الأستاذ نور الدين اكعوش: شعلة لا تنطفئ بين القانون والاغتراب في حي لعري نشيخ بمدينة الناظور.
بقلم الأستاذ جمال الغازي – جريدة البديل السياسي
نور الدين اكعوش: شعلة لا تنطفئ بين القانون والاغتراب في حي لعري نشيخ بمدينة الناظور.
حيث تختلط أصوات الأطفال مع همسات الرياح، وُلد نور الدين اكعوش عام 1957.
هناك، بين أزقة الحي الصاخب، خطّت الطفولة أولى فصول حياة ستزهر بالنضج والعطاء.
ومع عام 1966، حملته الأيام إلى الحي العسكري قرب شارع طنجة، حيث صاغت المدينة في قلبه أحلامها، وتركته يتنقل بين ظلال الماضي ووهج المستقبل.
مثل نهر يسقي الأرض العطشى، كانت رحلة نور الدين التعليمية تسقي عقله النهم للعلم.
تنقل بين مدارس الناظور: ابن خلدون، ثم الكندي، وصولا إلى ثانوية عبد الكريم الخطابي، حيث تخرج بشهادة البكالوريا عام 1978.
لكن العلم لم يكن وحده نبض حياته؛ فقد انجذب إلى أفكار الاتحاد الاشتراكي، مستلهما قيم العدالة والحرية، ومشاركا بفاعلية في أنشطة جمعية الانطلاقة الثقافية، التي كانت آنذاك حاضنة للإبداع والفكر التقدمي
. في جامعة وجدة، تعمّقت رؤيته، وحصل على الإجازة في القانون عام 1982.
لم يكن ذلك سوى خطوة أولى نحو بلوغ مجد المحاماة، إذ نال أهلية المحاماة عام 1987، حاملا شعلة العدالة بين يديه، ومهيئا لخوض معاركها بجرأة وإيمان.
على منصات المحاكم، كان الأستاذ نور الدين اكعوش ينسج مرافعاته بشجاعة وثبات تنصف المظلومين.
مارس المحاماة حتى عام 2008، وخلال تلك السنوات، كان صوت من لا صوت له، يدافع بلا تردد أو مقابل، ويحمل على عاتقه آلام الآخرين وكأنها أوجاعه الخاصة.
لم يكن مقيدا بسجلات المحاكم فقط؛ فقد كان عضوا نشيطا في نقابة المحامين فرع الناظور، ومن زوار كراج التقدم والاشتراكية قرب ثانوية الخطابي هناك.
حيث التقى بجيل ذهبي من المثقفين والمناضلين، مثل عبد الصادقي والتجريوي، بوثكيوت …. الصحراوي … العباسي…. صلو .. العمراني الطيب..الخ ، كان يُصقل فكره السياسي والثقافي.
حتى في المجال السياسي، خاض غمار الانتخابات المحلية في الحي المدني، ليكون شاهدا على التحولات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها الناظور.
في عام 2008، دفعت الظروف العائلية نور الدين إلى مغادرة الوطن والاستقرار في فرنسا.
لكن الروح التي اعتادت العطاء لم تعرف الراحة؛ فانخرط في العمل الجمعوي ضمن جمعية المغاربة في فرنسا، التي تحوّلت لاحقا إلى جمعية العمال المغاربيين.
هناك، ظل قلبه معلقا بالناظور، كأنه طائر يطير بعيدا ولكنه لا ينسى عشه الأول.
اقول من يعرف نور الدين اكعوش لا يمكنه إلا أن يتذكره بابتسامته التي كانت كالشمس تشرق في قلوب من حوله.
كان وجهه لوحة من الألفة، وصدره موئلا لكل من يبحث عن الراحة. أصدقاؤه يتحدثون عنه بمحبة عارمة: “نور الدين هو من تلك الوجوه التي تجعلك تحب الحياة.
أنيق في حضوره، راق في فكره، ومتواضع في تعامله. كان يزرع البهجة كأنه غصن زيتون أخضر في أرض عطشى.” لا تزال سيرة نور الدين اكعوش كنبع صاف يروي أجيالا من المحامين والمثقفين.
هو الإنسان الذي حمل هموم وطنه على كتفيه، وغرس في مغتربه بذور الأمل والعطاء. مهما ابتعدت خطواته عن الناظور، ظلّ صداها يتردد في أرجائها. تحية إجلال لهذا الوجه النير، ودعواتنا أن يديم الله عليه الصحة والعافية، ليبقى شعلة لا تنطفئ، تلهم من عرفوه ومن سيسمعون عنه.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار