القوة مع الفكرة، وهي حال الدول حاليا إلى حين ولادة الدولة العالمية خلال القرون القادمة، إن بقي البشر في ظل التهديد النووي..
الشرع اقتفى إلى حد ما خطوات رسول الرحمة في الهجرة وبناء الدولة، ثم الزحف للتحرير، ويبقى الشرع اسما في التاريخ محررا للشعب السوري، مهما تكن نتيجته، مثل كرومويل الذي نبشت عظامه وألقيت في المزبلة.. ولكنه جاء بالماجنا كارتا والبرلمان الإنجليزي، وبذا انتهى عصر الحكم المطلق بعد قطع رأس الملك تشارلز، ليلحقه بعده قطع رأس الملك لويس السادس عشر في باريس، مع زوجته الماجنة ماري أنطوانيت.
الكثير يظن أن السلم هو سذاجة أمام التوحش، وهذه كانت مناقشاتي مع مروان حديد، أبو العنف في سوريا. لأنني مشهور أنني مفكر إنساني أدعو إلى العلم والسلم. وهكذا تورطت الثورة السورية في العنف، والسؤال لو بقيت سلمية هل كان الأسد ليتفرج؟ مسألة محيرة فعلا.. ثم أي شعب يصبر على القتل اليومي الذي تجاوز الحاجز المليوني، كما توقعت مع عام 2011م؟ يبدو أنه لم يكن بد من الانجرار إلى التسلح.
ولكن مع التسلح ورطة ثلاثية= النوعية (أسلحة مضادة للطيران، الذي يلقي البراميل مثلا، فكانت محظورة عليهم) + المال + القوة، التي تمد وتفرض أجندتها.. فأين المخرج يا ربي؟ كما ترى هو نفس المأزق الكردي منذ قرن، حين افترق السعيدان الكرديان، من رفع السلاح وقاتل أتاتورك والنورسي، الذي فضل الصبر والدعوة فقضى معظم حياته خلف القضبان.
كما ترى، الثورة السورية انجرفت إلى التسلح أمام التوحش العلوي، وهو ما سئل غاندي عنه في وجه بريطانيا.. ماذا لو كان في وجه هتلر أو ستالين؟ هذا ما فعله الشرع ومن رأى القتال بدءا من الطليعة المقاتلة في سوريا مع مروان حديد الحموي رحمه الله، الذي أعرفه شخصيا واجتمعت به وتناقشنا طويلا، حتى كانت تلك الليلة التي اجتمعت بالرجل في منطقة شيخ الدين عربي في دمشق، ورجعت إلى زوجتي وقلت لها مروان ينوي شيئا، وهو ما حدث بالصدام المسلح؛ حيث كانت عقيدته تقول هؤلاء لا علاج لهم إلا بالكي (القوة). بعدها نعرف قصة حماة عام 1982م التي قتل فيها 40 ألفا ومسحت المدينة في معظمها، وسيق إلى الاعتقالات عشرات الآلاف ليموتوا أشنع ميتة في سجن تدمر. وهكذا كما ترى العنف حلقة مغلقة تزداد هولا واتساعا، وهي ليست في سوريا، بل تاريخ الإنسان الخائب.
حاليا نحن على فوهة بركان في العالم مع وجود الأسلحة الشاملة أحدها النووي (أضف إليه الكيماوي والبيولوجي). سوريا دخلت المحرقة ورأينا ماذا حدث وكم كلفت (كان شعار العلويين = الأسد أو نحرق البلد)، فلم يصدقوا إلا في هذه الكلمة.. حاليا مع الرماد ما زال هناك من يرون أن القوة سيدة الحلول، مثل «قسد» المحتمية في ظل البنتاغون وبني صهيون، وسيجر هذا التحالف عليهم الخراب.
حاليا نجحت الثورة ليس بالسلاح، بل هي أقرب إلى قصة دابة الأرض وجسد سليمان الميت. تذكر الآية (فما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)ـ سورة «سبأ».
كنت أكرر أن النظام السوري جثة في البراد تنتظر الدفن، بحراسة ضابط روسي من القوزاق (مرتزقة القيصر مثل فاغنر)، وممرضة فارسية= إيران، وحارس امريكي يعشق خمرة البترول + ذئب تركي يرصد من بعيد الفريسة. وهو ما حصل يوم 8 دجنبر 2024م. حاليا حدث أن القوى القديمة المستفيدة = (المستكبرون) من «قسد» وعلويي الجبال من الأسديين لم ينتبهوا إلى التحول التاريخي، كما يحصل مع انتفاضة جثة أو آخر إطفاء شمعة، فحصل ما حصل من خيبة مدوية أمام قوى جديدة ووعي جديد (كما حصل مع انقلاب يوليوز في تركيا عام 2015م).
ومنه فعلى «قسد» أن تفك نفسها وتلقي سلاحها، كما انتبه إلى ذلك أوجلان، الذي كان لعبة بيد الأسد حتى سلمه إلى الترك، بعدما أبصر أنياب الذئب التركي.. فدعا إلى رمي السلاح، فهذا هو اتجاه التاريخ.
المهم كل ما شرحته لك يمكنك مراجعته في العديد من كتبي ومئات المقالات. وعلينا بناء الإنسان الجديد.
نافذة:
الشرع اقتفى إلى حد ما خطوات رسول الرحمة في الهجرة وبناء الدولة ثم الزحف للتحرير ويبقى الشرع اسما في التاريخ محررا للشعب السوري مهما تكن نتيجته مثل كرومويل الذي نبشت عظامه وألقيت في المزبلة
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار