جريدة البديل السياسي
البصارة، الطبق المغربي البسيط لكنه ذو تاريخ عريق، يحظى بشعبية منذ قرون بفضل دفئه وبساطته. يتكون من الفول، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، ولا يزال يُعتبر من الأطباق الأساسية المحبوبة في جميع أنحاء البلاد، سواء في المطابخ العائلية أو لدى الباعة المتجولين.
تُعد “البصارة” واحدة من الأطباق الرمزية في المطبخ المغربي، خاصة خلال فصل الشتاء. وعلى الرغم من أنها ليست معقدة مثل بعض الأطباق المغربية الكلاسيكية الأخرى مثل الرفيسة، البسطيلة، الطاجين المقلي، أو حتى الكسكس، إلا أن البصارة تتميز ببساطتها ودفئها، مما يمنحك شعورًا بالعناق الدافئ في الأيام الباردة.
في مراكش، وكذلك في المدن الشمالية مثل تطوان، طنجة وشفشاون، تُعتبر البصارة وجبة الإفطار المفضلة للأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا للذهاب إلى العمل. وعاء من هذه الشوربة المصنوعة من الفول، يُرش بزيت الزيتون، الكمون، البابريكا، ولمسة من الهريسة لأولئك الذين يفضلون الأطباق الحارة، يملأك بالدفء، النكهة والطاقة.
جذور في كتاب طبخ من القرن الثالث عشر
تُعتبر البصارة الطبق الشتوي المفضل لدى المغاربة منذ قرون. أقدم وصفة معروفة تعود إلى القرن الثالث عشر، حيث تظهر هذه النسخة القديمة في ما يُعتبر أقدم كتاب طبخ لا يزال موجودًا في المغرب وشبه الجزيرة الإيبيرية: “كتاب الطبخ في المغرب والأندلس في عصر الموحدين”، الذي كتبه مؤلف مجهول.

لا تزال البصارة تعتمد على نفس المكونات الرئيسية، الفول المجفف، الثوم، الكمون وزيت الزيتون. كانت بالفعل طبقًا محبوبًا في القرن الثالث عشر، حيث تظهر في الفصل الثامن من المخطوطة تحت قسم “الفاصوليا، الحمص وما شابهها”.
في الوصفة الوسطى، يشير المؤلف إليها كنوع من “البايصار”، مما يدل على أن الطبق كان معروفًا جيدًا حتى في ذلك الوقت وكان له عدة نسخ. :
“خذ الفول ، نظفه واغسله عدة مرات بالماء الساخن. بعد غسله جيدًا، افركه بالزيت وضعه في قدر مدهون بالزيت. أضف الماء الطازج حتى يتم تغطية الفول، وكذلك بصلة مقطعة، رأس ثوم كامل، كمون، كزبرة وشمر”.

يُطهى الخليط ويُحرّك بمغرفة حتى يتكثف مثل العجينة. بعد إزالة الثوم والبصل، يُتبل بالملح، يُسكب في طبق، ويُزين بالكمون والزيت. “من يرغب يمكنه تناوله مع الفجل والبصل، أو مع الزيتون”، هكذا تختتم الوصفة من القرن الثالث عشر.
وصفة خالدة عبر العصور
الفرق الوحيد الملحوظ بين هذه النسخة ونسخة اليوم هو استخدام الشمر. في تكييفه الحديث، المشابه لما يطبخه المغاربة في الوقت الحاضر، يوضح الشيف المغربي الشهير موحى أن الفول المجفف يجب أن “يوضع في قدر مع الماء على نار هادئة حتى يظهر زبد أبيض”، الذي يُزال بعد ذلك من السطح. يُضاف الثوم، زيت الزيتون، الملح والكمون، ويُطهى الخليط ببطء حتى يلين الفول. ثم يُهرس حتى يتم الحصول على قوام ناعم وكريمي ويُقدم مع رشة من زيت الزيتون وكمية قليلة من الكمون.
.jpg)
في أنواع أخرى من البصارة، يتم استبدال الفول بالبازلاء المجففة. هذه النسخة أكثر نعومة وأسهل في التحضير، حيث لا تحتاج البازلاء إلى النقع طوال الليل.
سواء تم تقديمها كحساء أو كمهروس كثيف، تظل البصارة طبقًا مغربيًا شتويًا محبوبًا، يُستمتع به في المنزل أو عند بائع البصارة المحلي، ساخنًا ومعطرًا في برودة الصباح.


تعليقات
0