اجتمــاعيات

الأستاذ طلحة عبد القادر: مسيرة فكرية ونضالية بين السياسة والتعليم .

الكاتب  الاستاذ جمال الغازي- جريدة البديل السياسي 

 

طلحة عبد القادر، من مواليد 13 يوليو 1953 بمنطقة بني بويفرور، الناظور، ابن أسرة متواضعة تتكون من عشرة أفراد، خمسة إناث وخمسة ذكور.

هو الابن الثاني بعد وفاة شقيقه الأكبر محمد في سن مبكرة. نشأ طلحة في أسرة تمزج بين الأصالة والحداثة، واستقى منها قيم الكفاح والاجتهاد.

بدأ مسيرته التعليمية في أزغنغان، بمدرسة سيدي أحمد عبد السلام، لينتقل بعد ذلك إلى إعدادية الكندي بالناظور ثم الثانوية الشريف أمزيان وعبد الكريم الخطابي، حيث حصل على شهادة البكالوريا سنة 1974، في وقت كان فيه طلاب الناظور يجتازون امتحاناتهم في مدينة وجدة.

منذ بداياته، أظهر طلحة اهتمامًا كبيرًا بالثقافة والفن، إذ تولى مسؤولية الأنشطة الثقافية في المدرسة الداخلية سنة 1972، وأسس فرقة مسرحية قدّمت عروضها في السينما المحلية. في سنة 1974، هاجرت عائلته إلى ألمانيا في إطار التجمع العائلي، فيما التحق هو بجامعة محمد بن عبد الله بفاس لدراسة الفلسفة.

خلال هذه المرحلة، تعرف على التيارات السياسية والنضالية، إذ انخرط في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ثم في صفوف منظمة 23 مارس السرية، التي شكلت وعيه السياسي وأطلعته على الفكر الماركسي.

رغم تركيزه على الدراسة، لم يكن بعيدًا عن الأحداث الوطنية، حيث شهد عن كثب تطورات البلاد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. تأثر بأساتذة مرموقين مثل الدكتور محمد سبيلا، والدكتور جمال الدين العلوي، وسعيد بن سعيد العلوي، الذين أثروا فيه بفكرهم وفلسفتهم.

بعد حصوله على الإجازة في الفلسفة سنة 1978، واصل دراسته في سلك الدكتوراه حيث كان يحضر لبحثه حول الفيلسوف ألتوسير، إلا أن الظروف المادية اضطرته إلى دخول ميدان التعليم، فعين في الدار البيضاء سنة 1980. هناك كان شاهدا على أحداث يونيو 1981، التي عمّقت فهمه للصراع الطبقي وأبعاد التهميش الذي طال الطبقة العاملة.

انتقل لاحقا إلى الناظور وبدأ تدريس الفلسفة والفكر الإسلامي بثانوية طه حسين في أزغنغان سنة 1983.

تزامن ذلك مع أحداث 1984 الدامية، التي جعلته يلتزم أكثر بالنضال السياسي، فكان من المؤسسين للجنة المحلية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي. خلال مسيرته النقابية، تولى مسؤوليات مهمة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكان شاهدًا على تطورات سياسية ونقابية كبرى في المغرب.

شارك في تأسيس البديل الديمقراطي وساهم في بناء الحركة النقابية في الناظور.

بعد سنوات طويلة من العمل السياسي والنقابي، وتولي مناصب تربوية مختلفة، أُكرم بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة عند تقاعده.

واليوم رغم اعتزاله العمل السياسي المباشر بسبب ظروف صحية، لا يزال الأستاذ طلحة حاضرًا من خلال كتاباته ونشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يواصل مشاركة أفكاره وتحليلاته حول القضايا العامة.

اقول : يظل الأستاذ طلحة عبد القادر رمزا للشخصية المثقفة والمناضلة، التي استطاعت أن تجمع بين الفعل التربوي والنضال السياسي والاجتماعي.

تجربته الحياتية والنضالية تبرز مكانته كقامة ثقافية وسياسية، ليس فقط في الناظور، بل على مستوى المغرب ككل.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار