جريدة البديل السياسي -بقلم: خالد قدومي
– الإستبداد يلد الظلامية.
ثمة أقوال تلاحقك مضامينها حتى ولو مر على قولها عقود. أقوال تلامس الواقع الراهن بدقة رغم أن قائلها لم يعد سوى ذكرى، ولكن تبقى كلماته كريشة ترسم حاضرنا بتفاصيله الدقيقة مثل نبي علم بالمآل الذي ينتظرنا ان خالفنا ميعادنا مع التاريخ. وإحدى المقولات الموشومة في ذاكرتي قالها محمد حسين هيكل على سبيل النعي ( بمناسبة وفاة بعض القادة ” الأشقاء “)،حيث عبر عن إندهاشه الكبير حين اكتشف أن ضحاياهم من سياسة التجهيل لم تقتصر فقط على شعوبهم التي حرموها من التعليم والتكوين ،بل مست حتى أبنائهم الذين أصبحوا عرضة للمسخرة بسبب تدني مستواهم المعرفي!.
وما دام الجهل سيد اللحظة الذي أنجبه هذا المسلسل السياسي الذي قوض التعليم في مجمل دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فلا غرابة أن تبرز إلى الوجود حركات دينية ماضوية ترفض العصر وتحارب العلوم. حركات تتغذى بالأمية. حركات دموية تلغي الآخر ولا تؤمن بالتعددية. حركات لا تاريخية. وما تشهده سوريا حاليا من إعدامات خارج القانون وبطرق همجية لا توازيها في البشاعة سوى جرائم الكيان ال..ص..هيوني، يجعلنا ندق ناقوس الخطر ليتحمل الجميع مسؤوليته قبل أن يزحف الظلام إلى بيوتنا ونندم على فوات أوان الردع. كما أن القول بأن سوريا بعيدة، ووضعها مختلف بسبب تعدد الديانات والمذاهب والطوائف والفرق…هو مجانب للصواب ومبالغ في الاطمئنان، لأن آفة تزاوج الأمية بالاستبداد وما تولد عنهما من غياب للدولة المدنية المبنية على الديمقراطية وحقوق الإنسان، فتح المجال لخفافيش الظلام كي تنفرد بالساحة،مستغلة المساجد أو مقرات جمعيات واجهتها خيرية لكن أهدافها تعبوية ظلامية، خاصة حين يتعذر لها تأسيس أحزاب تنشد مخططاتها التخريبية.
أمام هذا الوضع الخطير الذي لا يستثنينا، والذي يتطلب منا الحزم السريع من خلال انخراطنا، كل من موقعه، للتعبئة الشاملة بغية إنقاذ البلاد من المخاطر الناجمة عن دولة الإستبداد المبنية على الشرعية الدينية الممهدة والمغذية للظلامية المرعبة،قصد مجابهتها بالفكر العقلاني وليد التعليم الحداثي والثقافة الحية المتنورة والضرورية لخلق مجتمع سلمي متحضر في دولة ديمقراطية حرة.
تعليقات
0